موسوعة الأخلاق والسلوك

سابعًا: الوسائِلُ المعينةُ على اكتِسابِ الفِطنةِ والذَّكاءِ


1- الإيمانُ:
الإيمانُ طريقٌ عظيمٌ مِن طُرُقِ اكتِسابِ الفِطنةِ؛ يقولُ الطَّاهِرُ بنُ عاشورٍ: (الإيمانُ يزيدُ الفِطنةَ؛ لأنَّ أصولَ اعتقادِه مبنيَّةٌ على نبذِ كُلِّ ما من شأنِه تضليلُ الرَّأيِ، وطَمسُ البصيرةِ) [7513] ((التحرير والتنوير)) (1/275). .
ومن وسائِلِ اكتِسابِها أيضًا: التَّفقُّهُ في الدِّينِ، وطلَبُ العِلمِ الذي ينيرُ البصيرةَ، ويعمِلُ الفِكرَ، ويُنَمِّي الفِطنةَ.
2- إعمالُ الفِكرِ ومحاولةُ الفَهمِ وكثرةُ القراءةِ:
ومن الوسائِلِ أيضًا: محاولةُ التَّفكُّرِ في الأشياءِ وفَهمِها، وإعمالُ الفِكرةِ فيها؛ فإنَّ ذلك ينمِّي الفِطنةَ. يقولُ ابنُ القَيِّمِ: (الفِكرُ هو الذي ينقُلُ من موتِ الفِطنةِ إلى حياةِ اليَقَظةِ) [7514] ((مفتاح دار السعادة)) (1/183). .
وقال حكيمٌ: (التدَبُّرُ والتَّفكُّرُ يبعثانِ على الفِطنةِ ويَكشِفانِ الحَزمَ) [7515] ((التذكرة الحمدونية)) (3/ 316). .
ونَظَر المأمونُ إلى ابنِه الفَضلِ، وهو ينظُرُ في كتابٍ، فقال له: ما هذا يا بُنيَّ؟ قال: يا أميرَ المُؤمِنينَ هذا بعضُ ما يَشحَذُ الفِطنةَ، ويُؤنِسُ من الوَحدةِ، فقال: الحَمدُ للهِ الذي رزَقَني مِن ولَدي من يرى بعينِ عَقلِه أكثَرَ ممَّا يرى بعَينِ جِسمِه [7516] ((التذكرة الحمدونية)) (5/ 412). !
3- تَرْكُ فُضولِ الطَّعامِ والشَّرابِ والنَّومِ:
فإنَّ فُضولَ هذه الأشياءِ تجعَلُ الفِكرَ راكِدًا خامِلًا، لا يكادُ يتفَطَّنُ للأشياءِ إلَّا بصعوبةٍ بالغةٍ، ومشقَّةٍ شديدةٍ.
قال الشَّافعيُّ: (ما شَبِعتُ منذُ سِتَّ عَشرةَ سَنةً إلَّا شبعةً اطَّرَحْتُها، يعني فطَرحتُها؛ لأنَّ الشِّبَعَ يُثقِلُ البَدَنَ، ويُقَسِّي القلبَ، ويُزيلُ الفِطنةَ، ويجلِبُ النَّومَ، ويُضعِفُ صاحِبَه عن العبادةِ) [7517] ((آداب الشافعي ومناقبه)) لابن أبي حاتم (ص: 78). .
وعن مكحولٍ: (خِصالٌ ثلاثٌ يحِبُّها اللهُ عزَّ وجَلَّ، وثلاثٌ يُبغِضُها اللهُ عزَّ وجَلَّ؛ فأمَّا اللَّاتي يحُّبها: فقِلَّةُ الأكلِ، وقِلَّةُ النَّومِ، وقِلَّةُ الكلامِ، وأمَّا اللَّاتي يُبغِضُ: فكَثرةُ الأكلِ، وكَثرةُ الكلامِ، وكثرةُ النَّومِ؛ فأمَّا النَّومُ فإنَّ في مداومتِه طُولَ الغفلةِ، وقِلَّةَ العَقلِ، ونُقصانَ الفِطنةِ، وسَهوةَ القَلبِ) [7518] ((قوت القلوب)) لأبي طالب المكي (1/175). .
قال شمسُ الدِّينِ السَّفَّارينيُّ: (والبِطنةُ تُذهِبُ الفِطنةَ، وتجلِبُ أمراضًا عَسِرةً، ومقامُ العَدلِ ألَّا يأكُلَ حتى تصُدَّ الشَّهوةُ، وأن يرفَعَ يَدَه وهو يشتهي الطَّعامَ) [7519] ((غذاء الألباب)) (2/116). . وقال أبو حامدٍ الغزاليُّ: (الشِّبَعُ يُثقِلُ البدَنَ ويُقَسِّي القَلبَ، ويُزيلُ الفِطنةَ، ويجلِبُ النَّومَ، ويُضعِفُ صاحِبَه عن العبادةِ) [7520] ((إحياء علوم الدين)) (1/24). .
و(الجوعُ إذا ساعدَتْه القناعةُ فهو من مَزرعةِ الفِكرِ، ويَنبُوعِ الحِكمةِ، وحياةِ الفِطنةِ، ومِصباحِ القَلبِ) [7521] ((الرسالة القشيرية)) للقشيري (1/127). .
4- محاسَبةُ النَّفسِ:
ومِن وسائِلِ اكتسابِ هذه الصِّفةِ: محاسَبةُ النَّفسِ؛ قال الحارِثُ بنُ أسَدٍ: (المحاسَبةُ تورِثُ الزِّيادةَ في البصيرةِ، والكَيسَ في الفِطنةِ، والسُّرعةَ إلى إثباتِ الحُجَّةِ، واتِّساعِ المَعرِفةِ) [7522] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (10/88). .

انظر أيضا: