موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ


- عن أبي هُرَيرةَ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لِيَأتينَّ على النَّاسِ زمانٌ لا يُبالي المرءُ بما أخَذَ المالَ؛ أمِنْ حَلالٍ أم مِن حَرامٍ)) [6333] أخرجه البخاري (2083). .
قال السِّنديُّ: (أي: لا يبحَثُ أحَدٌ عن الوَجهِ الذي أصاب المالَ منه: أهو حلالٌ أم هو حرامٌ، وإنَّما المالُ نفسُه يكونُ مطلوبًا، بأيِّ وَجهٍ وَصَل اليدَ إليه أخَذَه) [6334] ((حاشية السندي على السنن)) (7/ 243). .
- وقد وردت بعضُ النُّصوصِ تُبَيِّنُ أنَّ الإنسانَ مسؤولٌ؛ لذا ينبغي أن يطرَحَ صفةَ اللَّامُبالاةِ جانبًا: اللَّامُبالاةُ بما يقولُ وما يفعَلُ، وما يجري حولَه؛ عن أبي بَرْزةَ الأسلَميِّ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تزولُ قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه فيما أفناه، وعن عِلْمِه فيمَ فَعَل، وعن مالِه من أينَ اكتَسَبه وفيمَ أنفقه، وعن جِسمِه فيمَ أبلاه)) [6335] أخرجه الترمذي (2417) واللفظ له، والدارمي (537)، وأبو يعلى (7434). صحَّحه الترمذي، وابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (30/301)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2417)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سير أعلام النبلاء)) (9/316). .
((لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ)) أي: من مَوقِفِه للحسابِ إلى جنَّةٍ أو نارٍ ((حتى يُسأَلَ عن عُمُرِه)) أي: حياتِه وبقائِه في الدُّنيا ((فيما أفناه)) في طاعةٍ أم معصيةٍ، ((وعن عِلمِه فيمَ فَعَل)) فيه؛ لوجهِ اللهِ تعالى خالِصًا فيثابُ عليه، أو رياءً وسُمعةً فيُعاقَبُ عليه، ((وعن مالِه مِن أين اكتَسَبه)) أمِن حلالٍ أو حرامٍ، ((وفيما أنفَقَه)) أفي البِرِّ والمعروفِ، أو الإسرافِ والتَّبذيرِ، أفي طاعةِ اللهِ أو معاصيه، ((وعن جِسمِه فيما أبلاه)) في طاعةِ مَولاه أم في سِواه [6336] ينظر ((دليل الفالحين)) (4/300-301). .
- وعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ الدُّنيا حُلوةٌ خَضِرةٌ، وإنَّ اللهَ مُستخلِفُكم فيها، فيَنظُرُ كيف تَعمَلون)) [6337] أخرجه مسلم (2742) .
قال الطِّيبيُّ: (هل تتصَرَّفون فيها كما يحِبُّ ويرضى، أو تُسخِطونه وتتصَرَّفون فيها بغيرِ ما يحِبُّ ويرضى؟!) [6338] ((الكاشف عن حقائق السنن)) (7/ 2260). .
- وعن أنسِ بنِ مالكٍ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إن قامت السَّاعةُ وبيَدِ أحَدِكم فَسيلةٌ، فإن استطاع أن لا يقومَ حتَّى يَغرِسَها فلْيَفعَلْ)) [6339] أخرجه أحمد (12981) واللفظ له، والطيالسي (2181)، وعبد بن حميد (1214). صحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1424)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (34)، وصحَّح إسنادَه على شرط مسلم شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (20/ 296).
قال المناويُّ: (فيه تنبيهٌ على أنَّ مِن حَقِّ المُؤمِنِ ألَّا يذهَبَ عنه ولا يُزالَ عن ذهنِه أنَّ عليه من اللهِ عينًا كالئةً، ورقيبًا مُهيمِنًا، وأجَلًا قريبًا) [6340] ((فيض القدير)) للمناوي (2/12). .
 - عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ قال: (بايَعْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على السَّمعِ والطَّاعةِ... وفيه: وأن نقومَ -أو نقولَ- بالحَقِّ حيثما كنَّا، لا نخافُ في اللهِ لومةَ لائِمٍ) [6341] أخرجه البخاري (7199) واللفظ له، ومسلم (1709). .
 قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (قولُه: «لا نخافُ في اللهِ لومةَ لائمٍ»، فقد أجمع المُسلِمون أنَّ المُنكَرَ واجِبٌ تغييرُه على كُلِّ مَن قَدَر عليه، وأنَّه إذا لم يلحَقْه في تغييرِه إلَّا اللَّومُ الذي لا يتعدَّى إلى الأذى، فإنَّ ذلك لا يجِبُ أن يمنَعَه من تغييرِه بيَدِه، فإنْ لم يقدِرْ فبلِسانِه، فإنْ لم يقدِرْ فبقَلبِه، ليس عليه أكثَرُ من ذلك، وإذا أنكَره بقَلبِه فقد أدَّى ما عليه إذا لم يستَطِعْ سِوى ذلك) [6342] ((التمهيد)) (23/281-281). .

انظر أيضا: