موسوعة الأخلاق والسلوك

حادِيَ عَشَرَ: أخطاءٌ شائعةٌ حَولَ الهَجْرِ


اعتقادُ البعضِ أنَّ الهَجْرَ كُلَّه ممنوعٌ، أو أنَّ الهَجْرَ يكونُ لأهلِ البِدَعِ فحَسبُ، وأنَّه لا يجوزُ مع أصحابِ المعاصي بغَرَضِ تأليفِهم وكَفِّهم عن معاصيهم بالتَّواصُلِ معهم وعَدَمِ هَجرِهم، وقد بَيَّنَ العُلَماءُ خَطَأَ هذا؛ فإنَّ من أصحابِ المعاصي من لا يردَعُه سوى هَجرِه ومقاطعتِه؛ حتى يُقلِعَ عمَّا هو فيه.
قال ابنُ حَجَرٍ مُعَلِّقًا على تبويبِ البُخاريِّ (بابُ ما يجوزُ من الهِجرانِ لِمَن عصى): (أراد بهذه التَّرجمةِ بيانُ الهِجرانِ الجائِزِ؛ لأنَّ عُمومَ النَّهيِ مخصوصٌ بمن لم يكُنْ لهَجرِه سَبَبٌ مشروعٌ، فتبيَّنَ هنا السَّبَبُ المسَوِّغُ للهَجرِ، وهو لمن صَدَرَت منه معصيةٌ، فيسوغُ لمن اطَّلع عليها منه هَجْرُه عليها ليَكُفَّ عنها) [7177] ((فتح الباري)) (10/497). .
وقد بَيَّنَ العُلَماءُ أنَّ لهذا الهَجْرِ دَرَجاتٍ مختَلِفةً تتفاوَتُ بحسَبِ دَرَجةِ المعصيةِ أو الجُرمِ.
قال المُهَلَّبُ: (الهِجرانُ الجائِزُ يتنوَّعُ بقَدرِ الجُرمِ؛ فمن كان من أهلِ العِصيانِ يَستحِقُّ الهِجرانَ بتَركِ المكالَمةِ كما في قِصَّةِ كَعبٍ وصاحِبَيه [7178] يُنظَر: ما أخرجه البخاري (4418) ومسلم (2769). ، وما كان من المغاضَبةِ بَيْنَ الأهلِ والإخوانِ فيجوزُ الهَجْرُ فيه بتركِ التَّسميةِ مَثَلًا أو بتَركِ بَسطِ الوَجهِ مع عَدَمِ هَجرِ السَّلامِ والكلامِ) [7179] يُنظَر: ((فتح الباري)) لابن حجر (10/497).  .

انظر أيضا: