موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- نماذِجُ من الأُلفةِ عِندَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم


من صُوَرِ الأُلفةِ عِندَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم:
1- عن عائِذِ بنِ عَمرٍو: (أنَّ أبا سُفيانَ أتى على سَلمانَ وصُهَيبٍ وبِلالٍ في نَفَرٍ، فقالوا: واللهِ ما أخَذَت سُيوفُ اللهِ مِن عُنُقِ عَدُوِّ اللهِ مَأخَذَها! قال: فقال أبو بكرٍ: أتقولون هذا لشَيخِ قُرَيشٍ وسَيِّدِهم؟) [743] أخرجه مسلم (2504) ، قال أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه ذلك تألُّفًا لأبي سُفيانَ وتعظيمًا؛ ليَسكُنَ الإيمانُ في قَلبِه، ويميلَ إلى المؤمِنين ويُوادَّهم [744] ((دليل الفالحين)) لابن علان (3/ 79). .
2- وعن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: (دخَلْتُ على حَفصةَ ونَسْواتُها [745] ضفائِرُ شَعْرِها. يُنظر: ((مصابيح الجامع)) للدماميني (8/ 38). تَنطُفُ [746] تقطُرُ ماءً. يُنظر: ((غريب الحديث)) للخطابي (2/ 589). ، قُلتُ: قد كان من أمرِ النَّاسِ ما تَرَينَ، فلم يُجعَلْ لي من الأمرِ شَيءٌ، فقالت: الحَقْ فإنَّهم ينتَظِرونَك، وأخشى أن يكونَ في احتباسِك عنهم فُرقةٌ، فلم تدَعْه حتى ذَهَب، فلمَّا تفَرَّق النَّاسُ خَطَب مُعاويةُ قال: من كان يريدُ أن يتكَلَّمَ في هذا الأمرِ فلْيُطلِعْ لنا قَرْنَه، فلنحن أحقُّ به منه ومن أبيه! قال حبيبُ بنُ مَسلَمةَ: فهلَّا أجَبْتَه؟ قال عبدُ اللهِ: فحَلَلْتُ حُبْوَتي [747]  الحُبْوةُ: ثَوبٌ يُلقى على الظَّهرِ ويُربَطُ طَرَفاه على السَّاقينِ بَعدَ ضَمِّهما. يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (7/ 404). ، وهمَمْتُ أن أقولَ: أحَقُّ بهذا الأمرِ منكَ مَن قاتَلَك وأباك على الإسلامِ! فخَشِيتُ أن أقولَ كَلِمةً تُفَرِّقُ بَينَ الجَمعِ، وتَسفِكُ الدَّمَ، ويُحمَلَ عنِّي غيرُ ذلك، فذكَرْتُ ما أعَدَّ اللهُ في الجِنانِ، قال حبيبٌ: حُفِظْتَ وعُصِمْتَ) [748] أخرجه البخاري (4108) ، فحَلَّ حُبْوتَه ليتكَلَّمَ ويَرُدَّ على معاويةَ، فخاف أن يكونَ قولُه سببًا لتفريقِ الجماعةِ، فسَكَت [749] ((كشف المشكل)) لابن الجوزي (2/ 576). .
3- قالت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أتيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخَزيرةٍ [750] لحم يُقطَّعُ صِغارًا ويُصَبُّ عليه ماءٌ كثيرٌ، فإذا نَضِج ذُرَّ عليه الدَّقيقُ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/ 28). طبَخْتُها له، فقُلتُ لسَودةَ -والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَينَي وبَينَها-: كُلِي، فأَبَتْ، فقُلتُ: لتأكُلِنَّ أو لألطَخَنَّ وَجْهَكِ، فأبَتْ، فوَضَعْتُ يدي في الخزيرةِ فطَلَيتُ بها وَجْهَها! فضَحِك النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وقال لسَودةَ: الطَخِي وَجْهَها، فلَطَخَت وَجْهي، فضَحِكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيضًا)) [751] أخرجه أبو يعلى (4476)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (44/90) واللَّفظُ له. حسَّنه الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (1562)، وحسَّن إسنادَه الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (7/363)، وجَوَّده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (3/160). .
4- عن أُسَيدِ بنِ حُضَيرٍ؛ رَجُلٍ مِنَ الأنصارِ، قال: (بَينَما هو يُحَدِّثُ القومَ، وكان فيه مُزاحٌ، بَينَا يُضحِكُهم ...) الحديث [752] أخرجه أبو داود (5224)، والبيهقي (13970) واللَّفظُ لهما، والطَّبراني (1/205) (559) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّح إسنادَه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (5224)، وحَسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((شرح السنة)) (10/169). .
5- عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أمَرَ أبي بخَزيرةٍ فصُنِعَت، ثمَّ أمرني، فحَمَلْتُها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأتيتُه وهو في منزلِه، فقال: ما هذا يا جابِرُ، ألحْمٌ ذا؟ قُلتُ: لا، ولكِنَّها خَزيرةٌ، فأمَرَ بها فقُبِضَت، فلمَّا رجَعْتُ إلى أبي قال: هل رأيتَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ فقُلتُ: نعَمْ، فقال: هل قال شيئًا؟ فقُلتُ: نعَمْ، قال: ما هذا يا جابِرُ ألحْمٌ ذا؟ فقال أبي: عسى أن يكونَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد اشتهى اللَّحْمَ، فقام إلى داجِنٍ له فذَبَحَها، ثمَّ أمر بها فشُوِيَت، ثمَّ أمَرَني، فحمَلْتُه إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فانتَهَيتُ إليه وهو في مجلِسِه ذلك ... فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: جزى اللهُ الأنصارَ عنا خيرًا، ولا سِيَّما عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ حَرامٍ، وسَعدِ بنِ عُبادةَ)) [753] أخرجه أبو يعلى (2079)، وابن حبان (7020) واللَّفظُ له، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (5895). صحَّحه ابنُ حِبَّان، وابنُ حَجَر كما في ((الفتوحات الربانية)) لابن علان (5/251)، والألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (461)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (7020) وأخرجه من طريقٍ آخَرَ: أحمد (14581) بلفظِ: عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ قال: (صنَعْنا لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَخَّارةً، فأتيتُه بها، فوضَعْتُها بَينَ يدَيه، فاطَّلَع فيها، فقال: حَسِبْتُه لحمًا! فذكَرْتُ ذلك لأهْلِنا، فذبحوا له شاةً). صحَّحه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (22/ 437). .
7- عن ثابتٍ البُنانيِّ: (أنَّ أبا بَرْزةَ نَضلةَ بنَ عُبَيدٍ كان يَلبَسُ الصُّوفَ، فقال له رجلٌ: إنَّ أخاك عائِذَ بنَ عَمرٍو يَلبَسُ الخَزَّ، وهو يَرغَبُ عن لِباسِك، قال: وَيْحَك! ومَن مِثلُ عائِذٍ؟ ليس مِثلَه! ثمَّ أتى عائِذًا، فقال: إنَّ أخاك أبا بَرْزةَ يَلبَسُ الصُّوفَ، وهو يَرغَبُ عن لِباسِك، قال: وَيْحَك! ومَن مِثلُ أبي بَرْزةَ؟ ليس مِثْلَه! فمات أحَدُهما، فأوصى أن يُصَلِّيَ عليه الآخَرُ) [754] ((الطبقات الكبير)) لابن سعد (5/ 203).   .
8- عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ قال: (دخل أبو بكرٍ يَستأذِنُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فوجد النَّاسَ جُلوسًا ببابِه، لم يُؤذَنْ لأحَدٍ منهم، قال: فأذِنَ لأبي بكرٍ، فدخَل، ثمَّ أقبل عُمَرُ، فاستأذَن فأُذِنَ له، فوَجَد النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسًا حولَه نِساؤُه، واجِمًا ساكِتًا، قال: فقال: لأقولَنَّ شَيئًا أُضحِكُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [755] أخرجه مسلم (1478).   .

انظر أيضا: