موسوعة الأخلاق والسلوك

د- نَماذِجُ مِنَ الصَّبرِ عِندَ السَّلَفِ


- عُروةُ بنُ الزُّبَيرِ وصَبرُه على الابتِلاءِ:
(وقَعَت الأَكِلةُ [5654] الأَكِلةُ: داءٌ يقعُ في العُضوِ فيأتكِلُ منه. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/22). في رِجلِ عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ، فصَعِدَت في ساقِه، فبَعَثَ إليه الوليدُ، فحُمِل إليه ودَعا الأطِبَّاءَ، فقالوا: ليسَ له دَواءٌ إلَّا القَطعُ! وقالوا له: اشرَبِ المُرقِدَ [5655] المُرقِدُ: شيءٌ يُشرَبُ فيُنَوِّمُ مَن شَرِبه ويُرقِدُه. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (3/183). ، فقال عُروةُ للطَّبيبِ: امضِ لشَأنِك، ما كُنتُ أظُنُّ أنَّ خَلقًا يشرَبُ ما يُزيلُ عَقلَه حتَّى يُعرَفَ به! فوضَعَ المِنشارَ على رُكبَتِه اليُسرى، فما سُمِعَ له حِسٌّ! فلمَّا قَطَعَها جَعَل يقولُ: لئِن أخَذتَ لقد أبقَيتَ، ولئِن ابتَلَيتَ لقد عافَيتَ، وما تَرَك جزأَه مِنَ القُرآنِ تلك الليلةَ! قال الوليدُ: ما رَأيتُ شَيخًا قَطُّ أصبرَ مِن هذا. ثُمَّ إنَّه أُصيبَ بابنِه مُحَمَّدٍ في ذلك السَّفرِ، رَكضَتْه بَغلةٌ في إصطَبلٍ، فلم يُسمَعْ مِن عُروةَ في ذلك كَلِمةٌ! فلمَّا كان بوادي القُرى قال: لقينا مِن سَفرِنا هذا نَصبًا! اللهمَّ كان لي بنون سَبعةٌ، فأخَذتَ واحِدًا وأبقَيتَ لي سِتَّةً، وكان لي أطرافٌ أربَعةٌ، فأخَذت واحِدًا وأبقَيت ثَلاثةً، ولئِن ابتَلَيتَ لقد عافَيتَ، ولئِن أخَذتَ لقد أبقَيتَ) [5656] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (4/430). .
- مُطَرِّفُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ وصَبرُه على مَوتِ ولدِه:
عن ثابتٍ قال: ماتَ عَبدُ اللهِ بنُ مُطَرِّفٍ، فخَرَجَ مُطَرِّفٌ على قَومِه في ثيابٍ حَسَنةٍ وقد ادَّهَنَ، فغَضِبوا وقالوا: يموتُ عَبدُ اللهِ ثُمَّ تَخرُجُ في ثيابٍ مِثلِ هذه مُدَّهِنًا! قال: فأستَكينُ لها وقد وعَدَني رَبِّي تبارك عليها ثَلاثَ خِصالٍ، كُلُّ خَصلةٍ مِنها أحَبُّ إليَّ مِنَ الدُّنيا كُلِّها؟ قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة: 156-157] فأستَكينُ لها بَعدَ هذا [5657] ((صفة الصفوة)) لابن الجوزي (2/ 132). ؟
- وعنِ الحَسَنِ قال: (سَبَّ رَجُلٌ رَجُلًا مِنَ الصَّدرِ الأوَّلِ، فقامَ الرَّجُلُ وهو يمسَحُ العَرَقَ عن وجهِه، وهو يتلو: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلَكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: 43] ، قال الحَسَنُ: عَقَلها واللهِ وفَهِمها إذ ضَيَّعَها الجاهِلونَ!) [5658] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((الصبر والثواب عليه)) (120، 121). .

انظر أيضا: