موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ سلامةِ الصَّدرِ والبَلَهِ والتَّغفُّلِ


يقولُ ابنُ القَيِّمِ: (والفَرْقُ بَيْنَ سلامةِ القَلبِ والبَلَهِ والتَّغفُّلِ: أنَّ سلامةَ القَلبِ تكونُ من عَدَمِ إرادةِ الشَّرِّ بعدَ معرفتِه، فيَسلَمُ قَلبُه من إرادتِه وقَصدِه، لا مِن معرفتِه والعِلمِ به، وهذا بخلافِ البَلَهِ والغَفلةِ؛ فإنَّها جَهلٌ وقِلَّةُ مَعرفةٍ، وهذا لا يُحمَدُ؛ إذ هو نَقصٌ، وإنَّما يَحمَدُ النَّاسُ مَن هو كذلك؛ لسلامتِهم منه، والكَمالُ أن يكونَ القَلبُ عارِفًا بتفاصيلِ الشَّرِّ، سليمًا من إرادتِه، قال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه: (لستُ بخِبٍّ [4764] الخِبُّ: الرَّجُلُ الخدَّاعُ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 87). ، ولا يَخدَعُني الخِبُّ) [4765] ((الروح)) لابن القيم (243، 244). . وكان عُمَرُ أعقَلَ من أن يُخدَعَ، وأورَعَ من أن يَخدَعَ، وقال تعالى: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء: 88-89] ، فهذا هو السَّليمُ من الآفاتِ التي تعتري القُلوبَ المريضةَ، مِن مَرَضِ الشُّبهةِ التي توجِبُ اتِّباعَ الظَّنِّ، ومَرَضِ الشَّهوةِ التي توجِبُ اتِّباعَ ما تهوى الأنفُسُ؛ فالقَلبُ السَّليمُ الذي سَلِم مِن هذا وهذا) [4766] ((الروح)) لابن القيم (243، 244). .

انظر أيضا: