موسوعة الأخلاق والسلوك

أ-  من القُرآنِ الكريمِ


1- قال تعالى: وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 83] ، قال ابنُ عبَّاسٍ: (قولُه أَذَاعُوا بِهِ، قال: أعلَنوه وأفشَوه) [787] رواه الطبري في ((التفسير)) (9993). . أي: إذا أتى هؤلاء المنافِقين خبَرٌ يتعَلَّقُ بأمنِ المؤمِنين، أو خَبَرُ أمرٍ يُوجِبُ خوفَ المؤمنين، أذاعوا به وأشاعوه على الفَورِ دونَ تثبُّتٍ وتحقُّقٍ من صِحَّتِه أوَّلًا [788] يُنظر: ((جامع البيان)) لابن جرير (7/254-255)، ((تفسير الكريم الرحمن)) (ص: 190)، ((تفسير ابن عثيمين- سورة النساء)) (2/23). ، ويُستنبَطُ من هذه الآياتِ فائِدةٌ: أنَّ خَوضَ العامَّةِ في السِّياسةِ وأمورِ الحَربِ والسِّلمِ، والأمنِ والخوفِ: أمرٌ مُعتادٌ، ولكِنَّه ضارٌّ جدًّا إذا شُغِلوا به عن عَمَلِهم، ويكونُ ضَرَرُه أشَدَّ إذا وقَفوا على أسرارِ ذلك وأذاعوا به، وهم لا يَستطيعون كِتمانَ ما يَعلَمون، ولا يَعرِفون كُنْهَ ضَرَرِ ما يقولون، وأضَرُّه عِلمُ جواسيسِ العَدُوِّ بأسرارِ أمَّتِهم، وما يكونُ وراءَ ذلك، ومِثلُ أمرِ الخوفِ والأمنِ وسائِرِ الأمورِ السِّياسيَّةِ والشُّؤونِ العامَّةِ التي تختَصُّ بالخاصَّةِ دونَ العامَّةِ [789] يُنظر: ((تفسير المنار)) (5/242). .
2- وقال سُبحانَه: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ [التحريم: 3] .
قال الطَّبَريُّ: (فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ: فلمَّا أخبَرَت بالحديثِ الذي أسَرَّ إليها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صاحِبَتَها) [790] يُنظر: ((جامع البيان)) (23-91). .
وقال القاسميُّ: (أشار تعالى إلى غَضَبِه لنبيِّه صَلَواتُ اللهِ عليه ممَّا أتت به من إفشاءِ السِّرِّ إلى صاحِبتِها، ومِن مُظاهَرتِهما على ما يُقلِقُ راحتَه، وأنَّ ذلك ذَنبٌ تجِبُ التَّوبةُ منه) [791] يُنظر: ((محاسن التأويل)) (9/274). .
3- وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال: 27-28] .
قال ابنُ كثيرٍ: (كانوا يَسمَعون من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الحديثَ فيُفشُونه حتَّى يَبلُغَ المُشرِكين. وقال عبدُ الرَّحمنِ بنُ زَيدِ بنِ أسلَمَ: نهاكم أن تخونوا اللهَ والرَّسولَ، كما صَنَع المنافِقون) [792] يُنظر: ((تفسير القرآن العظيم)) (4/42). .
قال بعضُهم: نزلت في منافِقٍ كَتَب إلى أبي سُفيانَ يُطلِعُه على سِرِّ المُسلِمين [793] يُنظر: ((جامع البيان)) للطبري (11/120). .
ومعنى الآيةِ: (أي: ولا تخونوا أماناتِكم فيما بَينَ بَعضِكم وبَعضٍ، من المعامَلاتِ الماليَّةِ وغيرِها، حتى الشُّؤونِ الأدبيَّةِ والاجتماعيَّةِ؛ فإفشاءُ السِّرِّ خيانةٌ مُحَرَّمةٌ) [794] يُنظر: ((تفسير المراغي)) (9/139). .
4- قال تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ [التحريم: 10] . قال الطَّبَريُّ: (ذُكِر أنَّ خيانةَ امرأةِ نُوحٍ زَوجَها أنَّها كانت كافِرةً، وكانت تقولُ للنَّاسِ: إنَّه مجنونٌ، وأنَّ خيانةَ امرأةِ لُوطٍ أنَّ لوطًا كان يُسِرُّ الضَّيفَ، وتَدُلُّ عليه) [795] يُنظر: ((جامع البيان)) (23/ 497). .  وقيل: كانت خيانتُهما أنَّهما كانتا على غيِر دينِهما؛ فكانت امرأةُ نُوحٍ تُطلِعُ على سِرِّ نوحٍ، فإذا آمَنَ مع نوحٍ أحَدٌ أخبَرَت الجبابرةَ من قومِ نُوحٍ به، فكان ذلك مِن أمْرِها، وأمَّا امرأةُ لُوطٍ فكانت إذا ضافَ لُوطٌ أحَدًا خَبَّرَت به أهلَ المدينةِ ممَّن يَعمَلُ السُّوءَ فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا؛ إذ عَذَّبهما اللهُ مع الكافِرينَ من قَومَيهما، ولم ينفَعْهما كونُهما زوجَتَينِ لهذين العبدَينِ الصَّالِحَينِ، وقيل لهما: ادخُلا النَّارَ من جملةِ الدَّاخِلين فيها من الكُفَّارِ والفُسَّاقِ [796] يُنظر: ((جامع البيان)) للطبري (23/ 497). .

انظر أيضا: