موسوعة الأخلاق والسلوك

سادسًا: صُوَرُ الذُّلِّ


صُوَرُ الذُّلِّ المذمومِ:
1- موالاةُ الكُفَّارِ والاستقواءُ بهم، والتَّشبُّهُ بهم فيما هو من شأنِهم، والتَّقليدُ الأعمى لهم.
2- تعريضُ الإنسانِ نفسَه لِما لا يُطيقُ.
3- سؤالُ النَّاسِ واستجداؤهم ومَدُّ اليدِ إليهم لغَيرِ ضرورةٍ؛ فـ (فيه إذلالُ السَّائِلِ نفسَه لغيرِ اللهِ تعالى، وليس للمُؤمِنِ أن يُذِلَّ نفسَه لغيرِ اللَّهِ، بل عليه أن يُذِلَّ نفسَه لمولاه؛ فإنَّ فيه عِزَّه، فأمَّا سائرُ الخَلقِ فإنَّهم عبادٌ أمثالُه؛ فلا ينبغي أن يَذِلَّ لهم إلَّا لضرورةٍ، وفي السُّؤالِ ذُلٌّ للسَّائِلِ بالإضافةِ إلى المسؤولِ) [3467] ((إحياء علوم الدين)) (4/ 210). .
4- ارتكابُ المعاصي واتِّباعُ الشَّهَواتِ.
5- قَبولُ الذُّلِّ والإهانةِ.
6- السُّكوتُ عن الحَقِّ وتأييدُ الباطِلِ طَمَعًا في تحصيلِ شيءٍ من الدُّنيا من مالٍ أو جاهٍ أو منصِبٍ.
7- التَّعدِّي على عِرضِه وانتِهاكُ حُرمتِه وسَلبُ حُقوقِه، وأخذُ مالِه دونَ إنكارٍ أو اعتراضٍ.
صُوَرُ الذُّلِّ المحمودِ:
1- الذُّلُّ للهِ سُبحانَه وتعالى:
وهذا الذُّلُّ عُنوانُ العِزِّ والشَّرَفِ والنَّصرِ في الدُّنيا والآخِرةِ.
قال عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ: (لا يتَّقي اللهَ عبدٌ حتَّى يَجِدَ طَعمَ الذُّلِّ) [3468] رواه ابنُ حبان في ((روضة العقلاء)) (ص: 29). .
وقال الذَّهبيُّ: (من خصائصِ الإلهيَّةِ العبوديَّةُ التي قامت على ساقينِ لا قِوامَ لها بدونِهما: غايةُ الحُبِّ مع غايةِ الذُّلِّ، هذا تمامُ العبوديَّةِ، وتفاوُتُ منازِلِ الخَلقِ فيها بحَسَبِ تفاوُتِهم في هذينِ الأصلينِ، فمن أعطى حبَّه وذُلَّه وخُضوعَه لغيرِ اللهِ فقد شَبَّهه في خالِصِ حَقِّه) [3469] ((العرش)) (1/121). .
2- الذُّلُّ للمُؤمِنين:
وهو بمعنى التَّراحُمِ والتَّواضُعِ والعَطفِ؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة: 54] .
قال ابنُ القَيِّمِ: (لَمَّا كان الذُّلُّ منهم ذُلَّ رحمةٍ وعَطفٍ وشَفَقةٍ وإخباتٍ، عدَّاه بأداةِ "على" تضمينًا لمعاني هذه الأفعالِ؛ فإنَّه لم يُرِدْ به ذُلَّ الهوانِ الذي صاحِبُه ذليلٌ، وإنَّما هو ذلُّ اللِّينِ والانقيادِ الذي صاحبُه ذَلولٌ؛ فالمُؤمِنُ ذَلولٌ) [3470] ((مدارج السالكين)) (2/310). .
وقال الطَّبَريُّ: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أرقَّاءَ عليهم، رُحَماءَ بهم... ويعني بقولِه: أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ، أشدَّاءَ عليهم، غُلَظاءَ بهم) [3471] ((جامع البيان)) (10/421). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (قَولُه تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ. هذه صفاتُ المُؤمِنين الكُمَّلِ أن يكونَ أحَدُهم متواضِعًا لأخيه ووليِّه، متعَزِّزًا على خَصمِه وعَدُوِّه) [3472] ((تفسير القرآن العظيم)) (3/136).                                                       .
3- الذُّلُّ للوالِدَينِ:
قال تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 24] .
قال الطَّبريُّ: (يقولُ تعالى ذِكرُه: وكُنْ لهما ذليلًا رحمةً منك بهما، تطيعُهما فيما أمراك به ممَّا لم يكُنْ للهِ معصيةً، ولا تخالِفْهما فيما أحبَّا) [3473] ((جامع البيان)) (17/418). .
وقال السَّعديُّ: (تواضَعْ لهما ذُلًّا لهما ورحمةً واحتسابًا للأجرِ؛ لا لأجْلِ الخوفِ منهما أو الرَّجاءِ لِما لهما، ونحوِ ذلك من المقاصِدِ التي لا يؤجَرُ عليها العَبدُ) [3474] ((تيسير الكريم الرحمن)) (1/456). .

انظر أيضا: