الموسوعة العقدية

الْمَطْلَبُ التَّاسِعُ: أقوالُ أهلِ العِلمِ فيما يَجِبُ اعتِقادُه في شَأنِ الْمَسيحِ الدَّجَّالِ

1- قال أحمَدُ بن حَنبَلٍ في سياقِ ذِكرِه لأصولِ السُّنةِ الَّتي يَجِبُ التَّمَسُّكُ بها: (والإيمانُ أنَّ الْمَسيحَ الدَّجَّالَ خارِجٌ، مَكتوبٌ بينَ عينَيه كافِرٌ، والأحاديثِ الَّتي جاءَت فيه، والإيمانُ بأنَّ ذلك كائِنٌ، وأنَّ عيسى بنَ مَريَم عليه السَّلامُ يَنزِلُ فيَقتُلُه ببابِ لُدٍّ) [2644] يُنظر: ((أصول السنة)) (ص: 33). .
2- قال حَربُ بن إسماعيلَ الكرمانيُّ: (الأعورُ الدَّجَّالُ خارِجٌ لا شَكَّ في ذلك ولا ارتيابَ، وهو أكذَبُ الكاذِبينَ) [2645] يُنظر: ((إجماع السلف في الاعتقاد)) (ص: 49). .
3- قال ابنُ بَطَّةَ العُكْبَريُّ: (ثُمَّ الإيمانُ بأنَّ عيسى بنَ مَريَمَ عليه السَّلامُ يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ إلى الأرضِ، فيَكسِرُ الصَّليبَ، ويَقتُلُ الخِنزيرَ، وتَكونُ الدَّعوةُ واحِدةً. والدَّجَّالُ خارِجٌ في آخِرِ هَذِه الأمَّة لا مَحالةَ، إحدى عينَيه كأنَّها عِنَبةٌ طافيَةٌ، يَطَأُ الأرضَ كُلَّها إلَّا مَكةَ والمَدينةَ، ويَقتُلُه عيسى بنُ مَريَم عليه السَّلامُ ببابِ لُدٍّ الشَّرقيِّ بأرضِ فِلسطين، على قَدْرِ مَسيرةِ ميلٍ مِنَ الرَّملةِ) [2646] يُنظر: ((الشرح والإبانة)) (ص: 241-245). .
4- قال عياضٌ: (هَذِه الأحاديثُ الَّتي أدخَلَها مُسْلِمٌ في قِصَّةِ الدَّجَّالِ حُجَّةُ أهلِ الحَقِّ في صِحَّةِ وُجودِه، وأنَّه شَخصٌ مُعَيَّنٌ، ابتَلى اللهُ عِبادَه، وأقْدَرَه على أشياءَ من قُدرَتِه؛ ليَتَمَيَّزَ الخَبيثُ مِنَ الطَّيبِ؛ من إحياءِ الْمَيِّتِ الذي يَقتُلُه، ومِن ظُهورِ زَهرةِ الدُّنيا والخِصبِ الذي مَعَه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيه، واتِّباعِ كُنوزِ الأرضِ لَه، وأمرِه السَّماءَ أن تُمطِرَ، والأرضَ أن تُنبِتَ، فيَكونُ ذلك كُلُّه بقَدَرِ الله ومَشيئَتِه، ثُمَّ يُعجِزُه اللهُ بَعدَ ذلك، كما قال: ((ولَن يُسَلَّطَ على غَيرِه)) [2647] أخرجه أحمد (14954) باختلاف يسيرٍ مطولًا من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. صحَّح إسناده على شرط مسلم: شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (14954)، وذكر الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/346) أنَّه رُوِي بإسنادَينِ رِجالُ أحدهما رجال الصحيح. ، فلا يَقْدِرُ على قَتلِ ذلك الرَّجُلِ ثانيةً، ولا على غَيرِه، ويَبْطُلُ أمرُه بَعْدُ، ويَقتُلُه عيسى عليه السَّلامُ ويُثبِّتُ اللهُ الذينَ آمَنوا.
هذا مَذهَبُ أهلِ السُّنةِ وجَماعةِ أهلِ الفِقْهِ والحَديثِ ونُظَّارِهم. خِلافًا لمَن أنكَرَ أمرَه وأبطَلَه مِنَ الخَوارِجِ والجَهْميَّةِ وبَعضِ الْمُعتَزِلةِ. وخِلافًا للجُبَّائِى مِنَ الْمُعتَزِلةِ ومَن وافَقَه على إثباتِه مِنَ الجَهْميَّةِ وغَيرِهم، ولَكِن زَعَموا أنَّ ما عِندَه مَخارِقُ وحِيَلٌ لا حَقائِقُ، ولِدَعواهم أنَّ أمرَه لَو كان صَحيحًا كان قَدْحًا في النُّبوَّةِ. وقَد وَهِمَ جَميعُهم؛ فإنَّه لَم يَأْتِ بدَعوى النُّبوَّةِ؛ فيَكونَ ما جاءَ به كالتَّصديقِ لَه، ولِأنَّه لَو صَحَّ مِنه لَم يُفَرَّقْ بينَ النَّبيِّ والمُتَنَبِّئِ، فيَطعَن ذلك على النُّبوَّةِ، وإنَّما جاءَ بدَعوى الإلهيَّةِ، وهو في نَفسِ دَعواه لَها مُكَذِّبٌ لدَعواه بصورةِ حالِه ونَقصِ خَلقِه، وظُهورِ سِماتِ الحَدَثِ به، وشَهادةِ كذِبِه وكُفرِه الْمُكتَتَبةِ بينَ عينَيه، وعَجزِه عَن تَحسينِ صورَتِه، وإزالةِ العَورِ والشَّينِ عَن نَفسِه. فلَم يَرْتَبْ مُؤمِنٌ في أَمْرِه.
وإنَّما اتَّبَعَه مِنَ اتَّبَعِه للضَّرورةِ والحاجةِ، وشِدَّةِ الزَّمانِ عليه أو لكُفرِه. قيلَ: كيهودِ أصبَهانَ وغَيرِهم، وكالتُّرْكِ الكَفَرةِ، أو تَقيَّةً مِنه وخَوفًا، أو لأنَّ فِتنةَ ما جاءَ به عَظيمةٌ تُدهِشُ العُقولَ وتُحَيِّرُ الألبابَ لأوَّلِ وَهْلةٍ، وأنَّ أمرَه لا تَطولُ مُدَّتَه، وسُرعة سَيرِه في الأرضِ، فإنَّما هو كما قال في الحَديثِ: ((كالغَيثُ استَدبَرَته الرِّيحُ )) [2648] أخرجه مسلم (2937) مُطَولًا من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه. ، فيُصدِّقُه مَن يُصَدِّقُه، وقَد سُلِبَ نَظَرَه، ودُلِهَ عَقْلُه لفُجاءةِ أَمْرِه؛ ولِهذا حَذَّرَتْه الأنبياءُ قومَها، وشَجَّعَتْهم ببَيَانِ حالِه ونَقصِه؛ ليَتَقَدَّمَ لَهم العِلمُ بذلك فيَثبُتوا، ومَن يَثْبُتُ فيه وأيَّدَه اللهُ، كَذَّبَه) [2649] يُنظر: ((إكمال المعلم)) (8/ 475). .
5- قال الآجُريُّ: (قَدِ استَعاذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الدَّجَّالِ، وعَلَّمَ أمَّتَه أن يَستَعيذوا باللهِ مِن فِتنةِ الدَّجَّالِ؛ فيَنبَغي للمُسلِمينَ أن يَستَعيذوا بالله العَظيمِ مِنه، وقَد حَذَّرَ أمَّتَه في غَيرِ حَديثٍ الدَّجَّالَ، ووَصفَه لَهم؛ فيَنبَغي للمُسلِمينَ أن يَحذَروه ويَستَعيذوا بالله من زَمانٍ يَخرُجُ فيه الدَّجَّالُ، فإنَّه زَمانٌ صَعبٌ، أعاذَنا اللهُ وإيَّاكم مِنه، وقَد رُويَ أنَّه قَد خُلِقَ، وهو في الدُّنيا مُوثَقٌ بالحَديدِ إلى الوَقتِ الذي يَأذَنُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بخُروجِه) [2650] يُنظر: ((الشريعة)) (3/ 1307). .
6- قال أبو عَمْرٍو الدَّاني: (إنَّ الإيمانَ واجِبٌ بما جاءَ عَن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وثَبَت بالنَّقلِ الصَّحيحِ، وتَداوَلَ حَمْلَه الْمُسلِمونَ من ذِكرِ وعيدِ الآخِرةِ، وذِكرِ الطَّوامِّ، وأشراطِ السَّاعةِ، وعَلاماتِها، واقتِرابِها؛ فمِن ذلك: خُروجُ الكَذَّابِ الأعوَرِ الدَّجَّالِ، وفِتْنَتُه، وأنَّ لَه جَنةً ونارًا، فجَنَّتُه نارٌ، ونارُه جَنَّةٌ، وأنَّ عيسى عليه السَّلامُ يَقتُلُه فيَهلِكُ ومَن مَعَه من أهلِ الكُفرِ والضَّلالِ) [2651] يُنظر: ((الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات وأصول الديانات)) (ص: 243). .
7- قال القُرطُبيُّ: (الإيمانُ بالدَّجَّالِ وخُروجِه حَقٌّ، وهذا مَذهَبُ أهلِ السُّنةِ وعامَّةِ أهلِ الفِقْهِ والحَديثِ) [2652] يُنظر: ((التذكرة)) (2/ 377). .
8- قال ابنُ تَيميَّةَ: (أعظُمُ الدَّجَاجِلةِ فِتنةً الدَّجَّالُ الكَبيرُ الذي يَقتُلُه عيسى بنُ مَريَمَ؛ فإنَّه ما خَلَقَ اللهُ من لَدُنْ آدَم إلى قيامِ السَّاعةِ أعظَمَ من فتنَتِه، وأمرَ الْمُسْلِمينَ أن يَستَعيذوا من فتنَتِه في صَلاتِهم. وقَد ثَبَت ((أنَّه يَقولُ للسَّماءِ: أمطِري فتُمطِرُ، ولِلأرضِ أنبِتي فتُنْبِتُ)) [2653] أخرجه مسلم (2937) باختلافٍ يسيرٍ مُطَولًا من حديث النَّوَّاس بن سمعان رضي الله عنه. ، ((وأنَّه يَقتُلُ رَجُلًا مُؤمِنًا ثُمَّ يَقولُ لَه: قَم، فيَقومُ، فيَقولُ: أنَّا رَبُّكَ، فيَقولُ لَه: كذَبْتَ، بَل أنت الأعورُ الكَذابُ الذي أخبَرَنا عَنه رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واللهِ ما ازدَدْتُ فيكَ إلَّا بصيرةً، فيَقتُلُه مَرَّتين، فيُريدُ أن يَقتُلَه في الثَّالِثةِ فلا يُسَلِّطُه اللهُ عليه)) [2654] أخرجه البخاري (7132)، ومسلم (2938) باختلافٍ يسيرٍ مُطَولًا من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. . وهو يَدَّعي الإلهيَّةَ، وقَد بيَّنَ لَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثَلاثَ عَلاماتٍ تُنافي ما يَدَّعيه: أحَدُها ((أنَّه أعورُ، وإنَّ رَبَّكم لَيسَ بأعوَرَ )) [2655] أخرجه مُطَولًا البخاري (7131) واللَّفظُ له، ومسلم (2933). . والثَّانيةُ ((أنَّه مَكتوبٌ بينَ عينَيه كافِرٌ يَقرَؤُه كُلُّ مُؤمِنٍ من قارِئٍ وغَيرِ قارِئٍ )) [2656] أخرجه أحمد (13621) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. صحَّحه ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (20/45)، وصحَّح إسنادَه على شرط مسلم شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (13621). والحديث أخرجه مسلم (2934) بلفظ: ((مكتوبٌ بين عينيه كافِرٌ، يقرؤه كلُّ مؤمنٍ كاتبٍ وغيرِ كاتبٍ)) من حديث حذيفةَ بنِ أُسَيدٍ رضي الله عنه. . والثَّالِثةُ قَولُه: ((واعلَموا أنَّ أحَدَكم لا يَرى رَبَّه حَتَّى يَموتَ)) [2657] أخرجه مسلم (169) باختلافٍ يسيرٍ من حديث رجل من أصحاب رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. . فهذا هو الدَّجَّالُ الكَبيرُ) [2658] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (35/ 118). .
9- قال ابنُ بازٍ: (الدَّجَّالُ جاءَت به أحاديثُ مُتَواتِرةٌ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في آخِرِ الزَّمانِ، وأنَّه يَكونُ من جِهةِ الْمَشرِقِ، من ناحيةٍ بينَ العِراقِ والشَّامِ، وأنَّه يَعيثُ في الأرضِ فَسادًا، ويَطَأُ الأرضَ كُلَّها إلَّا مَكَّةَ والمَدينةَ، فإنَّ الله يَحميهما مِنه، ثُمَّ يَنتَهي إلى الشَّامِ، إلى فِلَسطين إلى اليَهودِ هناكَ، ويُنزِلُ اللهُ عيسى بنَ مَريَم فيَحصُرُه هناكَ، ثُمَّ يَقتُلُه هناكَ غَرْبَ الأردُن، كما جاءَت به الأحاديثُ الصَّحيحةُ، ويَقتُلُه الْمُسْلِمونُ مَعَه، فإنَّ عيسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يَغزوه ومَعَه الْمُسْلِمونَ، فيَقتُلُه ببابِ اللدِّ، بابٍ هناكَ في فِلسطين، قُربَ القُدْسِ، يَقتُلُه بحَربَتِه، كما جاءَ في الحَديثِ الصَّحيحِ [2659] أخرجه مسلم (2937) مُطَولًا من حديث النوَّاسِ بن سمعانَ رضي الله عنه بلفظ: ((فيطلُبُه حتى يُدرِكَه ببابِ لُدٍّ فيَقتُلُه))، و(2897) مُطَولًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: ((ولكن يقتُلُه اللهُ بيَدِه، فيريهم دَمَه في حربتِه)). ، والمُسلِمونُ مَعَه يَقتُلونَ اليَهودَ قَتلةً عَظيمةً، جاءَ في الحَديثِ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الْمُسلِمين يُقاتِلونَ اليَهودَ، فيَقتُلونَهم، ويُسلَّطونَ عليهم، يُنادي الشَّجَرُ والحَجَرُ: يا مُسْلِمُ، يا عَبدَ اللهِ، هذا يَهوديٌّ تَعالَ فاقتُلْه [2660] أخرجه البخاري (2926)، ومسلم (2922) باختلافٍ يسيرٍ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ، فيَقتُلُ عَيسى الدَّجَّالَ ويَنتَهي أمرُه، ويَبقى الْمُسلِمونُ مَعَ عيسى في أرغَدِ عيشٍ وأطيبِ نعمةً، ويُهلِكُ اللهُ الأديانَ كُلَّها في زَمانِ عيسى، ولا يَبقى إلَّا الإسلامُ، والحَمدُ للَّه، ثُمَّ يُميتُ اللهُ عيسى، كما تُوُفِّيَ مَن قَبلَه مِنَ الأنبياءِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ) [2661] يُنظر: ((فتاوى نور على الدرب)) (4/ 289). .
وقال أيضًا: (الْمَسيحُ الدَّجَّالُ: عَقيدةُ أهلِ السُّنةِ والجَماعةِ فيه ما جاءَت به الأحاديثُ الصَّحيحةُ عَن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أنَّه حَقٌّ، وأنَّه يَخرُجُ في آخِرِ الزَّمانِ... فهو حَقٌّ، ووُجودُه حَقٌّ لا بُدَّ مِنه، ولَكِنَّه أكذَبُ النَّاسِ، وأكفَرُ النَّاسِ -نَعوذُ بالله- ولِهذا سُمِّيَ دَجَّالًا لكَثرةِ كَذِبِه، وهو كافِرٌ يَدَّعي أنَّه نَبيٌّ، ثُمَّ يَدَّعي أنَّه رَبُّ العالَمينَ، قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ما بينَ خَلقِ آدَم إلى قيامِ السَّاعةِ أمرٌ أعظَمُ مِنَ الدَّجَّالِ.
فالدَّجَّالُ حَقيقةٌ واقِعةٌ، يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ، ولَيسَ زَمانُه بالبَعيدِ، والله أعلَمُ، فيَنبَغي الحَذَرُ من فتنَتِه، وقَد شَرَعَ الله لَنا أن نَتَعوَّذَ بالله من فتنَتِه في آخِرِ كُلِّ صَلاةٍ). [2662] يُنظر: ((الموقع الرسمي لابن باز)).
وقال أيضًا: (الدَّجَّالُ لا نَستَبعِدُ خُروجَه قَريبًا، الْمَشهورُ أنَّه مَوجودٌ، كما في حَديثِ الجَسَّاسةِ. مَن أنكَرَ الدَّجَّالَ وقال: هو خُرافةٌ، الظَّاهِرُ كُفْرُه) [2663] يُنظر: ((الحلل الإبريزية)) (2/ 13). .
10- قال ابنُ عُثَيمين: (خُروجُ الدَّجَّالِ، وهو لُغةً: صيغةُ مُبالَغةٍ مِنَ الدَّجَلِ، وهو الكَذِبُ والتَّمويهُ، وشَرْعًا: رَجُلٌ مُموِّهٌ يَخرُجُ في آخِرِ الزَّمانِ يَدَّعي الرُّبوبيَّةَ. وخُروجُه ثابِتٌ بالسُّنةِ والإجماعِ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((قولوا: اللهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من عَذَابِ جَهنَّمَ، وأعوذُ بكَ من عَذابِ القَبرِ، وأعوذُ بكَ من فتنةِ الْمَسيحِ الدَّجَّالِ، وأعوذُ بكَ من فتنةِ الْمَحيا والمَمَاتِ )). أخرجه مُسْلِمٌ [2664] أخرجه مسلم (590) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. . وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتَعَوَّذُ مِنه في الصَّلاةِ. مُتَّفَقٌ عليه [2665] أخرجه البخاري (832)، ومسلم (589) من حديث عائشة رضي الله عنها. . وأجمع المُسلِمون على خُروجِه) [2666] يُنظر: ((شرح لمعة الاعتقاد)) (ص: 105). .
وقال أيضًا: (أعظَمُ فِتنةٍ على وَجْهِ الأرضِ مُنذُ خُلقَ آدَمُ إلى قيامِ السَّاعةِ هيَ فِتنةُ الدَّجَّالِ، كما قال ذلك النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولِهذا ما من نَبيٍّ من نوحٍ إلى مُحَمِّدٍ صَلَواتُ الله عليهم وسَلامُه إلَّا أنذَرَ قَومَه به [2667] أخرجه البخاري (3337) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. ، تَنويهًا بشَأنِه، وتَعظيمًا لَه، وتَحذيرًا مِنه، وإلَّا فإنَّ الله يَعلَمُ أنَّه لَن يَخرُجَ إلَّا في آخِرِ الزَّمانِ، ولَكِن أمرَ الرُّسُلَ أن يُنذِروا قَومَهم إيَّاه من أجلِ أن تَتَبَيَّنَ عَظمَتُه وفَداحَتُه، وقَد صَحَّ ذلك عَنِ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وقال: ((إن يَخرُجْ وأنا فيكم فأنا حَجيجُه دُونَكم)) صَلَواتُ الله وسَلامُه عليه، يَعني: أكفيكم إيَّاه، ((وإلَّا فامرُؤٌ حَجيجُ نَفسِه، واللهُ خَليفَتي على كُلِّ مُسْلِمٍ )) [2668] أخرجه مسلم (2937) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه. . نِعْمَ الخليفةُ ربُّنا جَلَّ وعلا!
فهذا الدَّجَّالُ شَأنُه عَظيمٌ، بَل هو أعظَمُ فتنةٍ -كما جاءَ في الحَديثِ- مُنذُ خُلِقَ آدَمُ إلى أن تَقومَ السَّاعةُ [2669] أخرجه مسلم (2946) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه. ولفظه: ((ما بين خلقِ آدَمَ إلى قيام الساعةِ خَلقٌ أكبَرُ من الدَّجَّالِ)). ؛ فكان حَرِيًّا بأن يُخَصَّ من بين فِتَنِ الْمَحيا بالتَّعَوُّذِ من فتنَتِه في الصَّلاةِ: ((أعوذُ باللهِ من عَذابِ جَهنَّمَ، ومِن عَذابِ القَبرِ، ومِن فتنةِ الْمَحيا والمَمَاتِ، ومِن فتنةِ الْمَسيحِ الدَّجَّالِ)) [2670] أخرجه مسلم (590) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. [2671] يُنظر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (2/ 13). .

انظر أيضا: