موسوعة التفسير

سُورةُ النِّساءِ
الآيات (123-126)

ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ

غريب الكلمات:

بِأَمَانِيِّكُمْ: الأمانيُّ: الأكاذيبُ، ومَا يتمنَّاه الإنسانُ ويَشتهيه أيضًا، والأُمْنِيَّة- وهي التِّلَاوةُ المُجرَّدة عن المعرفة- تَجري عند صاحبِها مَجرَى أمنيَّةٍ متمنَّاة على التَّخمينِ يُنظر: ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 47- 48)، ((المفردات)) للراغب (ص: 780)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 82- 83)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 187). .
وَلِيًّا: أي: نصيرًا، وأصل (وَلِيَ) يدلُّ على القُرْب، سواءٌ من حيث: المكانُ، أو النِّسبة، أو الدِّين، أو الصَّداقة، أو النُّصرة، أو الاعتقاد، وكلُّ مَن وَلِيَ أمرَ آخَرَ فهو وَلِيُّه يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (6/141)، ((المفردات)) للراغب (ص: 885)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 89). .
نَقِيرًا: النَّقير: النُّقرة الَّتي في ظَهرِ النَّواة، ويُضرَبُ به المَثَلُ في الشَّيء الطَّفِيف، والنَّقر: قرعُ الشَّيء المُفضِي إلى النَّقب يُنظر: ((غريب القرآن)) للسجستاني (1/460)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/468)، ((المفردات)) للراغب (ص: 821)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 140). .
مِلَّةَ: المِلَّة: الدِّين، والطَّريقة، ويعبَّر بها عن أُصولِ الشَّرائع، مشتقَّة مِن أملَلْت (أي أملَيْت)؛ لأنَّها تُبنَى على مَسموعٍ ومتلوٍّ، فإذا أُرِيد الدِّينُ باعتبارِ الدُّعاءِ إليه قِيل: مِلَّة، وإذا أُريد باعتبارِ الطَّاعةِ والانقيادِ له قيل: (دِين) يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/275)، ((المفردات)) للراغب (ص: 773- 774)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 91)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 443). .
وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا: أي: اتَّخذَه وليًّا يَنصْرُه على مَن أرادَه بِسُوءٍ، وخليل: فَعيل بمعنى الخُلَّة، وهي: الصَّداقة والمودَّة؛ إمَّا لأنَّها تتخلَّلُ النَّفسَ، أي: تتوسَّطُها، أو توحيد المحبَّةِ، وهي رُتبةٌ لا تقبَلُ المشارَكةَ، وأصل (خلل): دِقَّة أو فُرْجَة يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/529)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/155)، ((المفردات)) للراغب (ص: 291)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 144)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 39، 398). .
مُحِيطًا: أي: عالِمًا، والإحاطةُ بالشَّيء هي العِلْم بوجودِه، وجِنسه، وقَدْره، وكيفيَّته، وغرَضِه المقصودِ به، وبإيجاده، وما يكون به ومِنه؛ وذلك ليس إلَّا لله تعالى يُنظر: ((المفردات)) للراغب (ص: 265). .

مشكل الإعراب:

قوله: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ:
بِأَمَانِيِّكُمْ الجارُّ والمجرورُ في محلِّ نصْبٍ خبَرُ لَيْسَ، واسم لَيْسَ مُضمَر، تقديرُه: (ذلِك)، يَعودُ على الجزاءِ المفهومِ مِن قَوْلِهِ: يُجْزَ بِهِ، أي: ليس الجزاءُ تابعًا لأمانيِّ النَّاسِ ومُشتهاهم، بل هو أمْرٌ مُقَدَّرٌ مِن الله تعالى تقديرًا بِحَسَبِ الأعمالِ، وقيل: يعودُ المُضمَر على وَعْدَ اللَّهِ، أى: ليس يُنالُ ما وعدَ اللَّه من الثَّوابِ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا بأَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ، وقيل غيرُ ذلك يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (1/567) ((الدر المصون)) (4/95-96) ((تفسير ابن عاشور)) (5/208).  

المَعنَى الإجماليُّ:

يُخاطب اللهُ المسلمين قائلًا لهم: إنَّ حصولَ النَّجاة والظَّفَرِ ليس بمجرَّدِ تمنِّيكم لها، ولا هي حاصلةٌ لأهل الكتابِ بمجرَّدِ أمانيِّهم، فإنَّ مَن يعمَلُ سوءًا يُجازى عليه، ولا يجدُ له أحدًا مِن دون الله يواليه، أو ينصُرُه.
ومَن يعمَل الأعمالَ الصَّالحةَ، سواءٌ كان ذكرًا أم أنثى، وهو مؤمنٌ بالله ورسولِه، فأولئك يدخلون الجنَّةَ، ولا يُظلَمون شيئًا ولو قلَّ، حتَّى ولو مقدارَ النُّقرةِ الَّتي تكونُ على ظهر نواةِ التَّمرِ.
ثمَّ يخبِرُ تعالى أنَّه لا أحدَ أحسنُ دِينًا ممَّن أخلَص لله عزَّ وجلَّ، وهو متَّبِعٌ شرعَ الله تعالى، واتَّبعَ دِينَ وطريقة إبراهيمَ عليه السَّلام، مائلًا عن الشِّركِ، مستقيمًا على التَّوحيدِ، واتَّخَذ اللهُ إبراهيمَ خليلًا.
وللهِ جميع ما في السَّموات والأرضِ، وقد أحاط عِلمُه بكلِّ شيءٍ سبحانه وتعالى.

تفسير الآيات:

لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)
لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ
أي: لا يَحصُلُ لكم- أيُّها المسلِمون ولا لليهود والنَّصارى- النَّجاةُ والظَّفَرُ بمجرَّدِ تمنِّي ذلك يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/417)، ((تفسير السعدي)) (ص: 205)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/257-258). .
ومِن أمانيِّ أهلِ الكتابِ الَّتي أخبَر اللهُ تعالى عنها، قولُهم: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ [البقرة: 111] .
مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ
أي: إنَّ كلَّ مَن يعملُ منكم- أيُّها المسلمون أو مِن أهلِ الكتاب- سوءًا صغيرًا أو كبيرًا، فإنَّه يُجازى به، سواءٌ كان جزاءً قليلًا أم كثيرًا، دُنيويًّا، أم أُخرويًّا يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/519)، ((تفسير ابن كثير)) (2/417)، ((تفسير السعدي)) (ص: 205)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/258). قال السعدي: (والناسُ في هذا المقام درجاتٌ لا يعلَمُها إلا اللهُ، فمستقلٌّ ومستكثِرٌ، فمن كان عملُه كلُّه سوءًا، وذلك لا يكون إلا كافرًا، فإذا مات من دون توبةٍ جُوزِيَ بالخلود في العذاب الأليم. ومَن كان عملُه صالحًا، وهو مُستقيمٌ في غالبِ أحواله، وإنما يصدُرُ منه بعضَ الأحيانِ بعضُ الذُّنوب الصِّغارِ؛ فما يُصيبه من الهمِّ والغمِّ والأذَى وبعضِ الآلام في بدنِه أو قلبِه أو حبيبه أو مالِه ونحو ذلك- فإنَّها مُكفِّراتٌ للذُّنوب، وهي ممَّا يُجزَى به على عملِه، قيَّضها اللهُ لُطفًا بعباده، وبَيْنَ هذين الحالينِ مراتبُ كثيرةٌ. وهذا الجزاءُ على عملِ السُّوء العامِّ مخصوصٌ في غير التَّائبين؛ فإنَّ التَّائبَ مِن الذَّنبِ كمَن لا ذنبَ له؛ كما دلَّت على ذلك النصوصُ) ((تفسير السعدي)) (ص: 205). .
قال الله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7، 8].
وعن أبي هُريرةَ رضِي اللهُ عنه قال: ((لَمَّا نزلتْ: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ بلغتْ مِن المسلمين مَبلغًا شديدًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قارِبوا وسدِّدوا؛ ففي كلِّ ما يصابُ به المسلمُ كفَّارةٌ، حتَّى النَّكبةِ يُنكَبُها، أو الشَّوكةِ يُشاكُها )) رواه مسلم (2574). .
وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا
أي: ولا يَجِد الَّذي يَعمل سوءًا أحدًا سوى الله تعالى يَلِي أمرَه، ويُحصِّل له ما يطلبُه، ولا يجِد ناصرًا سوى الله تعالى ينصُرُه ويدفَعُ عنه ما يحذَرُه يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/525-526)، ((تفسير ابن كثير)) (2/421)، ((تفسير السعدي)) (ص: 205)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/258). .
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا ذكَر الله تعالى الجَزاءَ على السَّيِّئاتِ، وأنَّه لا بدَّ أن يأخُذَ مستحَقَّها مِن العبدِ إمَّا في الدُّنيا- وهو الأجود له- وإمَّا في الآخرةِ، شرَعَ في بيان إحسانِه وكرَمِه ورحمتِه في قَبولِ الأعمالِ الصَّالحة من عبادِه يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (2/421). فقال:
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
أي: ومَن يعمَلِ الأعمالَ الصَّالحة، قلبيَّةً كانت أو بدنيَّةً، مِن ذُكور العِبادِ وإناثهم، وهو مؤمنٌ بي وبرَسولي محمَّد يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/526)، ((تفسير ابن كثير)) (2/421)، ((تفسير السعدي)) (ص: 205)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/261-262). .
فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
القِراءاتُ ذاتُ الأثرِ في التَّفسير:
في قوله تعالى: يَدْخُلُونَ قِراءتان قال ابن زنجلة: (اعلمْ أنَّ المعنيينِ متداخِلان؛ لأنهم إذا أُدخِلوا دَخَلوا، وإذا دخَلوا فبإدخالِ الله إيَّاهم يَدخُلون) ((حجة القراءات)) (ص: 213). :
1- قِراءة (يُدْخَلُونَ) على البِناءِ لـما لم يُسمَّ فاعلُه؛ لأنَّهم لا يَدخُلون الجنَّة حتَّى يُدخِلَهم اللهُ تعالى قرأ بها أبو بكر وأبو عمرو وابن كثير. يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (ص: 219). ويُنظر لمعنى هذه القراءة: ((معاني القراءات)) للأزهري (1/318)، ((الكشف)) لمكي (1/397). .
2- قراءة (يَدْخُلُونَ) بجَعْلِ الفِعل للدَّاخلين؛ لأنَّهم هم الدَّاخلون بأمرِ الله لهم قرأ بها الباقون. يُنظر: ((النشر)) لابن الجزري (ص: 219). ويُنظر لمعنى هذه القراءة: ((معاني القراءات)) للأزهري (1/318). ((الكشف)) لمكي (1/397). .
فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ
أي: فإنَّ أصحاب هذه المنزلة العالية الَّذين جمَعوا بين الإيمانِ والعمل الصَّالح إنَّما يدخُلون الجنَّة بإذنِ الله تعالى، ويُنعَّمون فيها يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/526)، ((تفسير السعدي)) (ص: 205-206)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/262). .
وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا
أي: ولا يَنقُصُ اللهُ تعالى هؤلاء الَّذين يعمَلون الصَّالحاتِ من ثوابِ عملِهم ولا مقدارَ النُّقرةِ الَّتي تكونُ في ظَهر النَّواة؛ فكيف بما هو أعظمُ من ذلك وأكثرُ؟! فهو سبحانه إنَّما يُوفِّيهم أجورَهم كما وعَدَهم يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/526-527)، ((تفسير ابن كثير)) (2/421)، ((تفسير السعدي)) (ص: 206). .
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا بيَّن الله تعالى أنَّ أمرَ النَّجاة- بل السَّعادة- منُوطٌ بالعملِ والإيمان معًا، وذكرَ ثواب المؤمنينَ- أعقَبه بتفضيلِ دِينهم، وبيانِ أنَّ صفوةَ الأديانِ الَّتي ينتحلُها النَّاسُ هي مِلَّةُ إبراهيمَ في إخلاصِ التَّوحيدِ وإحسانِ العملِ، وهو الدِّين القيِّمُ، ودرجةُ الكمالِ في ذلك يُنظر: ((تفسير الرازي)) (11/228-229)، ((تفسير ابن عاشور)) (5/210)، ((تفسير المنار)) لمحمد رشيد رضا (5/357). ، فقال:
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ
أي: لا أحدَ أصوبُ طريقًا وأصلحُ عملًا ممَّن أخلَص للهِ عزَّ وجلَّ، وانْقادَ له بالطَّاعةِ يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/528)، ((تفسير ابن كثير)) (2/422)، ((تفسير السعدي)) (ص: 206)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/269). .
وَهُوَ مُحْسِنٌ
أي: وهو مع هذا الإخلاصِ في العملِ، متَّبِعٌ شَرْعَ اللهِ تعالى فيه يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/528)، ((تفسير ابن كثير)) (2/422)، ((تفسير السعدي)) (ص: 206)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/270). .
وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا
أي: واتَّبَع دِينَ وشرْعَ إبراهيمَ عليه السَّلام، مائلًا عن الشِّركِ، وعن التَّوجُّهِ للخَلْق مستقيمًا على التَّوحيدِ، مقبلًا بكُلِّيَّتِه على الخالقِ جلَّ وعلا يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/528)، ((تفسير ابن كثير)) (2/422)، ((تفسير السعدي)) (ص: 206)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/270). .
كما قال تعالى: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران: 68].
وقال سبحانه: قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 161] .
وقال عزَّ وجلَّ: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 123] .
وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا
أي: واتَّخَذ اللهُ إبراهيمَ وليًّا قد وصَل إلى غايةِ ما يتقرَّبُ به العبادُ له، وانتهى إلى درجة الخُلَّةِ، الَّتي هي أرفعُ مقاماتِ المحبَّةِ الخالِصةِ لله تعالى يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/529)، ((تفسير ابن كثير)) (2/422)، ((تفسير السعدي)) (ص: 206)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/270). قال ابن كثير: (وإنَّما سُمِّي خليلَ الله لشدَّةِ محبَّةِ ربِّه عزَّ وجلَّ له؛ لِما قام به من الطَّاعةِ التي يحبُّها ويرضاها) ((تفسير ابن كثير)) (2/423). وقال السعديُّ: (وإنَّما اتَّخذ اللهُ إبراهيمَ خليلًا؛ لأنَّه وفَّى بما أُمِر به، وقام بما ابتُلِي به؛ فجعَله الله إمامًا للناس) ((تفسير السعدي)) (ص: 206). وقال ابنُ عثيمين: (الخليل هو ذو المحبَّة الخالصة، وسُمي بذلك؛ لأنَّ المحبَّة شمِلت جميعَ جسده حتى تخلَّلَت عروقَه، وفي ذلك يقول الشاعر: قَدْ تخلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ منِّي = وبِذَا سُمِّي الخَليلُ خَليلَا) ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/270). .
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبلَها:
لَمَّا ذكَر الله تعالى الخُلَّة لإبراهيمَ، ذكَر أنَّه مع الخُلَّةِ عبدُ الله، وأنَّ الخُلَّة ليست لاحتياجٍ، كما تكون خُلَّةُ الآدميِّينَ، وكيف يُعقَلُ ذلك وله مُلكُ السمَّواتِ والأرض؟! وما كان كذلك، فكيف يُعقَل أن يكونَ محتاجًا إلى البشر الضَّعيفِ؟! وإنما هي خُلَّةُ تشريفٍ منه تعالى لإبراهيمَ عليه السَّلام مع بقائِه على العبوديَّة يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (4/78)، ((تفسير الرازي)) (11/231، 232). يُنظر: ((تفسير الرازي)) (11/231). .
وأيضًا لَمَّا ذكَر الله تعالى الوعدَ والوعيدَ، ولا يُمكنُ الوفاءُ بهما إلَّا عند حصولِ أمرين: أحدهما: القدرةُ التَّامَّة المتعلِّقة بجميع الكائنات والمُمكِنات، والثَّاني: العِلم التَّامُّ المتعلِّق بجميع الجزئيَّات والكلِّيَّات حتَّى لا يشتبهَ عليه المُطيعُ والعاصي، والمُحسنُ والمسيءُ- دلَّ على كمال قدرتِه بقولِه: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وعلى كمالِ عِلمِه بقولِه: وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا يُنظر: ((تفسير الرازي)) (11/232). .
وأيضًا لَمَّا تقدَّم ذِكرُ عامل السُّوء وعامِل الصَّالحات، أخبَر بعظيمِ مُلكه، ومُلكه بجميع ما في السَّموات، وما في الأرض، والعالَمٌ مملوكٌ له، وعلى المملوكِ طاعةُ مالكِه يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (4/78). ، فقال تعالى:
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
أي: إنَّ اللهَ تعالى هو الَّذي يملِكُ وحْدَه جميعَ ما في السَّمواتِ وجميعَ ما في الأرضِ؛ فالجميعُ عبيدُه وخلْقُه، وهو المُتصرِّفُ فيهم، المُتفرِّدُ بتدبيرِهم يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/530)، ((تفسير ابن كثير)) (2/424)، ((تفسير السعدي)) (ص: 206). قال ابن جرير: (يعني بذلك جلَّ ثناؤُه: واتَّخذ اللهُ إبراهيمَ خليلًا لطاعتِه ربَّه، وإخلاصِه العبادةَ له، والمسارعة إلى رِضاه ومحبَّته، لا من حاجةٍ به إليه وإلى خُلَّته، وكيف يحتاج إليه وإلى خُلَّته، وله ما في السَّمواتِ وما في الأرض من قليلٍ وكثير مُلكًا، والمالك الذي إليه حاجةُ مُلكِه دون حاجتِه إليه، فكذلك حاجةُ إبراهيم إليه، لا حاجته إليه، فيتَّخِذه من أجلِ حاجته إليه خليلًا، ولكنه اتخذه خليلًا؛ لمسارعتِه إلى رِضاه ومحبَّتِه، يقول: فكذلك فسارِعوا إلى رِضايَ ومحبَّتي لأتَّخِذَكم لي أولياءَ) ((تفسير ابن جرير)) (7/530). .
وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا
أي: لا تَخفى عليه خافيةٌ، ولا يغِيبُ عن عِلمِه مثقالُ ذرَّةٍ في السَّمواتِ ولا في الأرضِ، ولا أصغرُ مِن ذلك ولا أكبرُ، قد أحاط بكلِّ شيءٍ عِلمًا وقُدرةً، وسمعًا وبصرًا، وتدبيرًا وغيرَ ذلك يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/530)، ((تفسير ابن كثير)) (2/424)، ((تفسير السعدي)) (ص: 206)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/273-274). .

الفَوائِد التربويَّة:

1- أبطَل اللهُ الأمانيَّ، وأثبَت أنَّ الأمرَ كلَّه معقودٌ بالعملِ الصَّالح، وأنَّ مَن أصلَح عملَه فهو الفائزُ، ومَن أساء عملَه فهو الهالك؛ قال الله تعالى: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا، فوجَب قطعُ الأمانيِّ، وحسمُ المطامعِ، والإقبالُ على العملِ الصَّالح يُنظر: ((تفسير الرازي)) (11/225)، ((تفسير أبي حيان)) (4/76). .
2- قوله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ، الأعمالُ بدون الإيمان كأغصانِ شجرةٍ قُطِع أصلُها، وكبناءٍ بُنِي على موجِ الماءِ؛ فالإيمانُ هو الأصل والأساسُ والقاعدةُ الَّتي يُبنَى عليها كلُّ شيء، وهذا القيدُ ينبغي التَّفطُّنُ له في كلِّ عملٍ أُطلِقَ؛ فإنَّه مُقيَّدٌ به يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 205). .
3- أنَّ التَّمنِّيَ لا يُجدي شيئًا؛ لقوله: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/258). .
4- أنَّ المصائبَ في الدُّنيا كفَّارات؛ لأنَّها نوعٌ من الجزاء، وقد أخبر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ما من غمٍّ ولا همٍّ ولا حزنٍ يُصيب العبدَ إلَّا كُفِّر به عنه، حتَّى الشوكةُ إذا أصابَتْه فإنَّ اللهَ يُكفِّرُ بها عنه ينظر ما رواه البخاري (5641) من حديث أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة. ؛ قال تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/260). .
5- أنَّه لا بدَّ لقَبولِ العمل أن يكونَ صالحًا؛ لقوله: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ، فإن كان فيه شِرْكٌ لم يُقبَلْ؛ لفواتِ الشَّرطِ، وهو الإخلاصُ، ومَن عمِل عملًا مبتدَعًا بإخلاصٍ تامٍّ، لكن ليس على شريعةِ الرسولِ، فإنَّه لا يُقبلُ منه؛ لأنَّه على غيرِ الاتِّباعِ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/265). .
6- يُرشِدُ قولُ الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ، إلى أنَّ كمالَ الإيمانِ لا يحصُلُ إلَّا عند تفويضِ جميع الأمورِ إلى الخالقِ، وإظهارِ التَّبرِّي مِن الحَولِ والقوَّة، ويُنبِّهُ على فساد طريقةِ مَن استعان بغيرِ الله تعالى يُنظر: ((تفسير الرازي)) (11/229). .
7- الحثُّ على الإخلاص؛ لقوله: مِمَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/270). .
8- دلَّ قولُ الله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا على أنَّ إبراهيمَ- عليه السَّلام- إنَّما كان بهذا المنصبِ العالي، وهو كونه خليلًا لله تعالى، بسبب أنَّه كان عاملًا بتلك الشَّريعة، وذلك يُفيد التَّرغيبَ العظيم َفي هذا الدِّين، والعملَ بهذا الشَّرعِ للفوز بأعظمِ المناصِبِ في الدِّين يُنظر: ((تفسير الرازي)) (11/230). .
9- إحاطةُ الله تعالى بكلِّ شيء؛ لقوله: وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا، ويترتَّب على هذه الفائدة فائدةٌ مسلكيَّةٌ مهمَّة، وهي أنه متى شعَرَتِ النَّفسُ أنَّ لله ما في السَّموات وما في الأرض، وأنَّه بكلِّ شيء محيطٌ، لا ينِدُّ شيءٌ عن عِلمِه ولا عن سلطانه- كان هذا باعثَها القويَّ إلى إفرادِ الله سبحانه بالألوهيَّةِ والعبادةِ، وإلى محاولةِ إرضائِه باتِّباعِ منهجه وطاعةِ أمْره، وأورثَ النَّفسَ الخوفَ مِن اللهِ وخشيتَه ومراقبتَه؛ لأنَّك مهما كنتَ في أيِّ مكانٍ فاللهُ محيطٌ بك، ويعلَمُ حتَّى ما في قلبِك يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/275).

الفَوائدُ العِلميَّةُ واللَّطائِف :

1- قول الله تعالى: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ذكَر المسلمينَ في الأمانيِّ؛ لقَصدِ التَّعميمِ في تفويضِ الأمورِ إلى ما حكَم اللهُ ووعَد، وأنَّ ما كان خلافَ ذلك لا يُعتَدُّ به، وما وافقه هو الحقُّ، والمَقْصِد المهِمُّ هو قوله: وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ على نحو: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [سبأ: 24] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (5/209). .
2- مجرَّدُ الانتسابِ إلى أيِّ دينٍ كان، لا يُفيد شيئًا إن لم يأتِ الإنسانُ ببرهانٍ على صحَّة دعواه؛ فالأعمالُ تُصدِّقُ الدَّعوى أو تُكذِّبُها؛ ولهذا قال تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 205). .
3- قال تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ مَن كان عملُه صالحًا، وهو مستقيمٌ في غالب أحوالِه، وإنَّما يصدُرُ منه بعضَ الأحيانِ بعضُ الذُّنوب الصِّغارِ، فما يُصيبُه من الهمِّ والغمِّ والأذى والآلامِ في بدَنِه أو قلبِه أو حَبِيبه أو مالِه ونحو ذلك- فإنَّها مُكفِّرات للذُّنوبِ، وهي ممَّا يُجزَى به على عملِه، قيَّضها الله لطفًا بعباده يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 205). .
4- أَنَّ في هاتينِ الآيتينِ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ووَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ من العِبرة والموعظةِ ما يدُكُّ صروحَ الأمانيِّ ومعاقلَ الغرورِ، الَّتي يأوي إليها ويتحصَّنُ فيها الكُسالى والجُهَّال والفُسَّاق من المسلمينَ، الَّذين جعلوا الدِّين كالجنسيَّةِ السِّياسيَّة، وظنُّوا أنَّ الله العزيزَ الحكيمَ يحابي مَن يسمِّي نفسَه مسلِمًا، ويفضِّلُه على مَن يسمِّيها يهوديًّا أو نصرانيًّا بمجرَّد اللَّقَب، وأنَّ العبرةَ بالأسماءِ والألقابِ لا بالعِلم والعَمَل يُنظر: ((تفسير المنار)) (5/356). .
5- يُستفادُ من قوله تعالى: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ .. العَدْلُ بين المتخاصمينِ، حتَّى وإنْ كان أحدُهما على حقٍّ والثَّاني على باطلٍ؛ فالواجبُ العدلُ، وأنْ يُحكَمَ لكلِّ واحدٍ بما يستحقُّ، وجه ذلك: نفيُ كونِ الشَّيء بالأمانيِّ بالنِّسبة للمُسلمين واليهود والنَّصارى، ثمَّ إثبات أنَّ مَن عمل سوءًا جُوزيَ به، وهذا غايةُ العدلِ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/259). .
6- الباء في قوله: بِأَمَانِيِّكُمْ للملابَسة، وليستْ للسَّببيَّة، أي: ليس الجزاءُ حاصلًا حصولًا على حسَبِ أمانيِّكم يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (5/209). .
7- دلَّ قولُه تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ على أنَّ مَن عمِل سوءًا سيُجزَى به، ولكنَّ اللهَ تعالى قال في كتابه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ، وهذا يدلُّ على أنَّ مَن عمِل سوءًا قد يغفِرُ اللهُ له. ويُجاب عن ذلك بأنَّ قوله مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ المرادُ به التَّهديدُ، وهو مِن بابِ الوعيدِ، والعفوُ عن الوعيدِ مِن بابِ الكرمِ، وهو مدحٌ وليس بذمٍّ ينظر: ((تفسير ابن عثيمين - سورة النساء)) (2/259). .
8- أنَّ الإنسانَ لا يُجازى بأكثرَ ممَّا عمِل من السُّوء؛ لقوله: يُجْزَ بِهِ، والباءُ هنا للعِوَضِ، أو للبدل، بخلاف مَن عمل حسنًا، فإنَّه يعطى أكثرَ؛ كما في آياتٍ أخرى يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/260). .
9- كمالُ قوَّةِ الله تعالى وسُلطانِه؛ لقوله: وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/260). .
10- أنَّ القرآنَ الكريم- كما وصَفه اللهُ عزَّ وجلَّ- مثاني، أي: تُثَنَّى فيه الأمورُ، فإذا ذُكِر المؤمنُ ذُكِر الكافرُ، وإذا ذُكِر جزاءُ الكافر ذُكِر جزاءُ المؤمن، وهكذا، قال تعالى وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وذلك بعد قوله: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/263).
11- أنَّه لا فرقَ بين الرِّجالِ والنِّساءِ فيما يستحقُّون مِن الجزاء، ووجهُ الدَّلالة: قولُه: مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، ثمَّ ذكَر الجزاء فقال: فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/265). .
12- قول الله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (مِن) الأُولى للتَّبعيض؛ لأنَّ كلَّ واحد لا يتمكَّنُ من عمل كلِّ الصَّالحات، وليس مُكلَّفًا بها يُنظر: ((تفسير الرازي)) (11/228)، ((تفسير الشربيني)) (1/334). (فإنْ قال لنا قائلٌ: وما وجهُ دخول «مِن» في قوله: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ [النساء: 124] ، ولم يقُلْ: ومَن يعمل الصالحات؟ قيل: لدخولها وجهانِ: أحدهما: أن يكونَ اللهُ قد علم أن عبادَه المؤمنين لن يُطِيقوا أن يعمَلوا جميعَ الأعمال الصَّالحات، فأوجب وعدَه لِمَن عمِل ما أطاق منها، ولم يحرِمْه مِن فضله بسبب ما عجَزَتْ عن عملِه منها قواه، والآخرُ منهما: أنْ يكونَ تعالى ذِكرُه أَوجبَ وعدَه لِمَن اجتنَب الكبائر وأدَّى الفرائض، وإن قصَّر في بعض الواجب له عليه؛ تفضُّلًا منه على عبادِه المؤمنين؛ إذ كان الفضلُ به أَولى، والصَّفحُ عن أهلِ الإيمان به أحرى، وقد تقوَّل قومٌ مِن أهل العربية أنَّها أُدخِلَتْ في هذا الموضعِ بمعنى الحذف، ويتأوَّله: ومَن يعمل الصالحاتِ مِن ذكرٍ أو أُنثى وهو مؤمن، وذلك عندي غيرُ جائز؛ لأن دخولَها لمعنًى، فغيرُ جائزٍ أنْ يكون معناها الحَذْفَ). ((تفسير ابن جرير)) (7/527-528). ، وقيل «مِن» لبيان جنس العمل المبهَم، في قوله: وَمَنْ يَعْمَلْ فـ «من» هنا بيانيَّة يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/261). .
13- في قوله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا جواز الشهادة لكلِّ مَن عمل صالحًا وهو مؤمن أنَّه في الجنَّة؛ لأنَّ هذا خبر من الله، والله تعالى لا يُخلِف وعدَه يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/267). لكن الشَّهادة على سبيلِ العمومِ لا التَّعيينِ.
14- قول الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ، لَمَّا كان المرادُ الإخلاصَ الَّذي هو أشرفُ الأشياءِ؛ عبَّر عنه بالوجه الَّذي هو أشرفُ الأعضاء يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (5/412)، ((تفسير ابن عاشور)) (5/210). .
15- الحثُّ على المتابعة للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لقوله تعالى: وَهُوَ مُحْسِنٌ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/271). .
16- قوله تعالى: وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا فيه فضيلةُ إبراهيمَ عليه الصَّلاة والسَّلام؛ حيث أُمِرْنا باتِّباعِه، وهذا يعني: أنَّه إمامٌ؛ ولهذا يُطلِق عليه العلماءُ اسمَ أو لقبَ: إمام الحُنفاءِ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/271). .
17- في قوله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا الإشارةُ إلى أنَّ الخُلَّة أعلى رتبةً من المحبَّةِ؛ لاختصاص إبراهيمَ ومحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهما وسلَّمَ بها، ولو كانت بمعنى المحبَّة، أو في مرتبتِها، لكانت ثابتةً لجميع مَن يستحقُّ المحبَّةَ، ومِن المعلوم أنَّه لا يصحُّ أن تقول: إنَّ الله اتَّخذ المؤمنين أخلَّاء؛ لأنَّ الخُلَّة خاصَّة، ومن ثَمَّ نعلم خطأَ من يقول: إبراهيمُ الخليلُ ومحمَّدٌ الحبيب؛ لأنَّ هذا تنقُّصٌ للرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام؛ حيث أنزل مرتبتَه من الخُلَّة إلى المحبَّة الَّتي يشتركُ فيها حتَّى المؤمنُ المتَّقي المقسِط الصَّابر يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/271). .
18- إثباتُ أفعالِ الله عزَّ وجلَّ؛ لقوله: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، والاتخاذ حادثٌ بعد وجودِ سببِه، فهو تبارَك وتعالى يفعَلُ ما يريدُ ومتى شاء يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/271). .
19- خَتْمُ هذا السِّياقِ بهذه الآية: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا لفوائد: (إحداها): التَّذكير بقدرتِه تعالى على إنجاز وعدِه ووعيدِه في الآيات الَّتي قبلها؛ فإنَّ له ما في السَّموات والأرض خَلقًا ومُلكًا، وهو أكرم مَن وعَد، وأقدرُ مَن أوعد، (ثانيها): بيان الدَّليل على أنَّه المستحِقُّ وحده لإسلام الوجهِ له، والتَّوجُّهِ إليه في كلِّ حال، وهذا هو رُوحُ الدِّين وجوهرُه؛ لأنَّه هو المالكُ لكلِّ شيء، وغيرُه لا يملِكُ بنفسِه شيئًا، فكيف يتوجَّهُ العاقلُ إلى مَن لا يملِكُ شيئًا، ويترك التَّوجُّهَ إلى مالكِ كلِّ شيءٍ، أو يُشرِكُ به غيرَه في التَّوجُّهِ ولو لأجلِ قُربِه منه؟ (ثالثها): نفيُ ما قد يَسبِقُ إلى بعضِ الأذهان مِن اللَّوازم العاديَّة في اتِّخاذِ اللهِ إبراهيمَ خليلًا، كأن يتوهَّمَ أحدٌ أنَّ هنالك شيئًا من المناسَبة أو المقارَبة في حقيقةِ الذَّات أو الصِّفات، فبيَّن تعالى أنَّ كلَّ ما في السَّموات والأرض مِلكٌ له، ومِن خَلقِه، مهما اختلفتْ صفاتُ تلك المخلوقات ومراتبُها في أنفُسِها، وبنسبة بعضِها إلى بعض يُنظر: ((تفسير المنار)) (5/359). .
20- عمومُ مُلكِ الله، ويؤخَذُ ذلك من مَا الموصولة في قوله: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ؛ لأنَّ جميعَ أسماءِ الموصول تفيدُ العمومَ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/274). .

بَلاغةُ الآياتِ:

1- قوله: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ: استئنافٌ ابتدائيٌّ؛ للتَّنويهِ بفضائلِ الأعمال، والتَّشويهِ بمساويها يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (5/208). .
- وقوله: بِأَمَانِيِّكُمْ و: وَلَا أَمَانِيِّ فيه: تَكرارٌ يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (4/78). ، وهو يُفيد التَّأكيدَ.
2- قوله: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا
قوله: وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا زيادةُ تأكيدٍ؛ لردِّ عقيدةِ مَن يتوهَّم أنَّ أحدًا يُغني عن عذابِ الله يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (5/209). ، مع ما يُفيده تَكرارُ حرفِ النَّفيِ (لا) من التَّأكيدِ، وما تفيده صيغة فعيل (نصيرًا) من المبالغة.
- قوله: مَنْ يَعْمَلْ، وقوله: ومن يَعْمَلْ فيه: تَكرار يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (4/78). ، وهو يفيد التَّأكيد.
3- قوله: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
- قوله: مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (مِن) لبيان الإبهام الَّذي في (مَن) الشرطيَّة في قوله: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (2/99)، ((تفسير أبي السعود)) (2/236)، ((تفسير ابن عاشور)) (5/210). .
- وبين قوله: ذَكَرٍ، وقوله: أُنْثَى طِباقٌ يُفيدُ التَّعميمَ، أي: إنَّ المقصودَ البشرُ كلُّهم، بدون تحديد جِنسٍ معيَّنٍ يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (4/78)، ((تفسير ابن عاشور)) (5/210). ، كما أنَّه يُبرِزُ المعنى ويوضِّحه.
- قوله: وَهُوَ مُؤْمِنٌ فيه: اختصاصٌ بذِكْر الإيمانِ يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (4/78). ؛ إذ الإيمانُ من الشُّروطِ الأساسيَّة لقَبول العمل.
4- قوله: وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا
- قوله: وَمَنْ أَحْسَنُ الاستفهامُ إنكاريٌّ يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (5/210). .
- وقوله: أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ: يُفيد الحصرَ، في أنَّه أسلَمَ نفْسَه لله سبحانه، وما أسلَمَ لغيره يُنظر: ((تفسير الرازي)) (11/229). .
- وفيه كنايةٌ عن تمامِ الطَّاعةِ والاعترافِ بالعبوديَّة، وهو أحسنُ الكنايات؛ لأنَّ الوجهَ أشرفُ الأعضاء يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (5/210). .
- قوله: مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ فيه: اختصاصٌ يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (4/78). ؛ حيث خَصَّ مِلَّة إبراهيمَ بالاتِّباع؛ للدَّلالةِ على أحقِّيَّتِها بالاتِّباعِ مِن كلِّ ملَّة.
- وقوله: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا: جُملةٌ معترِضةٌ لا محلَّ لها من الإعرابِ؛ فائدتُها تأكيدُ وجوبِ اتِّباعِ ملَّةِ إبراهيمَ عليه السَّلام؛ لأنَّ مَن بلَغَ مِن الزُّلْفَى عند اللهِ أنِ اتَّخذه خليلًا، كان جديرًا بأنْ تُتَّبعَ مِلَّتُه وطريقتُه يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (1/569)، ((تفسير الرازي)) (11/230)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش (2/330). .
وقيل: إنَّ هذه الجملةَ ليستْ اعتراضيَّة قالوا: لأنَّ الاعتراضَ المصطلحَ عليه في النَّحو لا يُعترض بِه إلَّا بَين مُفتقرينِ كصلةٍ وموصول، وشرطٍ وجزاءٍ، وقَسَم ومُقسَمٍ عليه، وتابع ومتبوع، وعامل ومعمول. وهذه الجملة ليستْ كذلك. ، بل هي معطوفةٌ على الجُملةِ الاستفهاميةِ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ... التي معناها الخبرُ- لا أحدَ أحسنُ دِينًا ممَّن أسلمَ وجهَه لله- نَبَّهَتْ على شرفِ المتبوعِ وأنَّه جديرٌ بأنْ يُتَّبع لاصطفاءِ اللهِ له بالخُلَّة، وعلى فوزِ المتَّبِع له يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (4/77- 79)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (4/98- 99). .
- وفيه: إظهارُ اسمِ إبراهيمَ عليه السَّلام في موقِع الإضمار؛ لتفخيمِ شأنِه، والتَّنصيصِ على أنَّه الممدوحُ، وتأكيدِ استقلالِ الجملةِ الاعتراضيَّة يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/236). .
5- قوله: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ: جملةٌ تذييليَّةٌ مبتدَأَةٌ، سِيقَت لتقرير وجوبِ طاعةِ الله تعالى على أهلِ السَّموات والأرض يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/237). .
- وإنَّما قال: مَا، ولم يقُل (مَن)؛ لأنَّه ذهَب مَذهَبَ الجنسِ، والَّذي يعقِلُ إذا ذُكِر وأُريد به الجنسُ ذُكر بـ: (ما) يُنظر: ((تفسير الرازي)) (11/232). (ويحتمل أنَّه أتى بـ مَا؛ ليعمَّ بذلك الأشخاصَ والأوصاف؛ لأنَّ تَعيينَ «مَن» للعقلاء ومَا لغير العقلاء إنَّما هو في الأعيانِ، لكنَّ مَا للأعيانِ والأوصاف). ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/272-273). .
- وفيه اختصاصُ مُلك ما في السَّموات والأرض باللهِ عزَّ وجلَّ، ويُؤخَذ ذلك مِن تقديمِ الخَبر وَلِلَّهِ؛ لأنَّ تقديمَ ما حقُّه التَّأخيرُ، يفيدُ الحصرَ يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/274). .
- وهو كالاحتراسِ على أنَّ الخُلَّة ليستْ كخُلَّة النَّاسِ المقتضيةِ المساواةَ أو التَّفضيلَ يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (5/211). ، أو الحاجة؛ فإنَّ لِلَّهِ ما في السَّموات وما في الأرض، فالكلُّ خَلْقُه وعبيدُه ومُلكه.
6- قوله: وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا: تذييلٌ مقرِّرٌ لمضمونِ ما قبله على الوجوهِ المذكورةِ يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (2/237). ، مع ما فيه مِن المبالغةِ في الاتِّصافِ بالعِلمِ بِالشَّيْءِ مِن جميعِ جِهاته يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (4/78). ، وما تَضمَّنه من التَّهديدِ والوعيد لِمَن خالَف أمْرَ المحيطِ بكلِّ شيءٍ.