موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: صُوَرُ سَلامةِ الصَّدرِ


1- سلامةُ الصَّدرِ مع عامَّةِ النَّاسِ، فلا يحمِلُ لهم في قَلبِه غِلًّا ولا حَسَدًا، ولا غيرَهما من الأمراضِ والأدواءِ القلبيَّةِ التي تقضي على أواصِرِ المحبَّةِ، وتقطَعُ صلاتِ المودَّةِ.
2- سلامةُ الصَّدرِ مع خاصَّةِ إخوانِه ومقرَّبيه. قال أبو عبدِ الرَّحمنِ السُّلَميُّ في آدابِ العِشرةِ والصُّحبةِ: (سلامةُ الصَّدرِ للإخوانِ والأصحابِ، والنَّصيحةُ لهم، وقَبولُ النَّصيحةِ منهم، وأصلُه قَولُه تعالى: إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء: 89] ) [4794] ((آداب الصحبة)) (ص: 53). .
3- سلامةُ الصَّدرِ مع وُلاةِ الأمرِ، فلا يحمِلُ عليهم الحِقدَ، ولا يُثيرُ عليهم العامَّةَ، ولا يَذكُرُ مثالِبَهم عِندَ النَّاسِ، ويكونُ نَصوحًا لهم، مُشفِقًا عليهم، غاضًّا الطَّرفَ عن أخطائِهم التي يُتجاوَزُ عنها، وينشُرُ الخيرَ عنهم، ويَذكُرُهم بخيرِ أعمالِهم وصفاتِهم.
4- سلامةُ صُدورِ الوُلاةِ للرَّعيَّةِ، فلا يُكثِرُ من الشُّكوكِ فيهم، ولا يتربَّصُ بهم أو يتجَسَّسُ عليهم، أو يؤذيهم في أموالِهم أو ممتَلَكاتِهم، ويكونُ مُشفِقًا عليهم، ساعيًا وراءَ راحتِهم.
5- سلامةُ صُدورِ العُلَماءِ وطَلَبةِ العِلمِ كُلٍّ منهما للآخَرِ، فـ(أحقُّ النَّاسِ بعدَ العُلَماءِ بسلامةِ الصَّدرِ طُلَّابُ العِلمِ؛ فطالِبُ العِلمِ غدًا يَقِفُ أمامَ النَّاسِ يُفتيهم ويُعَلِّمُهم ويُرشِدُهم، فلا بُدَّ من أن يُرَبِّيَ نفسَه على سلامةِ الصَّدرِ، ونقاءِ السَّريرةِ، التي هي صفةٌ من صفاتِ أهلِ الجنَّةِ: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ [الحِجْر: 47] ) [4795] ((معالم تربوية لطالبي أسنى الولايات الشرعية)) لمحمد المختار الشنقيطي (ص: 64). .
6- سلامةُ الصَّدرِ لأهلِ الفَضلِ، وأعظَمُهم أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
عن شُعَيبِ بنِ حَربٍ، قال: (ذَكَروا سُفيانَ الثَّوريَّ عِندَ عاصِمِ بنِ محمَّدٍ، فذكروا مناقِبَه حتَّى عدُّوا خمسَ عَشْرةَ مَنقَبةً، فقال: فرَغْتُم؟ إنِّي لأعرِفُ فيه فضيلةً أفضَلَ مِن هذه كُلِّها: سلامةُ صَدرِه لأصحابِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [4796] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (7/ 27). .
وعن عبدِ العزيزِ بنِ أبي عُثمانَ، قال: (أصيبَ سُفيانُ بنُ سَعيدٍ بأخٍ له يُسَمَّى عُمَرَ، وكان مُقدَّمًا، فلمَّا سَوَّوا عليه قبرَه قال: رَحِمَك اللهُ يا أخي، إنْ كُنتَ لَسليمَ الصَّدرِ للسَّلَفِ، وإنْ كُنتَ لتُحِبُّ أن تخفيَ عِلْمَك) أي: لا تحِبُّ الرِّياسةَ [4797] ((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم (1/ 69). .
وقال العَتبيُّ: (من شريفِ كلامِ بَعضِ السَّلَفِ: لا تَذكُرَنَّ لأحَدٍ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زَلَّةً؛ فإنَّه إن لم يكُنْ في حَسَناتِهم ما يُعفي على سيِّئاتِهم، ففي عظيمِ عَفوِ اللهِ ما يسَعُ سَيِّئاتِهم، واعلَمْ أنَّ اللهَ تعالى لم يأمُرْك باتِّباعِهم وهو يرضى منك بعَيْبِهم!) [4798] ((البصائر والذخائر)) لأبي حيان (2/ 217). .
وقال ابنُ رَجَبٍ الحَنبليُّ: (أفضَلُ الأعمالِ سَلامةُ الصَّدرِ من أنواعِ الشَّحناءِ كُلِّها، وأفضَلُها السَّلامةُ مِن شَحناءِ أهلِ الأهواءِ والبِدَعِ التي تقتضي الطَّعنَ على سَلَفِ الأمَّةِ، وبُغضَهم والحِقدَ عليهم، واعتِقادَ تكفيرِهم أو تبديعِهم وتضليلِهم) [4799] ((لطائف المعارف)) (ص: 139). .
7- (صاحِبُ الصَّدرِ السَّليمِ يَأسى لآلامِ العِبادِ، ويَشتهي لهم العافيةَ، أمَّا التَّلهِّي بسَردِ الفضائِحِ، وكَشفِ السُّتورِ، وإبداءِ العَوراتِ، فليس مَسلَكَ المُسلِمِ الحَقِّ؛ ومِن ثَمَّ حَرَّم الإسلامُ الغِيبةَ؛ إذ هي مُتنَفَّسُ حِقدٍ مكظومٍ، وصَدرٍ فَقيرٍ إلى الرَّحمةِ والصَّفاءِ) [4800] ((خلق المسلم)) لمحمد الغزالي (ص: 85). .

انظر أيضا: