موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: أقسامُ التَّواضُعِ


(التَّواضُعُ تواضعانِ: أحَدُهما محمودٌ، والآخَرُ مذمومٌ. والتَّواضُعُ المحمودُ: تركُ التَّطاوُلِ على عبادِ اللَّهِ والإزراءِ بهم. والتَّواضُعُ المذمومُ: هو تواضُعُ المرءِ لذي الدُّنيا رغبةً في دُنياه، فالعاقِلُ يلزَمُ مفارقةَ التَّواضُعِ المذمومِ على الأحوالِ كُلِّها، ولا يفارقُ التَّواضُعَ المحمودَ على الجهاتِ كُلِّها) [2233] ((روضة العقلاء)) لابن حبان البستي (ص: 59). .
والتَّواضُعُ المحمودُ على نوعين:
 النَّوعُ الأوَّلُ: (تواضُعُ العبدِ عِندَ أمرِ اللَّهِ امتثالًا، وعندَ نهيِه اجتنابًا؛ فإنَّ النَّفسَ لطَلَبِ الرَّاحةِ تتلَكَّأُ في أمرِه، فيبدو منها نوعُ إباءٍ وشِرادٍ هَرَبًا من العبوديَّةِ وتثبُتُ عِندَ نهيِه طَلَبًا للظَّفَرِ بما منع منه، فإذا وضَع العبدُ نفسَه لأمرِ اللَّهِ ونهيِه فقد تواضَع للعبوديَّةِ.
 والنَّوعُ الثَّاني: تواضُعُه لعَظَمةِ الرَّبِّ وجَلالِه، وخضوعُه لعزَّتِه وكبريائِه؛ فكلَّما شمَخَت نفسُه ذَكَر عظمةَ الرَّبِّ تعالى وتفرُّدَه بذلك، وغَضَبَه الشَّديدَ على من نازعه ذلك، فتواضَعت إليه نفسُه، وانكسر لعظمةِ اللَّهِ قلبُه، واطمأنَّ لهيبتِه وأخبَت لسُلطانِه، فهذا غايةُ التَّواضُعِ، وهو يستلزِمُ الأوَّلَ من غيرِ عَكسٍ، والمتواضِعُ حقيقةً من رُزِق الأمرينِ، واللَّهُ المستعانُ) [2234] ((الروح)) لابن القيم (ص: 234). .
التَّواضُعُ المذمومُ:
ومنه المهانةُ وبَذلُ النَّفسِ وابتذالُها في نَيلِ حُظوظِها وشهواتِها، كتواضُعِ السُّفلِ في نَيلِ شَهَواتِهم، وتواضُعِ المفعولِ به للفاعِلِ، وتواضُعِ طالِبِ كُلِّ حَظٍّ لمن يرجو نَيلَ حَظِّه منه [2235] ((الروح)) (ص: 234). .

انظر أيضا: