موسوعة الأخلاق والسلوك

د- نماذِجُ من الحَياءِ عندَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم


حَياءُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنه:
خطَب الصِّدِّيقُ النَّاسَ يومًا، فقال: (يا مَعشَرَ المُسلِمين، استَحْيُوا من اللهِ، فوالذي نفسي بيَدِه إنِّي لأظَلُّ حينَ أذهَبُ الغائِطَ في الفَضاءِ متقَنِّعًا بثوبي استِحياءً من رَبِّي عزَّ وجَلَّ) [3960] رواه ابنُ أبي الدنيا في ((مكارم الأخلاق)) (92) واللفظ له، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/34)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7732). .
حَياءُ عُثمانَ بنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عنه:
عُرِفَ عثمانُ رَضِيَ اللهُ عنه بشِدَّةِ الحَياءِ، حتَّى إنَّ الملائكةَ كانت تستَحي منه؛ فعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُضطَجِعًا في بيتي كاشِفًا عن فَخِذَيه أو ساقَيه، فاستَأذَن أبو بَكْرٍ فأذِنَ لهُ وهوَ عَلى تِلكَ الحالِ فتَحدَّثَ، ثُمَّ استَأذَنَ عُمرُ فأذِنَ لهُ وهوَ كذلك فتَحدَّثَ، ثُمَّ استَأذَنَ عُثمانُ، فجَلَس رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وسَوَّى ثيابَه. -قال مُحَمَّدٌ: ولا أقولُ ذلك في يَومٍ واحِدٍ- فدَخلَ فتَحدَّثَ، فلَمَّا خَرجَ قالت عائِشةُ: دَخلَ أبو بَكْرٍ فلَم تَهتَشَّ لهُ، ودَخلَ عُمرُ ولَم تُبالِه، ثُمَّ دَخلَ عُثمانُ فجَلَسْتَ وسَوَّيتَ ثيابَكَ! فقال: ألا أستَحِي من رَجُلٍ تَستَحي مِنهُ المَلائِكةُ)) [3961] رواه مسلم (2401). .
حَياءُ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه:
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((كنتُ رَجُلًا مَذَّاءً [3962] المذَّاءُ: الكثيرُ المذْيِ، والمَذْيُ: ماءٌ أبيضُ دقيقٌ لَزِجٌ يخرجُ عندَ شهوةٍ، لا بشهوةٍ ولا دَفقٍ، ولا يَعقُبُه فتورٌ، وربَّما لا يُحسُّ بخروجِه. يُنظَر: ((كشف المشكل من حديث الصحيحين)) لابن الجوزي (1/ 181)، ((شرح النووي على مسلم)) (3/ 213). ، وكنتُ أستحي أن أسألَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لمكانِ ابنتِه، فأمَرْتُ المقدادَ بنَ الأسوَدِ فسألَه، فقال: يَغسِلُ ذَكرَه ويتوَضَّأُ)) [3963] رواه البخاري (132)، ومسلم (303) واللفظ له. .
حَياءُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (كنتُ أدخُلُ بيتي الذي دُفِنَ فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبي، فأضَعُ ثوبي، فأقولُ: إنَّما هو زوجي وأبي، فلمَّا دُفِن عُمَرُ معهم، فواللهِ ما دخَلْتُ إلَّا وأنا مشدودةٌ عَلَيَّ ثيابي؛ حَياءً من عُمَرَ!) [3964] رواه أحمد (25660) واللفظ له، والحاكم (4402). صحَّح إسنادَه الحاكمُ، وقال: على شرط الشيخين، والألباني في ((دفاع عن الحديث)) (96)، وشعيب الأرناؤوط على شرط الشيخين في تخريج ((مسند أحمد)) (42/ 441)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/29): رجالُه رجالُ الصَّحيحِ. .
حَياءُ فاطمةَ بنتِ عُتبةَ رَضِيَ اللهُ عنها:
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((جاءت فاطِمةُ بنتُ عُتبةَ بنِ رَبيعةَ تبايِعُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخَذ عليها ألَّا يُشرِكْنَ باللهِ شَيئًا ولا يَزْنينَ، الآية. قالت: فوضَعَت يدَها على رأسِها حَياءً! فأعجَبَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما رأى منها، فقالت عائشةُ: أقِرِّي أيَّتُها المرأةُ، فواللهِ ما بايَعْنا إلَّا على هذا. قالت: فنَعَمْ إذًا. فبايَعَها بالآيةِ)) [3965] رواه أحمد (25216) واللفظ له، والبزار كما في ((كشف الأستار)) للهيثمي (70)، وابن حبان (4554). صحَّحه ابنُ حبان، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (1636) وقال: (وبيعةُ النِّساءِ مذكورةٌ في الصَّحيحينِ)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((صحيح ابن حبان)) (4554)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (6/40): رجالُه رجالُ الصَّحيحِ. وبيعةُ النِّساءِ أصلُها في الصَّحيحِ، أخرجها البخاري (4891)، ومسلم (1866). .
حَياءُ فاطمةَ رَضِيَ اللهُ عنها بنتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
 عن عبدِ اللهِ بنِ بُرَيدةَ، قال: (لَبِثَت فاطمةُ بعدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سبعينَ بَينَ يومٍ وليلةٍ، فقالت: إنِّي لأستحيي من خَلَلِ هذا النَّعشِ إذا حُمِلْتُ فيه! فقالت لها امرأةٌ -لا أدري: أسماءُ بِنتُ عُمَيسٍ أو أمُّ سَلَمةَ- إن شئتِ عَمِلتُ لكِ شيئًا يُعمَلُ بالحبَشةِ، ويُحمَلُ فيه النِّساءُ، قالت: أجَلْ، فاصنَعيه، فصنَعَت النَّعشَ، فلمَّا رأَتْه قالت: سَتركِ اللهُ. قال: فما زالت النُّعوشُ تُصنَعُ بَعدَها) [3966] ذكره السيوطي في ((الوسائل إلى معرفة الأوائل)) (ص: 38)، وعزاه إلى ابن السكن في ((المعرفة)). .

انظر أيضا: