موسوعة الأخلاق والسلوك

سادسًا: موانِعُ اكتِسابِ سَلامةِ الصَّدرِ


1- نَزَغاتُ الشَّيطانِ ووَساوِسُه؛ فالشَّيطانُ حريصٌ على إيغارِ الصُّدورِ، وإفسادِ القُلوبِ؛ لذا حذَّر اللهُ تبارك وتعالى منه، وأمَر عبادَه بانتقاءِ القَولِ الحَسَنِ؛ قال تبارك وتعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا [الإسراء: 53] ، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الشَّيطانَ قد أَيِسَ أن يَعبُدَه المُصَلُّون في جزيرةِ العَرَبِ، ولكِنْ في التَّحريشِ بَيْنَهم)) [4801] رواه مسلم (2812) من حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما. .
2- مَرَضُ القَلبِ وتمكُّنُ العِلَلِ والأدواءِ منه، كالحَسَدِ والغِلِّ والحِقدِ.
3- التَّنافُسُ على الدُّنيا؛ فعن عَمرِو بنِ عَوفٍ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فواللهِ ما الفَقْرَ أخشى عليكم، ولكِنِّي أخشى أن تُبسَطَ عليكم الدُّنيا كما بُسِطَت على من كان قبلَكم، فتَنافَسوها كما تَنافَسوها، وتُهلِكَكم كما أهلكَتْهم)) [4802] رواه مطوَّلًا البخاري (4015) واللفظ له، ومسلم (2961). .
4- حُبُّ الشُّهرةِ والرِّياسةِ، وهي داءٌ عُضالٌ ومَرَضٌ خطيرٌ، وشَرٌّ مُستطيرٌ؛ قال الفُضَيلُ بنُ عياضٍ رحمه اللهُ: (ما من أحَدٍ أحَبَّ الرِّياسةَ إلَّا حَسَدَ وبغى، وتتبَّعَ عُيوبَ النَّاسِ، وكَرِهَ أن يُذكَرَ أحَدٌ بخيرٍ) [4803] ((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبد البر (1/571). . وقال ابنُ عبدِ البَرِّ:
حُبُّ الرِّياسةِ داءٌ يُخلِقُ الدُّنيا
ويجعَلُ الحُبَّ حَربًا للمُحِبِّينا
يَفْري [4804] فراه يَفْريه فَرْيًا: شَقَّه شَقًّا. انظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (39/229). الحلاقِمَ والأرحامَ يَقطَعُها
فلا مُروءةَ يُبقي لا ولا دِينَا [4805] ((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبد البر (1/571).
5- الاتِّصافُ ببَعضِ الصِّفات التي من شأنِها أن تُوغِرَ الصُّدورَ، وتُؤثِّرَ في سلامتِها، ككثرةِ المُزاحِ، وكثرةِ المِراءِ والجِدالِ، والعُجبِ وغَيرِها.
6- الاستِماعُ للوِشايةِ والنَّميمةِ، والتَّفاعُلُ معهما؛ فالنَّميمةُ ذريعةٌ إلى تكديرِ الصَّفوِ وتغييرِ القُلوبِ.
7- سوءُ الظَّنِّ؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ، قال ابنُ جريرٍ في معنى الآيةِ: (لا تَقْرَبوا كثيرًا من الظَّنِّ بالمُؤمِنين، وذلك أن تَظُنُّوا بهم سُوءًا؛ فإنَّ الظَّانَّ غيرُ محِقٍّ. وقال جَلَّ ثناؤه: اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ، ولم يقُل: اجتَنِبوا الظَّنَّ كُلَّه؛ إذ كان قد أذِنَ للمُؤمِنين أن يَظُنَّ بعضُهم ببعضٍ الخَيرَ، فقال: لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور: 12] ، فأذِنَ اللهُ جَلَّ ثناؤه للمُؤمِنين أن يَظُنَّ بعضُهم ببعضٍ الخيرَ، وأن يقولوه، وإن لم يكونوا مِن قِيلِه فيهم على يَقينٍ) [4806] ((تأويل آي القرآن)) لابن جرير (21/373، 374(. ، فالآيةُ فيها تحريمُ ظَنِّ السُّوءِ بأهلِ الخَيرِ [4807] ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 242). .

انظر أيضا: