موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثَّاني: وجوبُ تقدُّمِ الخَبَرِ على المُبتَدَأِ لفظًا


يجِبُ تقَدُّمُ الخَبَرِ على المُبتَدَأِ في حالاتٍ، وهي:
1- إذا كان المُبتَدَأُ نكرةً مَحْضةً النَّكِرةُ المحضةُ: هي التي يكون معناها شائعًا بين أفرادِ مدلولها، مع انطباقِه على كُلِّ فَردٍ، مِثلُ كَلِمةِ "رَجُل"؛ فإنَّها تَصدُقُ على كُلِّ فردٍ من أفرادِ الرِّجالِ؛ لعَدَمِ وُجودِ قَيْدٍ يجعَلُها مقصورةً على بعضِهم دون غيرِه، بخلافِ: "رجلٌ صالحٌ" فإنها نكرةٌ غيرُ محضةٍ؛ لأنها مقيَّدةٌ تنطَبِقُ على بعضِ أفرادٍ من الرِّجالِ، وهم الصَّالحون دونَ غيرِهم، فاكتَسَبت بهذا التقييدِ شيئًا من التخصيصِ والتحديدِ، وقِلَّةِ العَدَدِ بسَبَبِ الصِّفةِ التي بَعْدَها، والتي جعَلَتْها أقَلَّ إبهامًا وشيوعًا من الأولى، ومثلُ الصِّفةِ غيرُها من كُلِّ ما يُخرِجُ النكرةَ من عُمومِها وشيوعِها الأكمَلِ إلى نوعٍ من التحديدِ وتقليلِ أفرادِها، كإضافةِ النكرةِ الجامِدةِ إلى نكرةٍ أخرى، وكوقوعِها نعتًا لنكرةٍ مَحْضةٍ، أو وقوعِها حالًا، أو غيرِ هذا من سائِرِ القيودِ. يُنظَر: ((النحو الوافي)) (1/ 213). ، ولا مسوِّغَ للابتداءِ به إلَّا تقدُّمُ الخَبَر، والخَبَرُ شِبهُ الجُملةِ، نَحوُ: وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق: 35] ، فإن كان للنَّكِرةِ مُسَوِّغٌ آخَرُ غيرُ تقَدُّمِ الخَبَر، كأن تكونَ موصوفةً مثلًا؛ جاز تقديمُ الخَبَر وتأخيرُه نحوُ: (رجلٌ كريمٌ في البيتِ)، ومنه قوله تعالى: وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ [الأنعام: 2] .
2- إذا كان المُبتَدَأُ  مُشتَمِلًا على ضميرٍ يَعودُ على جزءٍ مِن الخَبَر، نَحوُ: (في الدَّارِ ساكنُها)؛ فلا يجوزُ تقديمُ الخَبَرِ، فلا نقولُ: (ساكنُها في الدَّارِ)؛ لأنَّ الضَّميرَ (ها) يعودُ على (الدَّارِ)، ولا بدَّ أن يعودَ الضَّميرُ على متقدِّمٍ لَفظًا أو رُتبةً، ومنه قَولُه تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد: 24] .
3- إذا كان الخَبَرُ ممَّا له الصَّدارةُ، كأسماءِ الاستفهامِ، نحوُ:  (متى السَّفَرُ؟)، (كيف حالُك؟)، أو كان الخَبَرُ ظرفًا مُضافًا إلى ما له الصَّدارةُ، نَحوُ: (صَبيحةَ أيِّ يومٍ سَفرُك؟).
4- إذا كان المُبتَدَأُ محْصورًا فيه، أو مقصورًا عليه، نَحوُ: (إنَّما على الرَّسولِ البلاغُ)، فكَلِمةُ: (البلاغُ) مُبتَدَأٌ مؤخَّرٌ وجوبًا؛ لأنَّه محصورٌ فيه.
5- إذا كان المُبتَدَأُ (أنَّ) وصِلَتَها، نَحوُ: (عندي أنَّك فاضِلٌ)، وكقَولِه تعالى: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ [يس: 41] .
6- إذا اقترن المُبتَدَأُ بفاءِ الجزاءِ، نَحوُ: (أمَّا عندك فزَيدٌ)؛ فلا يجوزُ تقديمُ المُبتَدَأِ حتى لا تباشِرَ (الفاءُ) (أمَّا).
7- إذا كان تأخيرُ الخَبَر يُخِلُّ بفَهْمِ المقصودِ، نَحوُ: (للهِ دَرُّك) فإنَّه لو أُخِّر لم يُفهَمْ منه التعجُّبُ يُنظَر: ((شرح التسهيل)) لابن مالك (1/ 300)، ((أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك)) لابن هشام (1/ 209). .

انظر أيضا: