موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ العِزَّةِ وبعضِ الصِّفاتِ


الفَرْقُ بَيْنَ العِزَّةِ والشَّرَفِ:
أنَّ العِزَّةَ تتضمَّنُ معنى الغلَبةِ والامتناعِ، فأمَّا قولُهم: عزَّ الطَّعامُ فهو عزيزٌ، فمعناه: قلَّ حتَّى لا يُقدَرَ عليه، فشُبِّه بمن لا يُقدَرُ عليه؛ لقُوَّتِه ومَنعتِه؛ لأنَّ العِزَّ بمعنى القِلَّةِ. والشَّرَفُ إنَّما هو في الأصلِ شَرَفُ المكانِ، ومنه قولُهم: أشرَفَ فلانٌ على الشَّيءِ: إذا صار فوقَه، ومنه قيل: شُرفةُ القَصرِ، وأشرَف على التَّلَفِ: إذا قارَبه، ثمَّ استُعمِل في كَرَمِ النَّسَبِ، فقيل للقُرَشيِّ: شريفٌ. وكُلُّ مَن له نَسَبٌ مذكورٌ عِندَ العرَبِ: شريفٌ. ولهذا لا يُقالُ للهِ تعالى: شريفٌ، كما يُقالُ له: عزيزٌ [6348] ((نضرة النعيم)) (6/2344). .
الفَرْقُ بَيْنَ العِزَّةِ والكِبرِ:
قال الرَّازيُّ في بيانِ الفَرْقِ بَيْنَ العِزَّةِ والكِبرِ نَقلًا عن بعضِهم: (العِزَّةُ غيرُ الكِبرِ، ولا يَحِلُّ للمُؤمِنِ أن يُذِلَّ نفسَه؛ فالعِزَّةُ معرفةُ الإنسانِ بحقيقةِ نفسِه وإكرامُها عن أن يضَعَها لأقسامٍ عاجلةٍ دُنيويَّةٍ كما أنَّ الكِبرَ جهلُ الإنسانِ بنفسِه، وإنزالُها فوقَ مَنزلِها؛ فالعِزَّةُ تُشبِهُ الكِبرَ من حيثُ الصُّورةُ، وتختلِفُ من حيثُ الحقيقةُ، كاشتباهِ التَّواضُعِ بالضَّعةِ، والتَّواضعُ محمودٌ، والضَّعةُ مذمومةٌ، والكِبرُ مذمومٌ، والعِزَّةُ محمودةٌ) [6349] ((مفاتيح الغيب)) للرازي (30/ 549). .
فالفَرْقُ بَيْنَ الكِبرِ والعِزَّةِ: أنَّ الكِبرَ ترفُّعٌ بالباطِلِ، والعِزَّةَ: ترفُّعٌ بالحقِّ [6350] ((آفات على الطريق)) لسيد محمد نوح (ص: 105). .
وأيضًا الفَرْقُ بَيْنَ العِزَّةِ والكِبرِ من جهةِ الدَّافعِ؛ فالدَّافِعُ للعِزَّةِ إكرامُ النَّفسِ وطَلَبُ مَرضاةِ اللَّهِ، والدَّافعُ للكِبرِ ازدراءُ الخَلقِ والتَّعالي عليهم وإشباعُ رَغَباتِ النَّفسِ.
وأيضًا الفَرْقُ بَيْنَهما من ناحيةِ ما يقترنُ بهما؛ فالعِزَّةُ تقترنُ بالعَفوِ والرَّحمةِ والعَدلِ والإيمانِ، بخِلافِ الكِبرِ؛ فإنَّه يقترِنُ بالتَّعالي والظُّلمِ والغُرورِ [6351] يُنظَر: ((العزة في القرآن الكريم)) لوائل بن محمد (ص: 61). .

انظر أيضا: