موسوعة الأخلاق والسلوك

حادِيَ عَشَرَ: حُكمُ الحَياءِ


يختَلِفُ حُكمُ الحَياءِ بحَسَبِ داعيه؛ فالحَياءُ ممَّا نهى اللهُ عنه، أو عندما يكونُ المُسْتَحيا منه محرَّمًا: فَرضٌ واجِبٌ، وقد يكونُ الحَياءُ فضلًا عندَ مُقارفةِ ما يَكرَهُ النَّاسُ.
قال ابنُ حِبَّانَ: (الحَياءُ اسمٌ يشتَمِلُ على مجانَبةِ المكروهِ من الخِصالِ، والحَياءُ حياءانِ: أحَدُهما: استِحياءُ العبدِ من اللهِ جَلَّ وعلا عندَ الاهتمامِ بمباشَرةِ ما خطَر عليه، والثَّاني: استِحياءٌ من المخلوقينَ عندَ الدُّخولِ فيما يَكرَهون من القَولِ والفِعلِ معًا، والحياءانِ جميعًا محمودانِ إلَّا أنَّ أحَدَهما فَرضٌ، والآخَرُ فَضلٌ؛ فلزومُ الحَياءِ عندَ مجانبةِ ما نهى اللهُ عنه فرضٌ، ولزومُ الحَياءِ عندَ مقارَفةِ ما كَرِه النَّاسُ فَضلٌ) [3980] ((روضة العقلاء)) (ص: 57). .
وقد يكونُ الحَياءُ مكروهًا أو محرَّمًا؛ قال أبو العبَّاسِ القُرطبيُّ: (وقد يُفرِطُ الحَياءُ على بَعضِ النَّاسِ، حتى يمنَعَه ذلك من القيامِ بحَقِّ اللهِ تعالى من الأمرِ بالمعروفِ وتغييرِ المنكَرِ، ويحمِلَه على المداهَنةِ في الحَقِّ، وكُلُّ ذلك حَياءٌ مذمومٌ شرعًا وطبعًا، يحرُمُ استعمالُه، ويجِبُ الانكفافُ عنه؛ فإنَّ ذلك الحَياءَ أحقُّ باسمِ الجُبنِ والخَورِ، وأولى منه باسمِ الحَياءِ والخَفرِ) [3981] ((المفهم)) (1/136). .

انظر أيضا: