موسوعة الأخلاق والسلوك

هـ- نَماذِجُ مِنَ الصَّبرِ عِندَ العُلماءِ المُتَقدِّمينَ


صَبرُ الإمامِ أحمَدَ بنِ حَنبَلٍ على مِحنةِ خَلقِ القُرآنِ:
(أخِذَ أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ في مِحنةِ خَلقِ القُرآنِ أيَّامَ المَأمونِ؛ ليُحمَلَ إلى المَأمونِ ببلادِ الرُّومِ، وأُخِذَ مَعَه أيضًا مُحَمَّدُ بنُ نوحٍ مُقَيَّدينِ، وماتَ المَأمونُ قَبل أن يلقاه أحمَدُ، فرُدَّ أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ ومُحَمَّدُ بنُ نوحٍ في أقيادِهما، فماتَ مُحَمَّدُ بنُ نوحٍ في الطَّريقِ، ورُدَّ أحمَدُ إلى بَغدادَ مُقَيَّدًا.
ودَخَل على الإمامِ أحمَدَ بَعضُ حُفَّاظِ أهلِ الحَديثِ بالرَّقَّةِ وهو مَحبوسٌ، فجَعَلوا يُذاكِرونَه ما يُروى في التَّقيَّةِ مِنَ الأحاديثِ، فقال أحمَدُ: وكيف تَصنَعونَ بحَديثِ خَبَّابٍ: ((إنَّ مَن كان قَبلَكم كان يُنشَرُ أحَدُهم بالمِنشارِ، ثُمَّ لا يصُدُّه ذلك عن دينِه)) [5659] عن خَبَّابِ بنِ الأرَتِّ، قال: ((شَكَونا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهُو مُتوسِّدٌ بُردَةً له في ظِلِّ الكَعْبةِ، قُلنا له: ألَا تَسْتَنْصِرُ لنا؟ ألَا تَدْعو اللهَ لنا؟ قال: كان الرَّجلُ فيمَنْ قبلَكم يُحفَرُ له في الأرْضِ، فيُجعَلُ فيهِ، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ على رأسِهِ فيُشَقُّ باثْنتَينِ، وما يصُدُّه ذلك عن دِينِه، ويُمشَطُ بأمْشاطِ الحَديدِ ما دُونَ لَحمِه مِن عظْمٍ أو عَصَبٍ، وما يصُدُّهُ ذلك عن دِينِه، واللهِ لَيُتِمَّنَّ هذا الأمرَ، حتَّى يَسيرَ الرَّاكبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوتَ، لا يَخافُ إلَّا اللهَ أو الذِّئْبَ على غَنَمِه، ولكنَّكم تَستعجِلونَ)). رواه البخاري (3612). ؟ فيَئِسوا مِنه!
وقال إبراهيمُ البُوشَنجيُّ: ذَكروا أنَّ المُعتَصِمَ رَقَّ في أمرِ أحمَدَ، لَمَّا عُلِّقَ في العقابَينِ، ورَأى ثُبوتَه وتَصميمَه، وصَلابَتَه في أمرِه، حتَّى أغراه ابنُ أبي دؤادَ، وقال له: إن تَركتَه قيل: إنَّك تَرَكتَ مَذهَبَ المَأمونِ، وسَخِطتَ قَولَه، فهاجَه ذلك على ضَربِه!
وقال أبو غالبِ ابنُ بنتِ مُعاويةَ: ضُرِبَ أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ بالسِّياطِ في اللهِ، فقامَ مَقامَ الصِّدِّيقينَ، في العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ سَنةَ عِشرينَ ومِائَتَينِ) [5660] ((صلاح الأمة)) لسيد العفاني (4/409). .

انظر أيضا: