موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: مظاهِرُ الفُجورِ وصُوَرُه


1- الكَذِبُ في الحديثِ:
عن عبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: قال رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((وإيَّاكم والكَذِبَ، فإنَّ الكَذِبَ يهدي إلى الفُجورِ، وإنَّ الفُجورَ يهدي إلى النَّارِ)) [5740] رواه البخاري (6094)، ومسلم (2607) واللَّفظ له. .
2- الفُجورُ في الخُصومةِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (أربَعٌ مَن كُنَّ فيه كان منافِقًا خالِصًا، ومن كانت فيه خَصلةٌ منهُنَّ كانت فيه خَصلةٌ من النِّفاقِ حتى يَدَعَها: إذا اؤتُمِنَ خان، وإذا حدَّث كذَب، وإذا عاهَد غدَر، وإذا خاصَم فَجَر)) [5741] رواه البخاري (2459) واللفظ له، ومسلم (58). . ((فَجَر)) أي: مال عن الحَقِّ وقال الباطِلَ والكَذِبَ [5742] ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) للنووي (2/48). . وقيل: المرادُ هنا الشَّتمُ والرَّميُ بالأشياءِ القبيحةِ والبُهتانِ [5743] ((الكاشف عن حقائق السنن)) للطيبي (2/ 510). .
3- إتيانُ الفواحِشِ وفِعلُ كُلِّ أمرٍ قَبيحٍ:
عن بُرَيدةَ بنِ الحُصَيبِ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: ((...فجاءت الغامِديَّةُ، فقالت: يا رسولَ اللهِ، إنِّي قد زنَيتُ فطهِّرْني، وإنَّه ردَّها، فلمَّا كان الغَدُ قالت: يا رسولَ اللهِ، لِمَ ترَدُّني؟ لعلَّكَ أن ترُدَّني كما رددْتَ ماعِزًا! فواللهِ إنِّي لحُبلى، قال: إمَّا لا فاذهَبي حتَّى تلِدي، فلمَّا ولَدَت أتَته بالصَّبيِّ في خِرقةٍ، قالت: هذا قد ولَدْتُه، قال: اذهَبي فأرضِعيه حتَّى تفطِميه، فلمَّا فطمَتْه أتَتْه بالصَّبيِّ في يدِه كِسرةُ خُبزٍ، فقالت: هذا يا نَبيَّ اللهِ قد فطَمْتُه، وقد أكَل الطَّعامَ، فدفَع الصَّبيَّ إلى رجُلٍ مِن المُسلِمينَ، ثُمَّ أمَر بها، فحُفِر لها إلى صَدرِها، وأمَر النَّاسَ فرجَموها...)) [5744] أخرجه مسلم (1295) .
قولُها: (فَجَرتُ) أي: زنيتُ [5745] ((عون المعبود)) للعظيم آبادي و((حاشية ابن القيم)) (12/ 80). .
4- نقضُ العَهدِ:
عن سَلَمةَ بنِ الأكوَعِ قال: ((قَدِمنا الحُدَيبيَةَ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحن أربَعَ عَشرةَ مائةً، وعليها خمسونَ شاةً لا تُرويها... الحديثَ، وفيه: قال: ثمَّ قُلتُ: والذي كَرَّم وَجهَ محمَّدٍ لا يرفَعُ أحدٌ منكم رأسَه إلَّا ضربتُ الذي فيه عيناه. قال: ثمَّ جِئتُ بهم أسوقُهم إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم... فنظر إليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: دعوهم يَكُنْ لهم بَدءُ الفُجورِ وثِناه. فعفا عنهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنزل اللَّه: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ [الفتح: 24] الآيةَ كُلَّها)) [5746] أخرجه مسلم (1807). .
قولُه: (بدءُ الفُجورِ وثِناه) أي: ابتداؤه وعودةٌ ثانيةٌ [5747] ((شرح النووي على مسلم)) (12/ 177). (والفُجورُ هنا هو: نقضُ العَهدِ، ورَومُ غِرَّةِ المُسلِمين، وكان هذا في صُلحِ الحُدَيبيةِ) [5748] ((المفهم لما أشكل من تلخيص: كتاب مسلم)) لأبي العباس القرطبي (3/ 672). .
5- الفُجورُ في الأيمانِ:
عن أبي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهم اللهُ يومَ القيامةِ: المنَّانُ الذي لا يُعطي شيئًا إلَّا مَنَّه، والمُنَفِّقُ سِلعتَه بالحَلِفِ الفاجِرِ، والمُسبِلُ إزارَه)) [5749] أخرجه مسلم (106). .
وقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن حَلَف على يمينِ صَبرٍ يقتَطِعُ بها مالَ امرئٍ مُسلِمٍ، وهو فيها فاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وهو عليه غَضبانُ)) [5750] أخرجه البخاري (4550). .
عن وائِلِ بنِ حُجرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((جاء رجلٌ مِن حَضرَمَوْتَ ورجلٌ مِن كِنْدَةَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال الحَضْرَميُّ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ هذا قدْ غَلَبَني على أرضٍ لي كانت لأبي، فقال الكِنْديُّ: هي أرضي في يَدِي أزرعُها ليس له فيها حقٌّ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للحَضْرميِّ: ألك بيِّنةٌ؟ قال: لا، قال: فلك يمينُه، قال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ الرَّجُلَ فاجِرٌ لا يُبالي على ما حَلَف عليه، وليس يتورَّعُ مِن شيءٍ، فقال: ليس لك مِنه إلَّا ذلك، فانطَلَق ليَحلِفَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمَّا أدبَرَ: أمَا لئِن حَلَفَ على مالِه ليأكُلَه ظُلمًا، لَيلْقيَنَّ اللَّهَ وهو عنه مُعْرِضٌ)) [5751] أخرجه مسلم (139). .

انظر أيضا: