موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- مِنَ القُرآنِ الكريمِ


- قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286] .
(أخبَرَهم بهذه الآيةِ أنَّه لا يُكلِّفُ نَفسًا إلَّا وُسعَها، أي: أمرًا تَسَعُه طاقَتُها، ولا يُكلِّفُها ويشُقُّ عليها، كما قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78] ، فأصلُ الأوامِرِ والنَّواهي ليست مِنَ الأُمورِ التي تَشُقُّ على النُّفوسِ، بل هي غِذاءٌ للأرواحِ ودَواءٌ للأبدانِ، وحِميةٌ عنِ الضَّرَرِ، فاللَّهُ تعالى أمَر العِبادَ بما أمَرَهم به رَحمةً وإحسانًا، ومَعَ هذا إذا حَصَلَ بَعضُ الأعذارِ التي هي مَظِنَّةُ المَشَقَّةِ حَصَلَ التَّخفيفُ والتَّسهيلُ، إمَّا بإسقاطِه عنِ المُكلَّفِ، أو إسقاطِ بَعضِه، كما في التَّخفيفِ عنِ المَريضِ والمُسافِرِ وغَيرِهم) [1696] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 120). .
- وقال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185] .
قال الشَّوكانيُّ: (هذا مَقصَدٌ مِن مَقاصِدِ الرَّبِّ سُبحانَه، ومُرادٌ مِن مُراداتِه في جَميعِ أُمورِ الدِّينِ، ومِثلُه قَولُه تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78] ) [1697] ((فتح القدير)) (1/ 210). .
(وفي هذه الجُملةِ الكريمةِ تَقريرٌ للمَبادِئِ التي جاءَت بها شَريعةُ الإسلامِ؛ تلك المَبادِئِ التي تَتَوخَّى في كُلِّ شُؤونِها التَّيسيرَ لا التَّعسيرَ، والرِّفقَ لا التَّشديدَ) [1698] ((التفسير الوسيط)) لطنطاوي (1/ 420). .
- وقال تعالى حكايةً عن موسى عليه السَّلامُ قَولَه للخَضِرِ: قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا [الكهف: 73] . وفيه أنَّه ينبَغي للإنسانِ أن يأخُذَ مِن أخلاقِ النَّاسِ ومُعامَلاتهمُ العَفوَ مِنها، وما سَمَحَت به أنفُسُهم، ولا ينبَغي له أن يُكلِّفَهم ما لا يُطيقونَ، أو يشُقَّ عليهم ويُرهقَهم؛ فإنَّ هذا مَدعاةٌ إلى النُّفورِ مِنه والسَّآمةِ، بل يأخُذُ المُتَيسِّرَ ليتَيسَّرَ له الأمرُ [1699] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 482).  .
- وقال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 280] .
قال ابنُ كثيرٍ: (يأمُرُ تعالى بالصَّبرِ على المُعسِرِ الذي لا يجِدُ وفاءً، فقال: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ، أي: لا كما كان أهلُ الجاهليَّةِ يقولُ أحَدُهم لمَدينِه إذا حَلَّ عليه الدَّينُ: إمَّا أن تَقضيَ وإمَّا أن تُربِيَ. ثُمَّ يَندُبُ إلى الوضعِ عنه، ويَعِدُ على ذلك الخَيرَ والثَّوابَ الجَزيلَ، فقال: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 280] ، أي: وأن تَترُكوا رَأسَ المالِ بالكُلِّيَّةِ وتَضَعوه عنِ المَدينِ) [1700] ((تفسير القرآن العظيم)) (1/717). .

انظر أيضا: