موسوعة التفسير

سورةُ الشُّعَراءِ
الآيات (141-159)

ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ

غَريبُ الكَلِماتِ:

طَلْعُهَا: أي: ما يَطلُعُ منها، وهو الثَّمَرُ، سُمِّي طَلْعًا؛ لطُلوعِه كُلَّ سَنةٍ، وأصلُ (طلع): يدُلُّ على ظُهورٍ وبُروزٍ [815] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/419)، ((التفسير البسيط)) للواحدي (17/102)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 270).   .
هَضِيمٌ: أي: يانعٌ لَيِّنٌ نَضيجٌ، والهَضيمُ: هو المتكَسِّرُ مِن لِينِه ورطوبتِه، مِن قَولِهم: هضم فلانٌ فُلانًا حَقَّه: إذا انتقَصَه، فكذلك الهَضمُ في الطَّلعِ، إنَّما هو التنَقُّصُ منه مِن رطوبتِه ولِينِه؛ إمَّا بمَسِّ الأيدي، وإمَّا بركوبِ بَعضِه بعضًا، وأصلُ (هضم): يدُلُّ على كَسْرٍ، وضَغْطٍ، وتداخُلٍ [816] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 283)، ((تفسير ابن جرير)) (17/619، 620)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 319)، ((المفردات)) للراغب (ص: 842).   .
وَتَنْحِتُونَ: أي: تَنجُرونَ وتَصنَعونَ، والنَّحتُ: بَريُ الحجَرِ والخَشَبِ وتَسويتُهما على تقديرٍ مَخصوصٍ [817] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/404)، ((تفسير القرطبي)) (10/53) و(13/129)، ((تفسير ابن كثير)) (7/26)، ((تفسير ابن عاشور)) (8-ب/220).   .
فَارِهِينَ: أي: حاذِقينَ بنَحتِها، وأصلُ (فره): يدُلُّ على أشَرٍ وحِذْقٍ [818] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 319، 320)، ((تفسير ابن جرير)) (17/621)، ((المفردات)) للراغب (ص: 634)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 270)، ((تفسير القرطبي)) (13/129)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 699).   .
الْمُسَحَّرِينَ: أي: الذين بُولِغَ في سِحْرِهم مرَّةً بعْدَ مرَّةٍ حتى غَلَب على عُقولِهم. وقيل: أي: مِن ذَوي السَّحْرِ، أي: الرِّئةِ، فهو كنايةٌ عن كونِه مِنَ الأناسيِّ. وأصلُ (سحر) هنا: يدُلُّ على خَدْعٍ وشِبْهِه، وعلى عُضوٍ مِنَ الأعضاءِ [819] يُنظَر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/138)، ((البسيط)) للواحدي (17/108)، ((المفردات)) للراغب (ص: 400)، ((تفسير الألوسي)) (10/112)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/177).   .
شِرْبٌ: أي: حَظٌّ ونَصيبٌ مِن الماءِ، والشُّربُ: تناوُلُ كلِّ مائعٍ، ماءً كان أو غيرَه [820] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 320)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 293)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/267)، ((المفردات)) للراغب (ص: 448).   .
فَعَقَرُوهَا: أي: فنَحَروها وقَتَلوها، وأصلُ العَقْرِ: ضَرْبُ قوائمِ البعيرِ بالسيفِ، وهو قائِمٌ، ثمَّ جُعِل النَّحرُ عقرًا؛ لأنَّ العَقْرَ سببٌ لنحرِه، وناحِرُ البعيرِ يعقِرُه ثمَّ ينحرُه، واستُعمِل العقرُ أيضًا في القتلِ والهلاكِ، وأصلُ (عقر): يدُلُّ على جَرحٍ [821] يُنظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (1/145)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/90)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 113)، ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثر (3/271)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 662).   .

المعنى الإجماليُّ:

يحكي اللهُ تعالى جانبًا مِن قصةِ صالحٍ عليه السلامُ معَ قومِه، فيقولُ: كذَّبتْ قَبيلةُ ثمودَ بجَميعِ رُسُلِ الله، إذْ قال لهم أخوهم في النَّسَبِ صالحٌ: ألَا تتَّقون اللهَ، وتخافونَ عِقابَه، إنِّي لكم رَسولٌ مِن اللهِ، أمينٌ على وَحيِه، أبَلِّغُكم إيَّاه بلا زيادةٍ ولا نُقصانٍ، فاتَّقوا عِقابَ اللهِ وسَخَطَه، وأطيعوني، وما أطلُبُ منكم على نُصحي لكم جَزاءً ولا ثوابًا؛ ما ثَوابي إلَّا على اللهِ رَبِّ العالَمينَ.
أتَظُنُّون أن تُترَكوا متنعِّمينَ في هذه الخَيراتِ آمِنينَ؛ في بَساتينَ وعُيونِ ماءٍ، وزُروعٍ ونَخلٍ ثَمَرُها لَيِّنٌ ناضِجٌ، وتَنحِتون من الجِبالِ بُيوتًا لكم حاذِقينَ بنَحتِها؟! فاتَّقوا عِقابَ اللهِ وسخَطَه وأطيعوني، ولا تُطيعوا أمرَ المُسرِفين المُتجاوِزين الحَدَّ في الكُفرِ والعِصيانِ، الذين يُفسِدون في الأرضِ ولا يُصلِحون أنفُسَهم ولا غَيرَهم.
قال قومُ صالحٍ ردًّا عليه: إنَّما أنت مِن المسحورينَ، تَهذي بكَلامٍ لا معنى له، ما أنت إلَّا بشَرٌ مِثلُنا، فأْتِ بحجَّةٍ تدُلُّ على صِحَّةِ قَولِك إن كنتَ مِن الصَّادقين حَقًّا.
فقال صالِحٌ لهم: هذه ناقةٌ جعَلَها الله لكم آيةً تدُلُّ على صِدقي، لها حَظٌّ من الماءِ في يومٍ لا تُشارِكونها فيه، ولكم حظٌّ مِن الماء في يومٍ لا تشارِكُكم هي فيه، ولا تمَسُّوا هذه الناقةَ بأذًى فيُصيبَكم عذابُ يومٍ عظيمِ الشَّدائدِ.
فما كان مِن قَومِ صالحٍ إلَّا أن ذَبَحوا النَّاقةَ فأصبَحوا نادِمينَ على فِعلِهم، فأهلَكَهم اللهُ بالعذابِ الذي حذَّرَهم إيَّاه نبيُّهم.
إنَّ في إهلاكِ قَومِ صالحٍ لَعِظةً وعِبرةً ودَلالةً على صِدقِ صالحٍ، وما كان أكثَرُ قَومِ صالحٍ مُؤمِنينَ باللهِ ورَسولِه، وإنَّ ربَّك -يا مُحمَّدُ- لهو العزيزُ القاهِرُ لأعدائِه، الرَّحيمُ بعبادِه، فلا يُعاجِلُهم بعذابِه.

تَفسيرُ الآياتِ:

كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141).
أي: كذَّبتْ قبيلةُ ثَمودَ بجَميعِ رُسُلِ اللهِ [822] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/618)، ((تفسير القرطبي)) (13/127)، ((تفسير ابن كثير)) (6/155)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/157).   .
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142).
أي: حينَ قال لهم صالِحٌ -وهو أخوهم في النَّسَبِ، فهم يَعرِفون صِدقَه وأمانَتَه وشَفَقتَه عليهم-: ألَا تتَّقون اللهَ، وتَحذَرونَ عِقابَه [823] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/618)، ((تفسير القرطبي)) (13/119)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/73)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/157).   ؟
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143).
أي: إنِّي لكم رَسولٌ مِن اللهِ، أمينٌ على وَحيِه الذي بعَثَني به إليكم، فأُبلِّغُكم ما أُرسِلتُ به بلا زيادةٍ ولا نَقصٍ [824] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/618)، ((تفسير ابن كثير)) (6/151)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/73)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596).   .
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144).
أي: فاتَّقوا سَخَطَ اللهِ وعِقابَه، وأطيعوني فيما آمُرُكم به وأنهاكم عنه [825] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/618)، ((تفسير القرطبي)) (13/119)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/73)، ((تفسير السعدي)) (ص: 595).   .
وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (145).
وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ.
أي: وما أطلُبُ منكم على نُصحي لكم أيَّ ثوابٍ وجَزاءٍ [826] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/618)، ((تفسير ابن كثير)) (6/155)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/73، 74)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596).   .
إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ.
أي: ما أرجو ثوابي إلَّا مِن اللهِ الخالِقِ الرازِقِ، المالِكِ المدبِّرِ لجميعِ العالَمينَ دونَ خَلقِه [827] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/618)، ((تفسير القرطبي)) (13/119)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/74)، ((تفسير ابن كثير)) (6/155).   .
أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ (146).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
لَمَّا ثبتَتِ الأمانةُ، وانتفَى مُوجبُ الخيانةِ؛ شرَعَ يُنكِرُ عليهم أكْلَ خَيرِه، وعبادةَ غيرِه، فقال مخوِّفًا لهم مِن سَطَواتِه، ومرغِّبًا في المزيدِ مِن خَيراتِه، مُنكِرًا عليهم إخلادَهم إلى شَهوةِ البَطنِ، واستنادَهم إلى الرَّفاهيةِ، والرِّضا بالفاني [828] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/74).   :
أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ (146).
أي: أتظُنُّون أنَّ اللهَ يتركُكم تتنعَّمون في هذه الخَيراتِ آمنينَ لا تخافونَ [829] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/618)، ((تفسير القرطبي)) (13/127)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة الشعراء)) (ص: 241). قيل: المرادُ بقوله: آَمِنِينَ: أي: مِن الموتِ. وممَّن قال بذلك: مقاتلُ بن سليمان، والسمرقنديُّ. يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (3/275)، ((تفسير السمرقندي)) (2/563). وقيل: آَمِنِينَ: أي: مِن العذابِ. وممَّن قال بذلك: السمعانيُّ، والبغوي، والخازن. يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (4/61)، ((تفسير البغوي)) (3/475)، ((تفسير الخازن)) (3/330). وقيل: آَمِنِينَ: أي: مِن الموتِ والعذابِ. وممَّن قال بذلك: ابنُ الجوزي، والقرطبي، والنسفي، والعليمي، والشوكاني. يُنظر: ((تفسير ابن الجوزي)) (3/345)، ((تفسير القرطبي)) (13/127)، ((تفسير النسفي)) (2/575)، ((تفسير العليمي)) (5/87)، ((تفسير الشوكاني)) (4/129). وقال ابنُ جريرٍ ومكِّيٌّ: آَمِنِينَ: لا تخافونَ شيئًا. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/618)، ((الهداية إلى بلوغ النهاية)) لمكي (8/5337). وقال السعدي: (أتحسبونَ أنَّكم تُترَكون في هذه الخيراتِ والنِّعمِ سُدًى، تتنعَّمون وتتمتَّعون كما تتمتَّعُ الأنعامُ، وتُترَكون سدًى لا تُؤمَرونَ ولا تُنْهَوْن، وتَستعِينونَ بهذه النِّعمِ على معاصي الله؟!). ((تفسير السعدي)) (ص: 596). ويُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (4/239)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة الشعراء)) (ص: 242). ؟!
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
لَمَّا كان للتَّفسيرِ بعْدَ الإجمالِ شأنٌ؛ بَيَّنَ ما أجمَلَ بقَولِه، مُذَكِّرًا لهم بنعمةِ اللهِ ليَشكُروها [830] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/74).   :
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147).
أي: في بَساتينَ وعُيونِ ماءٍ [831] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/618)، ((تفسير السمرقندي)) (2/563)، ((الهداية)) لمكي (8/5337).   .
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) .
أي: وفي زُروعٍ ونَخلٍ طلْعُها [832] قيل: المرادُ: الثمَرُ الذي تُطلِعُه. وممَّن قال بذلك: ابنُ الجوزي، والبِقاعي. يُنظر: ((تفسير ابن الجوزي)) (3/345)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/74، 75). وقيل: هو وعاءٌ يَطلُعُ مِن النخلِ فيه ثمرُ النخلةِ. وممَّن قال بذلك: القرطبي، وابن عاشور. يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (13/128)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/175). وقال ابن عطية: (و«الطلع»: الكُفُرَّى، وهو عنقودُ التمرِ قبلَ أن يخرجَ مِن الكُمِّ في أوَّلِ نباتِه، فكأنَّ الإشارةَ إلى أنَّ طلعَها يثمرُ ويرطبُ). ((تفسير ابن عطية)) (4/239). ...........................................
ليِّنٌ رَطْبٌ [833] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 319)، ((تفسير ابن جرير)) (17/618، 620)، ((معاني القرآن)) للزجاج (4/96)، ((التفسير المظهري)) (7/79، 80)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596). قال ابن الجوزي: (في الهضيمِ سَبعةُ أقوال؛ أحدُها: أنَّه الذي قد أينَعَ وبلغ، رواه العَوْفي عن ابن عبَّاسٍ. والثاني: أنَّه الذي يتهشَّم تهشُّمًا [أي: يتفَتَّتْ]، قاله مجاهد. والثالث: أنَّه الذي ليس له نوًى، قاله الحسن. والرابع: أنه المذنِّبُ مِن الرُّطَب [أي: الذي أرطبَ مِن قِبَلِ ذَنَبِه]، قاله سعيدُ ابنُ جُبَيْرٍ. والخامس: اللَّيِّن، قاله قَتادةُ، والفَرَّاءُ. والسادس: أنَّه الحَمْلُ الكثيرُ الذي يركَبُ بَعضُه بعضًا، قاله الضَّحَّاكُ. والسابع: أنَّه الطَّلْعُ قبل أن ينشقَّ عنه القِشرُ وينفَتِح، يريدُ أنَّه منضِمٌّ مكتَنِزٌ، ومنه قيل: رجُلٌ أهضَمُ الكَشْحَينِ: إذا كان منضمَّهما، قاله ابنُ قُتَيْبةَ). ((تفسير ابن الجوزي)) (3/345). ويُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 319)، ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (4/96). وممَّن اختار أنَّ الهضيمَ بمعنى اللَّيِّنِ الرَّطبِ النَّضيجِ: الواحديُّ، وابنُ عطية، وابنُ جُزَي، والعليمي، والشوكاني. يُنظر: ((الوجيز)) للواحدي (ص: 794)، ((تفسير ابن عطية)) (4/239)، ((تفسير ابن جزي)) (2/94)، ((تفسير العليمي)) (5/88)، ((تفسير الشوكاني)) (4/129). وممَّن قال بهذا القولِ مِن السلفِ: عِكْرِمةُ، وقَتادةُ. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/620)، ((تفسير ابن الجوزي)) (3/345). وقال ابنُ جرير: (الهَضيمُ: هو المتكَسِّرُ مِن لِينِه ورطوبتِه، وذلك مِن قَولِهم: هضَم فلانٌ فُلانًا حَقَّه: إذا انتقَصَه وتحيَّفَه، فكذلك الهَضمُ في الطَّلعِ، إنَّما هو التنَقُّصُ منه مِن رطوبتِه ولِينِه؛ إمَّا بمَسِّ الأيدي، وإمَّا بركوبِ بَعضِه بعضًا، وأصلُه مفعولٌ صُرِفَ إلى فعيلٍ). ((تفسير ابن جرير)) (17/620). وقال البقاعي: (هَضِيمٌ أي: جوادٌ كريمٌ، مِن قَوِلهم: يدٌ هَضومٌ، إذا كانت تجودُ بما لديها، وتفسيرُه بذلك يجمَعُ أقوالَ العلماءِ، وإليه يرجِعُ ما قال أبو عبدِ الله القزازُ: معناه أنه قد هَضَم -أي: ضغَطَ- بعضُه بعضًا لتراكُمِه؛ فإنَّه لا يكونُ كذلك إلا وهو كثيرٌ متُقارِبُ النَّضدِ، لا فُرَجَ بيْنَه، ولطيفٌ لَيِّنٌ هشٌّ طَيِّبُ الرائحةِ). ((نظم الدرر)) (14/74، 75). .
وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
لَمَّا ذَكَر اللَّطيفَ مِن أحوالِهم؛ أتبَعَه الكثيفَ مِن أفعالِهم [834] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/75).   .
القِراءاتُ ذاتُ الأثَرِ في التَّفسيرِ:
1- قراءةُ فَارِهِينَ أي: حاذِقينَ بنَحتِها [835] قرأ بها عاصمٌ، وحمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ، وابنُ عامرٍ. يُنظر: ((المبسوط)) لابن مهران (ص: 328)، ((النشر)) لابن الجزري (2/336). ويُنظر لمعنى هذه القراءةِ: ((معاني القراءات)) للأزهري (2/228)، ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 519).   .
2- قِراءةُ فَرِهِينَ أي: أَشِرين بَطِرينَ. وقيل: القراءتانِ بمعنًى واحدٍ [836] قرأ بها الباقون. يُنظر: ((المبسوط)) لابن مهران (ص: 328)، ((النشر)) لابن الجزري (2/336). ويُنظر لمعنى هذه القراءةِ: ((مجاز القرآن)) لأبي عبيدة (2/88)، ((معاني القراءات)) للأزهري (2/228)، ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 519)، ((تفسير القرطبي)) (13/129).   .
وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149).
أي: وتَنحِتون مِنَ الجِبالِ بُيوتًا لكم حاذِقينَ بنَحتِها [837] يُنظر: ((معاني القرآن)) للفراء (2/282)، ((تفسير ابن جرير)) (17/621، 624)، ((الوسيط)) للواحدي (3/360)، ((تفسير ابن كثير)) (6/156)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596). قال ابن كثير: (قَولُه: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ قال ابنُ عباسٍ، وغيرُ واحدٍ: يعني: حاذقينَ. وفي روايةٍ عنه: شَرِهينَ أَشِرينَ. وهو اختيارُ مجاهدٍ وجماعةٍ. ولا منافاةَ بيْنَهما؛ فإنَّهم كانوا يتَّخِذون تلك البيوتَ المنحوتةَ في الجبالِ أشَرًا وبطَرًا وعَبثًا، مِن غيرِ حاجةٍ إلى سكناها، وكانوا حاذِقينَ مُتقِنينَ لِنَحتِها ونَقشِها، كما هو المشاهَدُ مِن حالِهم لِمَن رأى منازِلَهم). ((تفسير ابن كثير)) (6/156). وقال البقاعي: (مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ أي: مُظهرين النشاطَ والقوَّةَ؛ تعظُّمًا بذلك وبطَرًا، لا لحاجتِكم إلى شيءٍ من ذلك). ((نظم الدرر)) (14/75). وقال ابنُ عثيمينَ: (وكلمةُ: (فَرِهِينَ) يعني: بَطِرين، فهي صفةٌ مشبَّهة، و ? بالمدِّ اسمُ فاعلٍ، والمراد به الحِذْقُ. واختلافُ القراءتينِ يكونُ فيه فائدةٌ، وهي اجتماعُ المعنيَينِ مِن هذه الكلمةِ؛ فيكونونَ متَّصِفينَ بالأمْرينِ: بالبطَرِ بِناءً على قراءةِ القَصْرِ، وبالحِذْقِ بِناءً على قراءةِ المدِّ، وهذا مِن فوائدِ تنوُّعِ القراءةِ؛ لأنَّ تنوعَ القراءةِ له فوائدُ كثيرةٌ، منها أنْ تكونَ الكَلِمةُ جامعةً لِمَعنيينِ). ((تفسير ابن عثيمين - سورة الشعراء)) (ص: 243). .
كما قال تعالى حاكيًا قَولَ صالحٍ عليه السلامُ لِقَومِه: وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا [الأعراف: 74].
وقال تعالى: وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ [الحجر: 82] .
وقال سبحانه: وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ [الفجر: 9] .
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (150).
أي: فاتَّقوا سَخَطَ اللهِ وعِقابَه، وأطيعوني فيما آمُرُكم به وأنهاكم عنه؛ فقد بانَ لكم صِدقي [838] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/624)، ((تفسير القرطبي)) (13/119)، ((تفسير ابن كثير)) (6/156)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/75)، ((تفسير السعدي)) (ص: 595).   .
وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151).
أي: ولا تَنقادوا لأمرِ المُسرِفين، الذين تمادَوا وتجاوَزوا الحَدَّ في الكُفرِ باللهِ ومَعصيتِه [839] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/624)، ((تفسير ابن عطية)) (4/240)، ((تفسير البيضاوي)) (4/147)، ((تفسير ابن كثير)) (6/156)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/176). قيل: عنى بالمسرفينَ: كُبَراءَهم وأئمَّتَهم في الكُفرِ والضَّلالِ. وممَّن قال بذلك: ابنُ عطية، وابنُ كثير، وابنُ عاشور. يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (4/240)، ((تفسير ابن كثير)) (6/156)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/176). وقيل: المرادُ بالمُسرِفين: التِّسعةُ الرَّهطِ الذين وصَفَهم اللهُ تعالى بقَولِه: وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ [النمل: 48] . وممَّن قال بهذا: مقاتلُ بنُ سليمان، وابنُ جرير، وذكره السعديُّ احتمالًا. يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (3/275)، ((تفسير ابن جرير)) (17/624)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596). .
الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (152).
أي: الذين يُفسِدون في الأرضِ بالكُفرِ والظُّلمِ والمعاصي والدَّعوةِ إلى ذلك، ولا يُصلِحونَ أنفُسَهم بالعَمَلِ الصَّالحِ، ولا يأمُرونَ غَيرَهم بالصَّلاحِ [840] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/624)، ((تفسير السمرقندي)) (2/563)، ((تفسير النسفي)) (2/576)، ((تفسير السعدي)) (ص: 595).   .
قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
لَمَّا دعا إلى اللهِ تعالى بما لا خلَلَ فيه، فعَلِموا أنَّهم عاجِزونَ عن الطَّعنِ في شَيءٍ منه؛ عَدَلوا إلى التَّخييلِ على عُقولِ الضُّعَفاءِ [841] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/76).   .
قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153).
أي: قال قومُ صالحٍ: إنَّما أنت مِن المسحورينَ الذين بُولِغَ في سِحرِهم مرَّةً بعْدَ مرَّة، فلا عقْلَ لك، وإنَّما تَهذِي بما لا مَعنى له [842] يُنظر: ((معاني القرآن)) للنحاس (5/97)، ((الوسيط)) للواحدي (3/360)، ((تفسير القرطبي)) (13/130)، ((تفسير ابن كثير)) (6/156، 157)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/76)، ((تفسير السعدي)) (ص: 595).   .
مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154).
مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا.
أي: ما أنت إلَّا آدميٌّ مِثلُنا، فكيف خَصَّك اللهُ بالرِّسالةِ مِن بيْنِنا حتى نتَّبِعَك [843] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/627)، ((تفسير السمرقندي)) (2/564)، ((تفسير ابن كثير)) (6/157)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/77)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596).   ؟!
كما قال تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ [القمر: 23 - 25].
فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ.
أي: فأْتِ بحُجَّةٍ تدُلُّ بوُضوحٍ على صحَّةِ ما تقولُ إن كنتَ مِن الصَّادقينَ في أنَّك رَسولٌ مِن اللهِ إلينا حَقًّا [844] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/627)، ((تفسير البغوي)) (3/476)، ((البسيط)) للواحدي (17/110)، ((تفسير الشوكاني)) (4/130).   .
قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (155).
أي: قال صالحٌ لِقَومِه: هذه ناقةٌ جعَلَها الله لكم آيةً تدُلُّ على صِدقي، لها حَظٌّ ونَصيبٌ مِن الماءِ في يومٍ لا تُشارِكونَها فيه، ولكم حظٌّ ونَصيبٌ مِن الماء في يومٍ لا تُشارِكُكم فيه [845] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/627)، ((البسيط)) للواحدي (17/110)، ((تفسير القرطبي)) (13/131)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/77)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/177).   .
كما قال تعالى: قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ [الأعراف: 73] .
وقال سُبحانَه: وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ [هود: 64] .
وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156).
أي: ولا تمَسُّوا النَّاقةَ بأيِّ أذًى كائِنًا ما كان؛ فإنَّكم إن فعلتُم يُصيبُكم مِنَ اللهِ عذابُ يومٍ عظيمِ الأهوالِ [846] يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (3/276)، ((تفسير ابن جرير)) (17/628)، ((تفسير البيضاوي)) (4/147)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/170). ممَّن نصَّ على أنَّ المرادَ: عذابُ الدُّنيا: مقاتلُ بنُ سليمانَ، وابنُ عطيَّةَ. يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (3/276)، ((تفسير ابن عطية)) (4/240).   .
كما قال تعالى حاكيًا قَولَ صالحٍ لِقَومِه: وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [الأعراف: 73] .
فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (157).
أي: فقتَلَ قَومُ صالحٍ النَّاقةَ، فأصبَحوا نادِمينَ على ذلك حينَ أيقَنوا بالعَذابِ [847] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/628، 629)، ((تفسير السمرقندي)) (2/564)، ((تفسير البغوي)) (3/476)، ((تفسير القرطبي)) (13/131).   .
فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (158).
فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ .
أي: فأهلَكَهم اللهُ بالعذابِ الذي توعَّدَهم به نبيُّهم [848] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/629)، ((تفسير السمرقندي)) (2/564)، ((تفسير البيضاوي)) (4/147)، ((تفسير الألوسي)) (10/113)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596).   .
كما قال تعالى: فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ [الأعراف: 77، 78].
وقال تعالى: وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ [هود: 67].
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً .
مُناسَبتُها لِما قَبلَها:
لَمَّا كان في النَّاقةِ وفي حُلولِ مخايلِ العذابِ أعظَمُ دليلٍ على صِدْقِ الرَّسولِ الدَّاعي إلى اللهِ؛ قال [849] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/79).   :
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً .
أي: إنَّ في إهلاكِ قَومِ صالحٍ لَعِظةً، وعِبرةً، ودَلالةً على صِدقِ رَسولِه [850] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/629)، ((تفسير السعدي)) (ص: 596)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/164).   .
وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ.
أي: ولم يكُنْ أكثَرُ قَومِ صالحٍ مُؤمِنينَ [851] يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (3/276)، ((تفسير السمرقندي)) (2/564)، ((تفسير السعدي)) (ص: 595)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/156).   .
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
لَمَّا كان رُبَّما تُوُهِّمَ أنَّه سُبحانَه غيرُ متَّصِفٍ بالعِزَّة؛ لعدَمِ قَسْرِهم على الإيمانِ، أو بالرَّحمةِ؛ لإهلاكِهم- قال [852] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/79).   :
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (159).
أي: وإنَّ رَبَّك -يا مُحمَّدُ- لهو العزيزُ القاهِرُ الغالِبُ، المنتَقِمُ مِن أعدائِه، الرَّحيمُ بعبادِه، فلا يعاجِلُهم بعَذابِه، ومِن رحمتِه أنَّه يُرسِلُ رُسُلًا، ويُنزِلُ معهم ما يُبَيِّنُ به ما يُرضيه وما يُسخِطُه، فلا يُهلِكُ قومًا إلَّا بعْدَ إعذارِهم، ومِن رحمتِه أنَّه يُنجِّي أتْباعَ رُسُلِه [853] يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (3/276، 277)، ((تفسير ابن جرير)) (17/629)، ((تفسير السمرقندي)) (2/564)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (14/79).   .

الفَوائِدُ التَّربويَّةُ:

1- قال الله تعالى: أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ ... في هذه الآية دَلالةٌ على عِظَمِ نِعمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وأنَّها تستوجِبُ الشُّكرَ العظيمَ للهِ سُبحانَه وتعالى، وأنَّه هو مُعطي الأمانِ وآخِذُه؛ لِقَولِه: آَمِنِينَ [854] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الشعراء)) (ص: 256).   ، ففي تذكيرِهم بنعمةِ الله عليهم بما مكَّن لهم مِن خَيراتٍ حَثٌّ على العملِ لاستبقاءِ تلك النِّعَمِ؛ بأنْ يَشكروا اللهَ عليها [855] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/175).   .
2- في قَولِه تعالى: فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ تَسليةٌ لكلِّ داعيةٍ إذا دعا إلى حَقٍّ، فقُوبِل بإعراضٍ ورفْضٍ لِما معه مِن الحقِّ، وأنَّ الواجبَ عليه أن يَصبِرَ، وأن يقولَ: جرَى للأنبياءِ مِثلُ هذا وأشدُّ، وهم أشرفُ عندَ اللهِ مِنِّي [856] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الشعراء)) (ص: 257).   .

الفَوائِدُ العِلميَّةُ واللَّطائِفُ:

1- قال تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ثَمودُ قد كذَّبوا المرسَلينَ؛ لأنَّهم كذَّبوا صالحًا، وكذَّبوا هودًا؛ لأنَّ صالحًا وعَظَهم بِعَادٍ في قولِه: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ [الأعراف: 74] ، وبتكذيبِهم كذَّبوا بنوحٍ أيضًا؛ لأنَّ هودًا ذَكَّرَ قومَه بمصيرِ قومِ نوحٍ في آيةِ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ [857] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/174).   [الأعراف: 69] .
2- في قَولِه تعالى: أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ دَليلٌ على عدمِ البقاءِ في حالِ الرَّفاهيةِ عقابًا لِمَن التَزَموا شِرْكَهم، أي: إنَّه لا يمكِنُ أنْ يُترَكوا بدونِ رُسُلٍ وشُكْرٍ للنِّعمةِ [858] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الشعراء)) (ص: 256).   .
3- قَولُه تعالى: آَمِنِينَ فيه عِظَمُ نِعمةِ الأمنِ؛ فإنَّ نعمةَ الأمنِ قد تقابِلُ نعمةَ الشِّبَعِ والرِّيِّ [859] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الشعراء)) (ص: 256).   .
4- قولُه تعالى: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ ... فيه بيانُ قوَّةِ قومِ صالحٍ؛ إذ بَلَغوا مِن القوَّةِ أنْ كانوا يَنحِتونَ بيوتَهم في الجِبالِ، وأيُّ قوةٍ بعدُ [860] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الشعراء)) (ص: 256).   ؟!
5- قَولُ الله تعالى: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ فيه دَليلٌ على دِقَّةِ قَومِ صالحٍ في العَمَلِ، والحِذقِ في الهندسةِ؛ لأنَّ (فارهين) بمعنى حاذِقينَ [861] يُنظر: ((تفسير ابن عثيمين- سورة الشعراء)) (ص: 256).   .
6- في قَولِه تعالى: فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ سؤالٌ: لِمَ أخَذَهم العذابُ وقد نَدِموا؟
جوابُه مِن وجهَينِ:
الأولُ: أنَّه لم يكن نَدَمُهم نَدَمَ التائبينَ، لكنْ نَدَمُ الخائفينَ مِن العذابِ العاجلِ.
الثاني: أنَّ الندمَ، وإنْ كان نَدَمَ التَّائبينَ، ولكنْ كان ذلك في غيرِ وقتِ التوبةِ، بل عندَ معاينةِ العذابِ؛ قال تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ ... الآية [862] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (24/525).   [النساء: 18] .

بلاغةُ الآياتِ:

1- قوله تعالى: كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ استئنافُ تَعدادٍ وتكريرٍ [863] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/174).   .
2- قولُه تعالى: أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ
- يجوزُ أنْ يكونَ هذا القولُ إنكارًا ونفْيًا لِأَنْ يُترَكُوا مُخَلَّدِينَ في نَعيمِهم لا يُزالونَ عنه، وأنْ يكونَ تَذكيرًا بالنِّعمةِ في تَخليةِ اللهِ إيَّاهم وما يتنعَّمونَ فيه مِنَ الجنَّاتِ وغيرِ ذلك، مع الأمنِ والدَّعَةِ [864] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (3/327)، ((تفسير البيضاوي)) (4/146)، ((تفسير أبي حيان)) (8/181)، ((تفسير أبي السعود)) (6/258).   . وقيل: تَخويفٌ لهم؛ بمعنى: أَتَطمعونَ أنْ تُقَرُّوا في النِّعَمِ على معاصيكُم؟ وقيل: أَتُتْرَكُونَ استفهامٌ في معنى التوبيخِ [865] يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (4/239)، ((تفسير أبي حيان)) (8/181).   .
- ونُزِّلَ حالُهم مَنزلةَ مَن يظُنُّ الخُلودَ، ودوامَ النعمةِ؛ فخاطبَهم بالاستفهامِ الإنكاريِّ التوبيخيِّ أَتُتْرَكُونَ  ...، وهو في المعنى إنكارٌ على ظنِّهم ذلك، وسلَّطَ الإنكارَ على فِعلِ التَّرْكِ؛ لأنَّ ترْكَهم على تلك النِّعَمِ لا يكونُ؛ فكان إنكارُ حُصولِه مُستلزِمًا إنكارَ اعتقادِه، وهذا الكلامُ تعليلٌ للإنكارِ الذي في قولِه: أَلَا تَتَّقُونَ؛ لأنَّ الإنكارَ عليهم دوامَ حالِهم يَقْتضي أنَّهم مُفارِقونَ هذه الحياةَ، وصائرونَ إلى اللهِ [866] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/174، 175).   .
- وقولُه: هَاهُنَا إشارةٌ إلى بِلادِهم، أي: في جَميعِ ما تُشاهِدونَه، وهذا إيجازٌ بَديعٌ [867] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/175).   .
- وقولُه: آَمِنِينَ حالٌ مُبيِّنةٌ لبَعضِ ما أجْمَله قولُه: فِي مَا هَاهُنَا؛ وذلك تَنبيهٌ على نِعمةٍ عَظيمةٍ لا يَدُلُّ عليها اسمُ الإشارةِ؛ لأنَّها لا يُشارُ إليها، وهي نعمةُ الأمنِ التي هي مِن أعظمِ النِّعَمِ، ولا يُتذَوَّقُ طعمُ النِّعَمِ الأُخرى إلَّا بها [868] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/175).   .
3- قولُه تعالى: فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
- قولُه: أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ  إجمالٌ، ثمَّ تفصيلٌ في قولِه:    فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [869] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (3/327)، ((تفسير البيضاوي)) (4/146)، ((تفسير أبي حيان)) (8/181)، ((تفسير أبي السعود)) (6/258)، ((تفسير ابن عاشور)) (19/175).   ؛ فالتفصيلُ واردٌ على المبالَغةِ في التنبيهِ على نِعَمِ اللهِ تعالى [870] يُنظر: ((حاشية الطيبي على الكشاف)) (11/399).   .
4- قولُه تعالى: وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ
- جاء قولُه: وَنَخْلٍ بعْدَ قولِهِ: فِي جَنَّاتٍ، وإنْ كانتِ الجنَّةُ تتناوَلُ النخلَ أوَّلَ شيءٍ، ويُطلِقونَ الجنَّةَ ولا يُريدونَ بها إلَّا النخلَ؛ فأفرَدَ وَنَخْلٍ بالذِّكْرِ بعْدَ اندراجِه في لفظِ جَنَّاتٍ؛ تَنبيهًا على انفرادِه عن شَجرِ الجنَّةِ بفضلِه، أو أرادَ بـ جَنَّاتٍ غيرَ النخلِ مِنَ الشَّجرِ؛ لأنَّ اللَّفظَ صالحٌ لهذه الإرادةِ، ثمَّ عطَفَ عليه وَنَخْلٍ [871] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (3/327، 328)، ((تفسير البيضاوي)) (4/146)، ((تفسير أبي حيان)) (8/181)، ((تفسير أبي السعود)) (6/258).   . وقيل: خُصَّ النَّخلُ بالذِّكرِ مع أنَّه ممَّا تشملُه الجنَّاتُ؛ لقَصدِ بيانِ جَودتِه بأنَّ طَلْعَه هَضيمٌ [872] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/175).   .
5- قولُه تعالى: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ
- قولُه: وَتَنْحِتُونَ عَطْفٌ على آَمِنِينَ -أي: وناحِتِينَ- عَبَّرَ عنه بصِيغةِ المضارعِ؛ لاستِحضارِ الحالةِ في نَحتِهم بُيوتًا مِنَ الجبالِ [873] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/176).   .
6- قولُه تعالى: الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ
- أفاد قولُه: وَلَا يُصْلِحُونَ أنَّ فسادَهم فَسادٌ مُصْمَتٌ ليس معه شيءٌ مِنَ الصَّلاحِ، كما تَكونُ حالُ بعضِ المفسدينَ مخلوطةً ببعضِ الصَّلاحِ [874] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (3/328)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (7/115).   ؛ فالتركيبُ مِن بابِ الطَّرْدِ والعَكسِ، وفائدتُه: التوكيدُ والمبالَغةُ [875] يُنظر: ((حاشية الطيبي على الكشاف)) (11/402).   ؛ فإنَّه لَمَّا كانتْ دَلالةُ قولِه: يُفْسِدُونَ دَلالةَ المطلَقِ، أتَى بقولِه: وَلَا يُصْلِحُونَ؛ فنفى عنهُمُ الصَّلاحَ، وهو نفْيٌ لمطلَقِ الصَّلاحِ؛ فيَلْزَمُ منه نفيُ الصلاحِ كائنًا ما كان؛ فلا يحصُلُ منهم صلاحٌ الْبَتَّةَ [876] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (8/182).   .
- وأيضًا قولُه: الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وصْفٌ موضِّحٌ لإسرافِهم؛ ولذلك عُطِفَ وَلَا يُصْلِحُونَ على يُفْسِدُونَ؛ لبيانِ خُلوصِ إفسادِهم عن مُخالَطةِ الإصلاحِ [877] يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (4/147)، ((تفسير أبي السعود)) (6/259).   .
- وكذلك وَصَفَهم بأنَّهم يُفسِدونَ في الأرضِ؛ فالإسرافُ مَنوطٌ بالفسادِ، وعطْفُ وَلَا يُصْلِحُونَ على جُملةِ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ تأكيدٌ لوقوعِ الشيءِ بنفْيِ ضدِّه؛ فكأنَّه قيل: الذينَ إنَّما هم مُفسِدونَ في الأرضِ، فعُدِلَ عن صِيغةِ القصْرِ؛ لِئَلَّا يحتملَ أنَّه قصْرُ مُبالَغةٍ؛ لأنَّ نفيَ الإصلاحِ عنهم يؤكِّدُ إثباتَ الإفسادِ لهم؛ فيتقرَّرُ ذلك في الذِّهْنِ، ويتأكَّدُ معنى إفسادِهم بنفْيِ ضدِّه [878] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/176).   .
7- قولُه: قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ قولُه: مِنَ الْمُسَحَّرِينَ أبلَغُ في الاتِّصافِ بالتَّسحيرِ مِن أنْ يُقالَ: (إنَّما أنتَ مُسَحَّرٌ) [879] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/177).   .
8- قولُه تعالى: مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
- لَمَّا تَضمَّنَ قولُهم: إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ تكذيبَهم إيَّاهُ، أيَّدوا تكذيبَه بأنَّه بشَرٌ مِثْلُهم، وذلك -في زعْمِهم- يُنافي أنْ يكونَ رسولًا مِنَ اللهِ؛ لأنَّ الرسولَ -في زعْمِهم- لا يكونُ إلَّا مَخلوقًا خارقًا للعادةِ؛ كأنْ يكونَ ملَكًا أو جِنِّيًّا؛ فجُملةُ مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا في حُكْمِ التأكيدِ بجُملةِ إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ باعتبارِ مَضمونِ الجُملتَينِ [880] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/177).   .
- قولُه تعالَى في قصَّةِ صالحٍ عليه السلامُ: مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فيه مُناسَبةٌ حَسنةٌ، حيثُ قالَه فيها بلا «واوٍ»، وقالَه في قصَّةِ شُعيبٍ عليه السلامُ بـ «واوٍ»؛ لأنَّه هُنا بَدَلٌ ممَّا قبْلَه، وهناك مَعطوفٌ على ما قبْلَه، وخُصَّتِ الأُولى بالبَدلِ؛ لأنَّ صالحًا قَلَّلَ في الخِطاب؛ِ فقَلَّلوا في الجوابِ، وأكْثَرَ شُعيبٌ في الخِطابِ؛ فأَكْثَروا في الجوابِ [881] يُنظر: ((فتح الرحمن)) للأنصاري (ص: 415).   .
- قولُه: فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فرَّعوا على تَكذيبِه المطالَبةَ بأنْ يأتيَ بآيةٍ على صِدقِه، أي: أنْ يأتيَ بخارقِ عادةٍ يدُلُّ على أنَّ اللهَ صدَّقَه في دعوَى الرِّسالةِ عنه، وفَرَضوا صِدقَه بحرفِ (إن) الشرطيَّةِ الغالبِ استعمالُها في الشَّكِّ [882] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/177).   .
9- قولُه تعالى: قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ في الكلامِ إيجازٌ بالحَذفِ، تقديرُه: قال: آتِي بها، قالوا: ما هي؟ قال: هذه ناقةٌ... [883] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (8/182).   .
10- قولُه تعالى: وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ
- قولُه: عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ إنَّما عَظُمَ اليومُ لحُلولِ العذابِ فيه، ووَصْفُ اليومِ به أبلَغُ مِن وَصْفِ العذابِ؛ لأنَّ الوقتَ إذا عَظُمَ بسببِه كان موقِعُه مِنَ العِظَمِ أشدَّ؛ فهو مِن بابِ الكِنايةِ [884] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (3/329)، ((تفسير البيضاوي)) (4/147)، ((حاشية الطيبي على الكشاف)) (11/404)، ((تفسير أبي حيان)) (8/183)، ((تفسير أبي السعود)) (6/259).   .
11- قولُه تعالى: فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ
- قولُه: فَعَقَرُوهَا أُسنِدَ العَقْرُ إلى كُلِّهم؛ لأنَّ عاقِرَها إنَّما عقَرَها برِضاهُم ورأيِهم؛ ولذلك عمَّهُمُ العذابُ [885] يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (4/147)، ((تفسير أبي حيان)) (8/183)، ((تفسير أبي السعود)) (6/259).   .
- والفاءُ في ? فَصيحةٌ، أي: فعقَروها؛ فَرَأَوُا العذابَ فنَدِموا، فأخَذَهُمُ العذابُ [886] يُنظر: ((حاشية الطيبي على الكشاف)) (11/405).   .
12- قولُه تعالى: فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
- عطَفَ قولَه: فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ بفاءِ التَّعقيبِ على نَادِمِينَ؛ لأنَّ العذابَ قد حَلَّ بهم سَريعًا [887] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (19/178).   .