موسوعة الأخلاق والسلوك

و- نماذِجُ من الشَّهامةِ عندَ العُلَماءِ المُعاصرين وغيرِهم


- عبدُ الرَّزَّاقِ عفيفي:
يقولُ محمَّد أحمد سيد: (وأمَّا مروءتُه فهي بحرٌ زخَّارٌ ونهرٌ غَمرٌ، ولا شَكَّ أنَّ المروءةَ من شواهِدِ الفضلِ ودلائِلِ الكَرَمِ، وهي حِليةُ النُّفوسِ وزينةُ الهِمَمِ، إنَّ المروءةَ كَلِمةٌ يرادُ بها الشَّهامةُ والرُّجولةُ، ونُصرةُ المظلومِ وكفُّ يدِ الظَّالمِ، وبَذلُ الإحسانِ وقِرى الضَّيفِ، وكُلُّ هذه المعاني الحسَنةِ والخِلالِ الطَّيِّبةِ كانت من أبرَزِ سماتِ الشَّيخِ عبدِ الرَّزَّاقِ، بل كانت أُسَّ حياتِه ومِفتاحَ شَخصيَّتِه) [5510] ((الشيخ عبد الرزاق عفيفي حياته العلمية وجهوده الدعوية وآثاره الحميدة)) (ص: 95). .
- ابنُ بازٍ
قال محمَّدُ بنُ موسى: (حدَّثني الأخُ صلاحُ الدِّينِ عثمان أمينُ مكتبةِ المَنزِلِ لسماحةِ الشَّيخِ، يقولُ: كان سماحةُ الشَّيخِ ممسِكًا بيدي أهديه الطَّريقَ في يومٍ باردٍ، فلمَّا أحسَّ بأنَّ ثوبي خفيفٌ، قال: ما هذا؟ كيف تلبَسُ هذا الثَّوبَ والبَردُ شديدٌ كما ترى؟ ثمَّ قال: انتَظِرْني قليلًا، ثم دخل منزِلَه وأحضَرَ لي بِشتًا وأهداه إليَّ) [5511] ((جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله)) لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص: 234-235). .
ويقولُ محمَّدُ بنُ موسى: (كان أشَدَّ من الأبِ الحاني لطُلَّابِ الجامعةِ الإسلاميَّةِ، ما جالَستُ وما رأيتُ أحدًا مِثلَه في عُلُوِ الهِمَّةِ، والشَّهامةِ، والدِّينِ والغَيرةِ، ومكارِمِ الأخلاقِ) [5512] ((جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله)) لمحمد بن إبراهيم الحمد (ص: 237). .
- ابنُ عُثَيمين:
يقولُ وليد بن أحمد الحُسَين: (كما تتجَلَّى أروعُ الصِّفاتِ في منزِلِه، عندما كنَّا نُفطِرُ عندَه في رمضانَ، وكان في مَنزِلِه الطِّين، فكنَّا نجلِسُ جميعًا إلى مائدةِ الإفطارِ يُدعى إليها بعضُ الفُقَراءِ، وأخُصُّ منهم  فاقِدِي البَصَرِ من كبارِ السِّنِّ، فيُجلِسُهم الشَّيخُ عن يمينِه وشمالِه، وربما أطعمَهم بنفسِه أو قرَّب إليهم ما هو بعيدٌ عنهم من اللَّحمِ أو الإدامِ، ويلاطِفُهم بالحديثِ، ويمزَحُ معهم، ويسألُهم عن أحوالِهم، وكان يُلزِمُنا بالإفطارِ عِندَه في رمضانَ عندما كنَّا قلائِلَ لا نزيدُ على خمسةِ طُلَّابٍ مُغتَرِبين في سَكَنِ الطَّلَبةِ) [5513] ((الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين)) (ص: 15-16). .
- شهامةُ رجلٍ في موقفٍ محرجٍ:
قال محمد بن إبراهيم الحمد: (في عام 1405 هـ كنتُ في رحلةٍ إلى الكويتِ للسَّلامِ على بعضِ الأقاربِ، وكان معي اثنانِ مِن الأصدقاءِ. ولمَّا وصَلْنا الكويتَ أرَدْنا الذَّهابَ إلى مكانٍ لصرافةِ النُّقودِ؛ لشراءِ عُملةٍ كويتيةٍ. ولكنِّي لاحظْتُ أنَّ وقودَ السَّيارةِ قد شارَف على الانتهاءِ، فخشِيتُ أنْ ينفدَ، فوقفْتُ عندَ أقربِ محطَّةٍ، ولما تزوَّدْنا مِن الوَقودِ، وأعطَيْنا العاملَ المبلغَ المقدَّرَ بالعملةِ السعوديةِ رفَض –وحُقَّ له- وقال: أريدُ عملةً كويتيةً. فحاوَلْنا معَه، وقلْنا له: دعْنا نذهَبْ إلى أقربِ صرَّافٍ ونأتيك بالمبلغِ، فرفَض، فصار كلُّ واحدٍ منَّا في جهةٍ يبحثُ عن شخصٍ يصرِفُ له العملةَ؛ لنتمكَّنَ مِن السَّدادِ.
وبينَما نحن كذلك صوَّت لنا عاملُ المحطَّةِ قائلًا: لقد انتَهَى موضوعُكم، فامضوا لشأنِكم، فقُلْنا: كيفَ ذلك؟ قال: أرأيتُم ذلك الرجلَ الذي سيركبُ سيارتَه؟ قلْنا: نَعمْ –وكان رجلًا بهيَّ الطلعةِ ذا لحيةٍ كثَّةٍ، ويلبسُ نظَّارةً وغترةً بيضاءَ كأنِّي أراه الآنَ-، قال العاملُ: سألني: ماذا يريدُ هؤلاءِ؟ فأخبرتُه بالأمرِ، فدفَع المبلغَ كاملًا وانصرَف. حينَها رفَعْنا له الصوتَ طالبينَ منه أنْ يقِفَ؛ لنشكرَه ونعطيَه المبلغَ المقابلَ، فإذا به يُسرعُ في خطاه، ويركبُ سيَّارتَه، ويسيرُ، فلم نستطِعْ إيقافَه أو اللحاقَ به، فعجِبْنا مِن تلك الشَّهامةِ والمروءةِ [5514] ((ارتسامات في بناء الذات)) (ص: 88، 89). !

انظر أيضا: