الموسوعة العقدية

المبحثُ الأوَّلُ: تعظيمُ قَدْرِهم ومَعرِفةُ فَضْلِهم والاعترافُ بمَناقِبِهم

قال اللهُ تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 33] .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (لَمَّا بَيَّن سُبحانَه أنَّه يُريدُ أن يُذهِبَ الرِّجْسَ عن أهلِ بَيْتِه ويُطَهِّرَهم تَطهيرًا، دعا النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقرَبَ أهلِ بَيتِه وأعظَمَهم اختِصاصًا به، وهم: عليٌّ، وفاطِمةُ رَضِيَ اللهُ عنهما، وسَيِّدَا شَبابِ أهلِ الجنَّةِ، جمَعَ اللهُ لهم بين أن قَضَى لهم بالتطهيرِ، وبين أن قَضَى لهم بكَمالِ دُعاءِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكان من ذلك ما دلَّنا على أنَّ إذهابَ الرِّجْسِ عنهم وتطهيرَهم نِعْمةٌ مِنَ اللهِ لِيُسبِغَها عليهم، ورَحمةٌ مِنَ اللهِ وفَضْلٌ لم يَبْلُغوهما بمجَرَّدِ حَولِهم وقُوَّتِهم؛ إذ لو كان كذلك لاستَغْنَوا بهما عن دُعاءِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [2433] يُنظر: ((حقوق آل البيت)) (ص: 27). .
وقال ابنُ تَيميَّةَ أيضًا: (اتَّفق أهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ على رِعايةِ حُقوقِ الصَّحابةِ والقَرابةِ، وتبَرَّؤوا من النَّاصِبةِ الذين يُكفِّرون عليَّ بنَ أبي طالِبٍ ويُفَسِّقُونَه وينتَقِصونَ بحُرمةِ أهْلِ البَيتِ) [2434] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (28/ 492، 493). .
قال ابنُ كثيرٍ: (لا تُنكَرُ الوَصاةُ بأهْلِ البَيتِ، والأمرُ بالإحسانِ إليهم، واحترامُهم وإكرامُهم؛ فإنَّهم من ذُرِّيَّةٍ طاهِرةٍ؛ مِن أشرَفِ بَيتٍ وُجِدَ على وَجْهِ الأرضِ فَخْرًا وحَسَبًا ونَسَبًا، ولا سِيَّما إذا كانوا متَّبِعينَ للسُّنَّةِ النَّبَويَّةِ الصَّحيحةِ الواضِحةِ الجَلِيَّةِ، كما كان عليه سَلَفُهم، كالعبَّاسِ وبَنِيه، وعليٍّ وأهلِ بَيتِه وذُرِّيَّتِه، رَضِيَ اللهُ عنهم أجمَعينَ) [2435] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (7/201). .
وقال ابنُ الوَزيرِ: (ممَّا يخُصُّ أهلَ بَيتِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَولُ اللهِ تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 33] ... فيَجِبُ لذلك حُبُّهم وتعظيمُهم وتوقيرُهم واحترامُهم، والاعترافُ بمَناقِبِهم؛ فإنَّهم أهلُ آياتِ المُباهَلةِ والمودَّةِ والتطهيرِ، وأهلُ المناقِبِ الجَمَّةِ، والفَضْلِ الشَّهيِر) [2436] يُنظر: ((إيثار الحق على الخلق)) (ص: 416). .
وقال صِدِّيق حَسَن خان في بيانِ عَقيدةِ أهْلِ السُّنَّةِ في زَوجاتِ النَّبِيّ وذُرِّيَّته: (أهلُ السُّنَّةِ يُحَرِّمونَ الكُلَّ، ويُعَظِّمونَهَّن حَقَّ العَظَمةِ، وهو الحَقُّ البَحتُ، وكذلك يَعتَرِفون بعَظَمةِ أولادِه صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم من فاطِمةَ الزَّهراءِ رَضِيَ اللهُ عنها، ويَذكُرونَهم جميعًا بالخَيرِ والدُّعاءِ والثَّناءِ، فمن لم يُراعِ هذه الحُرمةَ لأزواجِه المُطَهَّراتِ وعِتْرَتِه الطَّاهِراتِ، فقد خالَفَ ظاهِرَ الكِتابِ وصَريحَ النَّصِّ منه) [2437] يُنظر: ((الدين الخالص)) (3/268). .
قال ابنُ باز: (يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيضًا: ((إني تارِكٌ فيكم ثَقَلَينِ: أوَّلُهما: كتابُ اللهِ فيه الهُدى والنُّورُ، فخُذُوا بكِتابِ اللهِ واستَمْسِكوا به، ثُمَّ قال: وأهلُ بَيتي، أُذَكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي )) [2438] رواه مسلم (2408) مطولًا من حديث زيد بن أرقم رَضِيَ اللهُ عنه. يعني بهم زَوجاتِه وقراباتِه من بني هاشِمٍ، يُذَكِّرُ النَّاسَ باللهِ في أهلِ بَيْتِه بأن يَرفُقوا بهم، وأن يُحْسِنوا إليهم، ويَكُفُّوا الأذى عنهم، ويُوصُوهم بالحَقِّ، ويُعْطوهم حُقوقَهم ما دامُوا مُستَقيمينَ على دينِه، مُتَّبِعينَ لشَريعَتِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ) [2439] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (9/ 34). .

انظر أيضا: