موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- مِنَ القُرآنِ الكريمِ


1- قال تعالى في ذَمِّ لا مُبالاةِ الإنسانِ بعاقبةِ أقوالِه: إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ [النور: 15] .
قال السُّيوطيُّ: (المقصودُ الإخبارُ عن ذلك القَولِ الشَّنيعِ الذي يخرُجُ من أفواهِهم من غيرِ تحاشٍ ولا مبالاةٍ) [6327] ((نواهد الأبكار)) (3/494). .
2- وقال تعالى في ذَمِّ لا مُبالاةِ الغافِلِ عمَّا يجرى حولَه، وتركِه الأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المنكَرِ: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة: 78 - 79] .
قال أبو حيَّانَ: (أي: لا يَنهى بعضُهم بعضًا، وذلك أنَّهم جمعوا بَيْنَ فِعلِ المُنكَرِ والتَّجاهُرِ به، وعدَمِ النَّهيِ عنه، والمعصيةُ إذا فُعِلَت وقُدِّرَت على العبدِ ينبغي أن يستَتِرَ بها: «من ابتُلِيَ منكم بشيءٍ من هذه القاذوراتِ فلْيَستتِرْ»، فإذا فُعِلَتْ جِهارًا وتواطَؤوا على عدَمِ الإنكارِ، كان ذلك تحريضًا على فِعلِها، وسَببًا مثيرًا لإفشائِها وكثرتِها) [6328] ((البحر المحيط)) (4/337). .
3- وقال تعالى في ذَمِّ لا مُبالاةِ مَن ترَك الانتباهَ لمصيرِه، واقتحَم ما يُودي به إلى النَّارِ: أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [البقرة: 175] .
قال الزَّمخشريُّ: (تعجَّبَ من حالِهم في التِباسِهم بمُوجباتِ النَّارِ مِن غيرِ مُبالاةٍ منهم) [6329] ((الكشاف)) (6/394).  .
4- وقال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ * فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [فصلت: 26 - 28] ، وفي هذا تعريضٌ بمن لا يكونُ عِندَ كلامِ اللهِ المجيدِ خاضِعًا خاشِعًا مُتفَكِّرًا متدَبِّرًا، وتهديدٌ ووعيدٌ شديدٌ لمن يَصدُرُ عنه عِندَ سماعِه ما يُشَوِّشُ على القارئِ ويخلِطُ عليه القراءةَ، وإرعادٌ وإبراقٌ لمن يُدرَكُ منه قِلَّةُ مُبالاةٍ به، فضلًا عَّمن يَنبِذُه وراءَه ظِهْريًّا، واشتغَل بما يُنافيه من العلومِ المذمومةِ؛ فانظُرْ إلى عظَمةِ القرآنِ المجيدِ، وتأمَّلْ في هذا التَّغليظِ والتَّشديدِ، واشهَدْ لمن عظَّمه، وأجَلَّ قَدْرَه، وألقى إليه السَّمعَ وهو شهيدٌ؛ بالفوزِ العظيمِ [6330] ((فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب)) للطيبي (13/ 601).  .
5- وقال تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة: 28] ، في قَولِه: ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ترهيبٌ لمَن ينزِعُ إلى الشَّرِّ، ويرتكِبُ المعاصيَ من غيرِ مُبالاةٍ، وترغيبٌ لمَن يُقبِلُ على فعلِ الخيرِ، ويقومُ على الطَّاعاتِ [6331] ((موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين)) (1/ 57).  .
6- وقال تعالى عن الشُّعَراءِ: وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ [الشعراء: 224 - 226] ، وذِكرُ الوادي والهُيومِ فيه تمثيلٌ لذَهابِهم في كُلِّ شِعبٍ من القَولِ، واعتِسافِهم وقِلَّةِ مُبالاتِهم، بالغُلُوِّ في المنطِقِ، ومجاوزةِ حَدِّ القصدِ فيه، حتى يُفضِّلوا أجبَنَ النَّاسِ على عَنترةَ، وأشحَّهم على حاتمٍ، وأن يَبهَتوا البَريَّ، ويُفَسِّقوا التَّقيَّ [6332] يُنظر: ((الكشاف)) للزمخشري (3/ 344)، ((البحر المحيط)) لأبي حيان (8/ 200، 201).  .

انظر أيضا: