موسوعة الأخلاق والسلوك

و- المُداراةُ عندَ العُلَماءِ المُعاصِرينَ


عبدُ الرَّزَّاق عفيفي:
(كان من أنصَحِ النَّاسِ للنَّاسِ؛ فإذا رأى على أحدٍ خَطَأً أو ملحوظةً يُنَبِّهُه على ذلك بحُسنِ أدَبٍ وبحُسنِ منطِقٍ، وبحُجَّةٍ وبُرهانٍ، لا ينتَصِرُ لنفسِه ولا لرأيه، ولا يُسفِّهُ في التَّعامُلِ مع المخالِفِ أو عليه بالكلامِ البذيءِ أو الفاحِشِ من القولِ، بل يدعو بالتي هي أحسَنُ رحمه اللهُ، حتَّى إنَّ بعضَ تلاميذِه في رسائِلِ الماجستير والدُّكتوراه يُثبِتون أنَّهم يخالِفونَه في مسائِلَ، ومع ذلك يجِلُّهم ويُقَدِّرُهم ويحترمُهم، ويجعلُ ذلك منهم مَزِيَّةً على غيرِهم؛ لأنَّهم متمَكِّنون وحريصون على إثباتِ شَخصيَّاتِهم العِلميَّةِ، أمَّا الموقِفُ من المخالِفِ إذا كان في أمورِ الاعتقادِ فإنَّ الشَّيخَ يُبَيِّنُ ويُوضِّحُ المسائِلَ ولا يجامِلُ أحدًا، ولا يعرِفُ المداهنةَ، لكنَّه يُداري، المُداراةُ محمودةٌ، والمداهنةُ مذمومةٌ، لا يُداهِنُ وَجيهًا لجاهِه، ولا غنيًّا لغِناه، ولا شريفًا ولا كبيرًا لكِبَرِه ومنزلتِه، لكِنَّه يُبَيِّنُ بالحُسنى ويتلطَّفُ مع النَّاسِ بالأُسلوبِ الحَسَنِ، ويَصِلُ إلى ما يريدُ بالأسلوبِ المناسِبِ حتَّى مع الجماعاتِ المخالفةِ، يُبَيِّنُ ما لها وما عليها) [8321] ((الشيخ عبد الرزاق عفيفي حياته العلمية وجهوده الدعوية وآثاره الحميدة)) لمحمد أحمد سيد (ص: 95). .
ابنُ عُثيمين:
قال إحسانُ بنُ محمَّد العتيبي: (جاءه عامِّيٌّ أثناءَ دَرسِه في الحَرَمِ، وهو جالسٌ على كُرسيِّه مِن خَلفِه، والشَّيخُ يشرَحُ ويُدرِّسُ، فقَرُب هذا العامِّيُّ من الشَّيخِ وتخطَّى الرِّقابَ، حتَّى وصل إلى الشَّيخِ مِن خَلفِه، فكأنَّه أرعب الشَّيخَ قليلًا؛ لأنَّه جاءه من الخَلفِ. قال العامِّيُّ: عندي سؤالٌ يا شيخُ! قال الشَّيخُ: وراك، تسَوَّرْتَ المحرابَ! أو كلمةً نحوَها، ثمَّ أصرَّ العامِّيُّ على السَّؤالِ، ولم يعرِفْ طبيعةَ الدَّرسِ، والشَّيخُ يمازحُه ويلاطِفُه ويمتنِعُ عن الإجابةِ. فلمَّا أصرَّ العامِّيُّ توجَّه الشَّيخُ للطَّلَبةِ وقال: هل تسمَحون له بالسُّؤالِ؟ فكلُّهم أجاب: نعم نسمَحُ، فسأل العامِّيُّ، وأجاب الشَّيخُ وانصرف) [8322] ((الدر الثمين في ترجمة فقيه الأمة العلامة ابن عثيمين)) لعصام عبد المنعم المري (ص: 275-276). .

انظر أيضا: