موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- نَماذِجُ مِن حالِ السَّلَفِ عِندَ الغَضَبِ


عليُّ بنُ الحُسَينِ:
عن عبدِ الرَّزَّاقِ يقولُ: جعَلَت جاريةٌ لعليِّ بنِ الحُسَينِ تسكُبُ عليه الماءَ يتهَيَّأُ للصَّلاةِ فسقَطَ الإبريقُ من يدِ الجاريةِ على وَجهِه فشَجَّه، فرفع عليُّ بنُ الحُسَينِ رأسَه إليها، فقالت الجاريةُ: إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ يقولُ: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ، فقال لها: قد كظَمْتُ غيظي. قالت: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ، قال: قد عفا اللهُ عنكِ. قالت: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 134] ، قال: فاذهَبي فأنتِ حُرَّةٌ [5370] رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (8317)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (41/387). .
عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ:
(غَضِبٌ يومًا عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ فقال له ابنُه عَبدُ المَلكِ رَحِمَهما اللهُ: أنتَ يا أميرَ المُؤمِنينَ مَعَ ما أعطاك اللهُ وفضَّلك به تَغضَبُ هذا الغَضَبَ؟! فقال له: أوَ ما تَغضَبُ يا عَبدَ المَلكِ؟! فقال عَبدُ المَلكِ: وما يُغني عنِّي سَعةُ جَوفي إذا لم أَردُدْ فيه؟!) [5371] ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (1/366). .
(وأسمَعه رَجُلٌ كلامًا، فقال له: أرَدتَ أن يستَفِزَّني الشَّيطانُ بعِزِّ السُّلطانِ، فأنالَ مِنك اليومَ ما ينالُه مِنِّي غَدًا؟! ثُمَّ عَفا عنه) [5372] رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (8324)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (45/205). .
ودَخَل عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزيزِ المَسجِدَ ليلةً في الظُّلمةِ، فمَرَّ برَجُلٍ نائِمٍ، فعَثَرَ به، فرَفعَ رَأسَه وقال: أمجنونٌ أنتَ؟ فقال عُمَرُ: لا. فهمَّ به الحَرَسُ، فقال عُمَرُ: مَهْ [5373] مهْ: اسمُ فعلٍ معناه الزَّجرُ، أي: اكفُفْ. يُنظَر: ((فتح الباري)) لابن حجر (8/580). ! إنما سألني أمجنونٌ؟ فقلتُ: لا [5374] رواه ابنُ سعد في ((الطبقات الكبرى)) (6834)، وقوام السنة في ((الترغيب والترهيب)) (1194)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (45/206). !
المَهديُّ:
(قيل: غَضِبَ المَهديُّ على رَجُلٍ، فدَعا بالسِّياطِ، فلمَّا رَأى شَبيبٌ شِدَّةَ غَضَبِه، وإطراقَ النَّاسِ، فلم يتَكلَّموا بشَيءٍ، قال: يا أميرَ المُؤمِنينَ، لا تَغضَبَنَّ للهِ بأشَدَّ مِمَّا غَضِبَ لنَفسِه! فقال: خَلُّوا سَبيلَه) [5375] ((مختصر منهاج القاصدين)) لابن قدامة (ص: 236). .
عَبدُ اللهِ بنُ عَونٍ:
(رُوِيَ عن القَعنَبيِّ قال: كان ابنُ عَونٍ لا يغضَبُ، فإذا أغضَبَه رَجُلٌ قال: بارَك اللهُ فيك) [5376] رواه ابنُ حبان في ((روضة العقلاء)) (ص139)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (3/39). !
(وكان لابنِ عَونٍ ناقةٌ يغزو عليها، ويحُجُّ عليها، وكان بها مُعجَبًا، فأمَر غُلامًا له يستقي عليها، فجاء بها وقد ضرَبَها على وَجهِها، فسالت عينُها على خَدِّها! فقُلْنا: إن كان من ابنِ عونٍ شيءٌ فاليومَ! قال: فلم يلبَثْ أنْ نَزَل إلينا، فلمَّا نَظَر إلى النَّاقةِ قال: سُبحانَ اللَّهِ! أفلا غَيْرَ الوَجهِ بارَك اللَّهُ فيك؟! اخرُجْ عنِّي، اشهَدوا أنَّه حُرٌّ) [5377] رواه ابنُ سعد في ((الطبقات الكبرى)) (9421)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (31/360). .
الفُضَيلُ بنُ بَزوانَ:
- عن أبي رَزينٍ قال: (جاءَ رَجُلٌ إلى الفُضَيلِ بنِ بَزوانَ، فقال: إنَّ فُلانًا يقَعُ فيك. فقال: لأغيظَنَّ مَن أمَرَه، يغفِرُ اللَّهُ لي وله. قيلَ: مَن أمَرَه؟ قال: الشَّيطانُ) [5378] رواه أحمد في ((الورع)) (619)، وابن المبارك في ((الزهد)) (670) واللفظ له، وابن أبي الدنيا في ((الإشراف)) (367). .

انظر أيضا: