موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ التَّاسِعُ: قلْبُ الواوِ والياءِ ألِفًا


تُقلَبُ الواوُ والياءُ ألِفًا إذا تَحرَّكتا وانْفتَح ما قبلَهما، وهذا القلْبُ له شُروطٌ في الاسمِ والفِعل،ِ وهذه الشُّروطُ هي:
1- أنْ تَتَحرَّكَ الواوُ والياءُ، ولِذا جاء التَّصحيحُ في مِثْلِ: القَول والبَيع لِسُكونِ الواوِ والياءِ.
2- أنْ تكونَ حَرَكةُ الواوِ والياءِ حَرَكةً أصْليَّةً غيرَ عارِضةٍ؛ لأنَّ العارِضَ في حُكمِ المَعْدومِ، ومِن أمْثلَةِ الحَرَكةِ العارِضةِ:
- الحَرَكةُ لالْتقاءِ السَّاكِنَين كما في قولِه تعالى: اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ [البَقَرة: 16] ، وقولِه تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ [آلُ عِمران: 186] ، وقولِه تعالى: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة: 237] .
- الحَرَكةُ العارِضةُ لتَخفيفِ الهَمْزةِ، مِثْلُ: جَيَل وتَوَم، مُخفَّفيْ (جَيْأَل -وهُو الضَّبُعُ- وتَوْأَم) [1720] الجَيْأَلُ: اسمٌ للضَّبُعِ، والتَّوْأَمُ: هو الوَلَدُ الَّذي يُولَدُ معه آخَرُ في بطنٍ واحِدٍ، ويُقالُ لهما: توءمانِ. يُنظر: ((العين)) للخليل (6/ 177) (8/ 139)، ((تهذيب اللغة)) للأزهري (11/ 130)، ((المحكم والمحيط الأعظم)) لابن سيده (9/ 515). .
فَائِدةٌ:
القَولُ إنَّ الحَرَكةَ في مِثلِ فتًى وعصًا حَرَكةٌ غيرُ لازِمةٍ لأنَّها حَرَكةُ إعْرابٍ قولٌ غيرُ صَحيحٍ؛ لأنَّ حَرَكةَ الإعْرابِ تكونُ لازِمةً للاسمِ المُعْرَبِ، لكنَّ تَعيينَ الحَرَكةِ هو الَّذي يَخرُجُ عن اللُّزومِ؛ لأنَّه مرّةً يكونُ مَرْفوعًا وأخرى مَنْصوبًا وثالِثةً مَجْرورًا، وإن قيل: إن حَرَكةَ الإعْرابِ تكونُ في الوَصْلِ فقطْ لا في الوَقْفِ، فإنَّ الياءَ والواوَ -كما ذكَر بعضُ النَّحويِّينَ- لِكونِهما حرْفَيْ إعْرابٍ فهُما مُتَهيِّئتانِ لقَبولِ الحَرَكةِ، أو يُقالُ: إنَّ الوَقْفَ مَحْمولٌ على الوَصْلِ [1721] يُنظر: ((شرح التصريف)) للثمانيني (ص: 294). .
3- أنْ يَنْفتِحَ ما قَبْلَ الواوِ والياءِ؛ لِذا جاء التَّصحيحُ في مِثْلِ: العِوَض، والحِوَل، والسُّوَر، والجِيَل، فما قَبْلَ الواوِ والياءِ لا بُدَّ أنْ يَكونَ مَفْتوحًا أو في حُكمِ المَفْتوحِ، مِثْلُ: أقال وأبَاع، وأصْلُهما: أقْوَل وأبْيَع، ومُقام ومُباع، وأصْلُهما: مُقْوَم ومُبْيَع.
4- أنْ تكونَ الفتْحةُ مُتَّصلَةً بها، أيْ: تكونَ الفتْحةُ في كَلِمتِها، فلا تكونُ مُنْفصِلةً عنها؛ لِذا جاء التَّصحيحُ في: ضربَ وَاحد، وضربَ يَاسر؛ لأنَّ الفتْحةَ في كَلِمةٍ، والواوُ والياءُ في كَلِمةٍ أخْرى.
5- أنْ يَتَحرَّكَ ما بعدَ الواوِ والياءِ إن كانتا عَينينِ؛ لِذا جاء الإعْلالُ في: قام وباع، وباب وناب؛ لتَحرُّكِ ما بعدَهما، وجاء التَّصحيحُ في: طَوِيل، وبَيَان وغَيُور وخَوَرْنَق -وهُو نَبْتٌ- لِسُكونِ ما بعدَهما.
6- ألَّا يَليَ الواوَ والياءَ إنْ وقَعَتَا لامَينِ ألفٌ أو ياءٌ مُشدَّدةٌ؛ لِذا جاء الإعْلالُ في: غزا ورمَى؛ لأنَّ الياءَ والواوَ لامانِ ليس بعدَهما ألِفٌ ولا ياءٌ مُشدَّدةٌ.
وجاء تَصحيحُ الواوِ والياءِ لامَينِ في: غزَوا ورمَيا، وفتَيانِ وعَصَوان؛ لأنَّ الواوَ والياءَ -وهُما لامانِ- جاء بعدَهما ألِفٌ، ولو قلَبوا قَبْلَ الألِفِ لاجْتَمع ساكِنانِ، وحُذِفَ أحدُهما فيَصيرُ اللَّفظُ: غزا ورمَى، فيَلتَبِسُ المُفْرَدُ بالمُثنَّى، وفَتَان وعَصَان، فيَلتبِسُ المُفْرَدُ بالمُثنَّى عندَ الإِضافةِ؛ لأنَّ نونَ المُثنَّى تُحذَفُ للإِضافةِ.
وجاء التَّصحيحُ في، مِثْلُ: عَلَوِيٍّ وفَتَوِيٍّ؛ لأنَّ الواوَ والياءَ جاء بعدَهما ياءٌ مُشدَّدةٌ هي ياءُ النَّسَبِ، وياءُ النَّسَبِ تَستوجِبُ قلْبَ الألِفِ واوًا، فلو قُلِبتِ الواوُ ألِفًا، لَلَزِم أنْ تُقلَبَ الألِفُ واوًا.
فإنْ جاء بعدَ اللَّامِ ساكِنٌ غيرُ الألِفِ والياءِ المُشَدَّدةِ، فإنَّها تُقلَبُ ألِفًا، مِثْلُ: يَخشَون ويَمْحُون، أصْلُهما: يخشَيُوْن ويَمْحُوُوْن، ثُمَّ قُلِبتِ الواوُ والياءُ ألِفًا ثُمَّ الْتقى ساكِنان: الألِفُ، ووَاوُ الجَماعَةِ، فحُذِفتِ الألِفُ.
7- ألَّا تكونَا عَينًا لـ(فَعِلَ) الَّذي الوصْفُ منه على أفْعَلَ، مِثْلُ: غَيِدَ فهو أغْيَد، وحوِل فهو أحْوَل، فتَصِحُّ في الفِعلِ، وألَّا تكونَ عَينًا لمَصْدَرِ هذا الفِعلِ، فتَصِحُّ أيضًا في مَصْدَرِه؛ تقولُ: الغَيَد والحَوَل، والسَّببُ في تَصحيحِ الفِعلِ مِثْلُ (أفْعَل) منه أنَّه يُوافِقُه في الاخْتصاصِ بالخِلَقِ والألْوانِ، وسَببُ التَّصحيحِ في المَصْدَرِ أنَّه حُمِل على الفِعلِ.
8- ألَّا تكونَ الواوُ -وحْدَها دُونَ الياءِ- عَينًا لِلفِعلِ على وَزْنِ (افْتَعَل) الَّذي بِمَعنى (تَفاعَلَ) الدَّالِّ على التَّشارُكِ في الفاعِليَّةِ والمَفْعوليَّةِ؛ لِذا صَحَّتِ الواوُ في اجْتَوَرَ وازْدَوَج، بِمَعنى تَجاوَر وتَزاوَج، فإنْ لم يكنِ افْتعل بِمَعنى تَفاعَلَ، فإنَّ الإعْلالَ يَقعُ فيه؛ تقولُ: اخْتَان واخْتَار، أمَّا الياءُ فلا يُطبَّقُ عليها هذا الَّشرطُ، فتُعَلُّ سَواءٌ أكانت صِيغةُ افْتعَل بِمَعنى تَفاعَلَ أم لمْ تَكنْ، مِثْلُ: امْتازوا وابْتاعوا، بِمَعنى: تَمايَزوا وتَبايَعوا.
9- ألَّا يكونَ بعدَ الواوِ والياءِ حَرْفٌ يَستحِقُّ الإعْلالَ (واو أو ياء) بِقَلْبِه ألِفًا، فإذا حدَث، فإنَّ الإعْلالَ يَقعُ على الأخيرِ منهما.
ومِثالُ اجْتِماعِ واوَينِ: الحَوَى أصْلُه: حَوَوْ، ومِثالُ اجْتِماع الياءَين: الحَيَا، وأصْلُه: الحَيَيْ، ومِثالُ اجْتِماعِ الياءِ والواوِ: الهَوَى، وأصْلُه: الهَوَيْ، قُلِبتِ اللَّاماتُ فيها ألِفًا لتَحرُّكِها وانْفِتاحِ ما قبلَها، فلو قُلِبتِ العَينُ ألِفًا لتَوالى إعْلالانِ: إعْلالُ العَينِ وإعْلالُ اللَّامِ، ولَاجْتَمع -إذنْ- ألِفانِ ولَزِم حَذْفُ أحدِهما لالْتقاءِ السَّاكِنين، ثُمَّ تُحذَفُ الأخرى لِلتَّنوينِ، فيَصيرُ الاسمُ المُتمكِّنُ على حَرْفٍ واحِدٍ، وذلك مُمْتنِعٌ، وأُعِلَّتِ اللَّامُ دُونَ العَينِ؛ لأنَّ اللَّامَ في الطَّرَفِ، والطَّرَفُ مَحَلُّ التَّغييرِ، أمَّا العَينُ فتَحصَّنتْ بِكونِها في وَسَطِ الكَلِمةِ.
وقد يُعِلُّون العَينَ وتُصحَّحُ اللَّامُ، على جِهة الشُّذوذِ كما في: آية [1722] آية هنا في رأيِ الخليلِ، وإلَّا فإنَّ فيها مذاهِبَ خَمسةً أخرى سِوى مَذهَبِ الخليلِ. يُنظَرُ: ((توضيح المقاصد)) للمرادي (3/ 1601). ، وغاية، وثاية، وطاية -وهي الصَّخرةُ العَظيمةُ- أصْلُها: أيَيَة، وغَيَيَة، وثَيَيَة وطَيَيَة، قُلِبتِ الياءُ ألِفًا وهِيَ عَينُ الكَلِمةِ شُذوذًا.
10- ألَّا تَقعَ الواوُ والياءُ عَينَين لِما آخِرُه زِيادَةٌ خاصَّةٌ بالأسْماءِ؛ لأنَّ الإعْلالَ فَرْعٌ، والفِعلُ فَرْعٌ، فالفِعلُ أحَقُّ بالإعْلالِ مِنَ الاسمِ؛ لِذا وقَع التَّصحيحُ في: الجَوَلان والهَيَمان والصَّوَلان والسَّيَلان، والصَّوَرى والحَيَدى؛ لأنَّ الاسمَ بزِيادةِ الألِفِ والنُّونِ وألفِ التَّأنِيثِ يَبعُدُ عن وَزْنِ الفِعلِ، وهُو الأصْلُ في الإعْلالِ، وما جاء مِن ذلك مُعَلًّا فهُو شاذٌّ، كما في داران وماهان، والأصْلُ في مَذْهبِ سِيبَوَيهِ: دَوَرَان ومَوَهَان، وخالَف في ذلك المُبَرِّدُ فرأى أنَّ القِياسَ في: داران وماهان هو الإعْلالُ، ومَذْهبُ سِيبَوَيهِ هو الصَّحيحُ.
11- ألَّا تكونَ الواوُ والياءُ عَينًا مُبْدلَةً مِن حَرْفٍ لا يُعَلُّ، سَواءٌ أكانتِ الواوُ والياءُ بدَلًا مِن حرْفٍ، مِثْلُ: شَجَرة، وشِيَرة، أو كانتِ الواوُ والياءُ في مَوضِعِ حَرْفٍ مِن نفْسِ الكَلِمةِ (القَلْبُ المَكانيُّ)، مِثْلُ: أيِس مَقْلوبُ يَئِس؛ فالياءُ في كلٍّ مِن (شِيَرة وأيِس) مُتَحرِّكةٌ ومَفْتوحٌ ما قبلَها، ولم تُقلَبْ ألِفًا [1723] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 220)، ((توضيح المقاصد)) للمرادي (3/ 1598 - 1603). و((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 729 - 735). .
فَوائِدُ:
- يَقعُ هذا الإعْلالُ أصْلًا في الأفعالِ فيما تَحرَّكتْ واوُه أو ياؤُه وانْفتَحَ ما قبلَهما، مِثْلُ: قام، وباع، وغزا ورمى، ويُحمَلُ على هذا الأصْلِ وزنا (أفْعل واسْتَفْعل)، مِثْلُ: أقام وأقال، واسْتَقام واسْتَبان، وقد جاء التَّصحيحُ شُذوذًا في (أفْعَلَ واسْتَفْعَلَ)، مِثْلُ: أعْوَل، وأغْيَلتِ المَرأةُ، واسْتَحْوَذ، وأجْوَدَ (بِمَعنى أجاد)، وأطْوَلَ (بِمَعنى أطال)، واسْتَرْوَح، وأطْيَب، وأخْيَلتِ السَّماءُ وأغْيَمَت، واسْتَنْوَق، والأصْلُ فيها الإعْلالُ؛ لأنَّها مَحْمولةٌ على الفِعلِ الثُّلاثيِّ، وجوَّزه أبو زيْدٍ وعدَّه قِياسًا إذا لم يكنْ لهما فِعلٌ ثُلاثيٌّ.
- يَقعُ هذا الإعْلالُ في الأسْماءِ بِالحَمْلِ على الأفْعالِ، فيَقعُ في:
1- الاسمِ الثُّلاثيِّ المُجَرَّدِ بِشرطِ مُوازَنةِ الفِعلِ، أيْ: الأسْماءُ الَّتي تُساوي الفِعلَ في الحَرَكاتِ والسَّكناتِ، مِثْلُ: باب وناب، ويَشِذُّ الرَّوَح، والغَيَب، والخَوَل -العَبيدُ والإماءُ وغيرُهم- والقَوَد -وهُو القِصاصُ- ورَجُلٌ حَوِل -كَثيرُ الحِيلة- ورَجُلٌ رَوِع؛ أي: خائِف، والصَّيَد -مَصْدَرُ الأصيد وهُو مَنْ يرفَعُ رأسَه كِبْرًا- والحَيَدُ -أيْ: تَعَسُّرُ خُروجِ الجَنينِ- وقد شذَّتْ هذه الألْفاظُ تَنْبيهًا على الأصْلِ مِن عَدَمِ القلْبِ، فكأنَّهم أرادوا تَصحيحَ شيءٍ مِن بابِ القلْبِ؛ ليكونَ دلِيلًا على أصْلِ البابِ [1724] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 223). .
2- الأسماءِ الجاريةِ مَجْرى أفْعالِها المُعَلَّةِ؛ كالمَصْدَرِ واسمَيِ الفاعِلِ والمَفْعولِ، فتُعَلُّ لاعْتلالِ الفِعلِ، مِثْلُ: قائل وبائع، مِنَ الفِعليَنِ قال وباع، أُعِلَّ اسمُ الفاعِلِ الجاري مَجْرى الفِعلِ لاعْتلالِ فِعلِه.
3- الاسمِ الثُّلاثيِّ المَزِيدِ فيه بِشرطِ أنْ يكونَ مُبايِنًا لِلفِعلِ بوَجْهٍ مِنَ الوُجوهِ، وذلك مِثْلُ الحرْفِ الزَّائِدِ الَّذي لا يُزادُ في الفِعلِ؛ كمِيمِ مُقام ومُستقام، فهِيَ لا تُزادُ في أوَّلِ الفِعلِ، ومِثلُ الحُروفِ الَّتي تُزادُ في الفِعلِ لكنَّها لا تَتَحرَّكُ فيه بِحَرَكةٍ كالَّتي في الاسمِ، مِثْلُ: تِباع، فالتَّاءُ حَرْفٌ يُزادُ في الفِعلِ لكنَّه أبدًا لا يُزادُ مَكْسورًا، ومِثْلُ المُخالَفةِ في الزِّياداتِ وأمْكِنَتِها، مِثْلُ: قائم وبائع، فإنَّهما بوَزْنِ (يَفْعِل)، لكنَّ الزِّيادتَين ليستا واحِدةً، ولا هُما في نفْسِ المَوضِعِ [1725] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (3/ 156). .
وشذَّ مِقْوَل ومِخْيَط؛ فهُما مُوازنان للفِعلِ (اعْلَم) وقِياسُهما الإعْلالُ بِالقَلْبِ، لكنَّهما لم يُعَلَّا لِكونِهما مَقْصورَين مِن (مِفْعال)، و(مِفْعَال) لا يُوازِنُ الفِعلَ.
والمَشْوَرةُ والمَصْيَدةُ، وقولُهم: الفُكاهة مَقْوَدةٌ إلى الأذى، وفي مَرْيَم ومَدْيَن، إنْ جعَلتَهما على (فَعْيَل) فلا شذوذَ؛ لأنَّ الياءَ تَكون فيهما للإلْحاقِ، وإنْ جعَلتهما على (مَفْعَل)، فهما شاذَّان، و(مَكْوَزة) شاذٌّ في الأعْلامِ [1726] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (3/ 103، وما بعدها). .
وإنْ لم يكنِ الاسمُ الثُّلاثيُّ المَزِيدُ فيه مُوازنًا للفِعلِ لم يُعَلَّ هذا الإعْلالَ، وذلك بأنْ تكونَ فيه زِيادةٌ تَختصُّ بالأسْماءِ، وهِيَ ثَلاثٌ:
1- الألِفُ والنُّونُ الزَّائِدتانِ:
مَذْهبُ سِيبَوَيهِ: أنَّها تُخرِجُ الاسمَ عن وَزْنِ الفِعلِ، فيكونُ تَصحيحُ: الطَّوَفان والحَيَدان والنَّزَوَان والغَلَيان، والجَوَلان والسَّيَلان على القِياسِ عندَه؛ لِخُروجِها بالألِفِ والنُّونِ عن وَزْن الفِعلِ، وهُو الصَّحيحُ، وما جاء منه مُعَلًّا فهُو شاذُّ.
المُبَرِّدُ: رأى أنَّ الألِفَ والنُّونَ لا تُخرِجُ الاسمَ عن وَزْنِ الفِعلِ، فرأى أنَّ الإعْلالَ هو القِياسُ؛ ومِن ثَمَّ فإنَّ تَصحيحَ مِثْلِ: الجَوَلان والحَيَدان شاذٌّ عندَه.
ومِن ثَمَّ فإنَّ إعْلالَ (فَعَلان) معَ أنَّه غيرُ مُوازِنٍ للفِعلِ، مِثْلُ: (داران) مِن دار يَدُور، و(هامان) مِن هام يَهِيم، و(دالان) مِن دَال يَدُول، و(حالان) مِن حال يَحُول؛ فهُو شاذٌّ قَليلٌ في مَذْهبِ سِيبَوَيهِ، وقِياسٌ على مَذْهبِ المُبَرِّدِ [1727] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (3/ 106)، ((توضيح المقاصد)) للمرادي (3/ 1601). .
2- ألِفُ التَّأنِيثِ المَقْصورةُ:
مَذْهبُ سِيبَوَيهِ والمازِنيِّ: أنَّها تُخرِجُ الاسمَ عن وَزْنِ الفِعلِ، فتَمنَعُ الإعْلالَ، ويكونُ قِياسُ الاسمِ الَّذي فيه ألِفُ التَّأنِيثِ المَقْصورةُ الإعْلالَ؛ لِذا فإنَّ كَلِماتِ: حِمارٌ حَيَدَى -أيْ: نَشيط- والصَّوَرَى، جاءت على القِياسِ؛ لِخُروجِ الاسْمِ عن وَزْنِ الفِعلِ بِلَحاقِ ألِفِ التَّأنِيثِ المَقْصورةِ له، وقولُه هو الأَوْلى [1728] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (3/ 107). .
مَذْهبُ الأخْفَشِ: أنَّها لا تُخرِجُ الاسمَ عن وَزْنِ الفِعلِ، فهو يُشبِّهُها بألِفِ الاثنَين الَّتي تَدخُلُ على الفِعلِ، وأنَّ قِياسَ الاسمِ الَّذي فيه ألِفُ التَّأنِيثِ المَقْصورةُ الإعْلالُ؛ ومِن ثَمَّ فإنَّ تَصحيحَ حِمار حَيَدَى والصَّوَرَى شاذٌّ عندَه عنِ القِياسِ.
والفَرْقُ بينَ سِيبَوَيهِ والأخْفَشِ في ذلك يَظهَرُ في أنَّنا لو بَنينا مِنَ القَولِ أو البَيعِ مِثالَ: جَمَزَى -أيْ: سريع- فعلى قَولِ الأخْفَشِ يكونُ الإعْلالُ: قالى وباعى، وعلى قَولِ سِيبَوَيهِ يكونُ التَّصحيحُ؛ تقولُ: قَوَلَى وبَيَعَى [1729] يُنظر: ((توضيح المقاصد)) للمرادي (3/ 1602). .
3- تاءُ التَّأنِيثِ:
تاءُ التَّأنِيثِ لا تُخرِجُ الاسمَ عن وَزْنِ الفِعلِ؛ لأنَّها تَلحَقُ الفِعلَ الماضي كما في: القالة والباعة [1730] يُنظر: ((توضيح المقاصد)) للمرادي (3/ 1601). ، وحَوَكةُ وخَوَنةُ شاذَّانِ اتِّفاقًا، وجاء "حاكة وخانة" على القِياسِ [1731] يُنظر: ((شرح التصريف)) للثمانيني (ص: 299). .

انظر أيضا: