موسوعة الأخلاق والسلوك

نَماذِجُ مِن المَدحِ المَحمودِ والمُباحِ


أ- عندَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم:
- ثَناؤُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه:
عن قَتادةَ أنَّ أنَسَ بنَ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه حَدَّثَهم أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَعِدَ أحُدًا، وأبو بَكرٍ، وعُمَرُ، وعُثمانُ، فرَجف بهم، فقال: ((اثبُتْ أحُدُ؛ فإنَّما عليك نَبيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهيدانٌ)) [502] أخرجه البخاري (3675). .
-ثَناؤُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه.
عن ابنِ عُمَرَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ اللَّهَ جَعَلَ الحَقَّ على لسانِ عُمَرَ وقَلبِه)) [503] أخرجه الترمذي (3682)، وأحمد (5145). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (6895)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3682)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (9/ 144). .
-ثَناؤُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أشَجِّ عَبدِ القَيسِ رَضِيَ اللهُ عنه:
عن ابنِ عَبَّاسٍ قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للأشجِّ أشَجِّ عَبدِ القَيسِ: ((إنَّ فيك خَصلَتَينِ يُحِبُّهما اللَّهُ: الحِلمَ، والأناةَ)) [504] أخرجه مسلم (17)
-ثَناؤُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه يومَ خَيبَرَ:
عن سَلَمةَ بنِ الأكوعِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: كان عَليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه تَخَلَّف عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خَيبَرَ، وكان به رَمَدٌ، فقال: أنا أتَخَلَّفُ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم! فخَرَجَ عَليٌّ فلَحِقَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلَمَّا كان مَساءُ اللَّيلةِ التي فتحُها في صَباحِها، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لأُعطِيَنَّ الرَّايةَ -أو قال: ليَأخُذَنَّ- غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّه اللهُ ورَسولُه-أو قال: يُحِبُّ اللهَ ورَسولَه، يفتَحُ اللهُ عليه))، فإذا نَحنُ بعَليٍّ وما نَرجوه، فقالوا: هذا عَليٌّ، فأعطاه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ففتَحَ اللهُ عليه [505] أخرجه البخاري (2975) واللفظ له، ومسلم (2407) .
- ثَناءُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على عَمرِو بنِ تَغلِبَ:
عن الحَسَنِ البَصريِّ، قال: حَدَّثَني عَمرُو بنُ تَغلِبَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُتيَ بمالٍ أو سَبيٍ، فقَسَمُه، فأعطى رِجالًا وتَرك رِجالًا، فبلَغَه أنَّ الذين تَرَك عَتَبوا، فحَمِد اللهَ ثُمَّ أثنى عليه، ثُمَّ قال: أمَّا بَعدُ، فواللهِ إنِّي لأُعطي الرَّجُلَ، وأدَعُ الرَّجُلَ، والذي أدَعُ أحَبُّ إليَّ مِن الذي أُعطي، ولكنْ أُعطي أقوامًا لِما أرى في قُلوبِهم مِن الجَزَعِ والهَلَعِ، وأَكِلُ أقوامًا إلى ما جَعَلَ اللهُ في قُلوبِهم مِن الغِنى والخَيرِ، فيهم عَمرُو بنُ تَغلِبَ. فواللهِ ما أُحِبُّ أنَّ لي بكَلِمةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُمْرَ النَّعَمِ)) [506] أخرجه البخاري (923). .
ب- عِندَ الصَّحابةِ:
- ثَناءُ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها على نِساءِ الأنصارِ لحِرصِهنَّ على التَّفقُّهِ في الدِّينِ:
تَقولُ أُمُّ المُؤمِنينَ عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها (نِعمَ النِّساءُ نِساءُ الأنصارِ، لم يكُنْ يمنَعُهنَّ الحَياءُ أن يتَفقَّهْنَ في الدِّينِ) [507] أخرجه البخاري معلَّقًا بصيغة الجزمِ قبلَ حديثِ (130)، وأخرجه موصولًا مسلم (332) واللفظُ له. .
- ثَناءُ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما على الفاروقِ عُمَرَ بَعدَ طَعنِه:
عن المِسْوَرِ بنِ مَخرَمةَ قال: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يألَمُ، فقال له ابنُ عَبَّاسٍ وكأنَّه يُجَزِّعُه: (يا أميرَ المُؤمِنينَ، ولَئِن كان ذاك، لقد صَحِبتَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأحسَنتَ صُحبتَه، ثُمَّ فارَقتَه وهو عنك راضٍ، ثُمَّ صَحِبتَ أبا بَكرٍ فأحسَنتَ صُحبتَه، ثُمَّ فارَقتَه وهو عنك راضٍ، ثُمَّ صَحِبتَ صُحبَتَهم فأحسَنتَ صُحبَتُهم، ولَئِن فارَقْتَهم لَتُفارقَنَّهم وهم عنك راضونَ) [508] أخرجه البخاري (3692). .
- ثَناءُ أبي الدَّرداءِ على ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه لخِدمَتِه رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
قال أبو الدَّرداءِ: (أوَليس عِندَكم ابنُ أُمِّ عَبدٍ صاحِبُ النَّعلينِ والوِسادِ والمُطهُرةِ؟) [509] أخرجه البخاري (3742). .
قال ابنُ بَطَّالٍ: (فأرادَ بذلك الثَّناءَ عليه والمَدحَ له؛ لخِدمةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [510] ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (1/243). .
ج- عِندَ السَّلَفِ والعُلَماءِ المتقَدِّمينَ:
- عن أبي يوسُفَ يقولُ: (اجتَمَعْنا عِندَ أبي حَنيفةَ في يومٍ مَطيرٍ في نَفَرٍ مِن أصحابِه، مِنهم: داوُدُ الطَّائيُّ، والقاسِمُ بنُ مَعْنٍ، وعافيةُ بنُ يزيدَ، وحَفصُ بنُ غِياثٍ، ووكيعُ بنُ الجَرَّاحِ، ومالكُ بنُ مِغولٍ، وزُفرُ، فأقبَلَ علينا بوَجهِه، وقال: أنتم مَسارُّ قَلبي، وجَلاءُ حُزني، وأسرَجتُ لكم الفِقهَ وألجَمتُه، وقد تَرَكتُ النَّاسَ يَطؤونَ أعقابَكم، ويلتَمِسونَ ألفاظَكم...) [511] ((مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه)) للذهبي (ص: 28). .
- وعن عَبدِ اللهِ بنِ صالحٍ: أنَّ مالِكَ بنَ أنَسٍ قال في رِسالَتِه إلى اللَّيثِ بنِ سَعدٍ: (وأنتَ في إمامَتِك وفَضلِك ومَنزِلتِك مِن أهلِ بَلَدِك، وحاجةِ مَن قِبَلَك إليك واعتِمادِهم على ما جاءَهم مِنك...) وذَكرَ باقيَ الرِّسالةِ [512] ((تهذيب الكمال)) للمزي (24/269، 270). .
- وقال أحمدُ بنُ القاسِمِ بنِ مساورٍ: (كنَّا عندَ يحيى بنِ مَعينٍ وعندَه مُصعَبٌ الزُّبَيريُّ، فذكر رجلٌ أحمدَ بنَ حنبَلٍ فأطراه وزاد، فقال له رجلٌ: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ [النساء: 171] ، فقال يحيى بنُ مَعينٍ: كأنَّ مدحَ أبي عبدِ اللهِ غُلوٌّ في الدِّينِ، ذِكْرُ أبي عبدِ اللهِ من محاسِنِ الذِّكْرِ! وصاح يحيى بالرَّجُلِ) [513] ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (5/ 281). .
- وقال حاشدُ بنُ إسماعيلَ: (كنتُ بالبصرةِ فسَمِعتُ قُدومَ محمَّدِ بنِ إسماعيلَ، فلمَّا قَدِم قال محمَّدُ بنُ بشَّارٍ: دخل اليومَ سيِّدُ الفُقَهاءِ) [514] ((تاريخ بغداد)) للخطيب البغدادي (2/ 336). .
- وقال القابِسيُّ: (ما رأيتُ أخيَرَ من أبي الحَسَنِ الكانشيِّ، وكان إذا أعجبه شيءٌ من صاحبِه قال: واللهِ لأسُرَّنَّك في نفسِك، فيقالُ له: بماذا؟ فيقول: بحُسنِ الثَّناءِ عليك، فقيل له: فأين الحديثُ في ذلك: احثُوا التُّرابَ في وجوهِ المدَّاحينَ؟ [515] أخرجه مسلم (3002) من حديث المقدادِ بنِ عمرٍو، بلفظ: ((إذا رأيتم المدَّاحين فاحثُوا في وجوهِهم الترابَ)). ، فيقولُ: إنَّما ذلك إذا مُدِح الرَّجُلُ في وجهِه بما ليس فيه، وإلَّا فواجِبٌ مدحُ الرَّجُلِ في وجهِه بما يجري من حُسنِ أفعالِه) [516] ((الديباج المذهب)) لابن فرحون (1/ 328). .
- وقال أبو بكرِ بنُ العربيِّ: (أخبَرَني محمَّدُ بنُ قاسِمٍ العُثمانيُّ غيرَ مرَّةٍ: وصلْتُ الفُسطاطَ مرَّةً، فجِئْتُ مجلِسَ الشَّيخِ أبي الفَضلِ الجَوهَريِّ، وحضرْتُ كلامَه على النَّاسِ، فكان ممَّا قال في أوَّلِ مجلِسٍ جلسْتُ إليه: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طلَّق وظاهَر وآلى، فلمَّا خرَج تبِعْتُه حتَّى بلغْتُ معَه إلى منزلِه في جماعةٍ، فجلَس معَنا في الدِّهليزِ، وعرَّفهم أمري؛ فإنَّه رأى إشارةَ الغُربةِ، ولم يَعرفِ الشَّخصَ قَبلَ ذلك في الوارِدينَ عليه، فلمَّا انفضَّ عنه أكثَرُهم قال لي: أراك غريبًا، هل لك مِن كلامٍ؟ قلْتُ: نعَم، قال لجُلسائِه: أفرِجوا له عن كلامِه، فقاموا، وبقيتُ وحدي معَه، فقلْتُ له: حضرْتُ المجلِسَ اليومَ مُتبرِّكًا بك، وسمعْتُك تقولُ: آلى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وصدَقْتَ، وطلَّق رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وصدَقْتَ، وقلْتَ: وظاهَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا لم يكنْ، ولا يصِحُّ أن يكونَ؛ لأنَّ الظِّهارَ مُنكَرٌ مِن القولِ وزورٌ؛ وذلك لا يجوزُ أن يقعَ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فضمَّني إلى نَفسِه، وقبَّل رأسي، وقال لي: أنا تائِبٌ مِن ذلك، جزاك اللهُ عنِّي مِن مُعلِّمٍ خيرًا. قال: ثُمَّ انقلَبْتُ عنه، وبكَّرْتُ إلى مجلِسِه في اليومِ الثَّاني، فألفَيتُه قد سبَقني إلى الجامِعِ، وجلَس على المِنبَرِ، فلمَّا دخلْتُ مِن بابِ الجامِعِ ورآني نادى بأعلى صوتِه: مرحبًا بمُعلِّمي؛ أفسِحوا لمُعلِّمي، فتطاوَلَت الأعناقُ إليَّ، وحدَّقَت الأبصارُ نحوي! وتعرِفُني يا أبا بكرٍ -يشيرُ إلى عظيمِ حيائِه؛ فإنَّه كان إذا سَلَّم عليه أحدٌ أو فاجأه خَجِل لعظيمِ حيائِه، واحمَرَّ حتى كأنَّ وجهَه طُلِيَ بجُلَّنارٍ قال: وتبادَر النَّاسُ إليَّ يرفعونَني على الأيدي، ويتدافَعوني حتَّى بلغْتُ المِنبَرَ، وأنا لعِظَمِ الحياءِ لا أعرفُ في أيِّ بُقعةٍ أنا مِن الأرضِ، والجامِعُ غاصٌّ بأهلِه، وأسال الحياءُ بدني عرَقًا، وأقبَل الشَّيخُ على الخَلقِ، فقال لهم: أنا مُعلِّمُكم، وهذا مُعلِّمي؛ لمَّا كان بالأمسِ قلْتُ لكم: آلى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وطلَّق، وظاهَر، فما كان أحدٌ منكم فَقِه عنِّي ولا ردَّ عليَّ، فاتَّبعني إلى منزلي، وقال لي كذا وكذا. وأعاد ما جرى بيني وبَينَه، وأنا تائِبٌ عن قولي بالأمسِ، وراجِعٌ عنه إلى الحقِّ؛ فمَن سمِعه ممَّن حضَر فلا يُعوِّلْ عليه، ومَن غاب فليُبلِّغْه مَن حضَر؛ فجزاه اللهُ خيرًا، وجعَل يحفلُ في الدُّعاءِ والخَلقُ يُؤمِّنونَ).
قال ابنُ العَربيِّ: (فانظُروا -رحمكم اللَّهُ- إلى هذا الدِّينِ المتينِ، والاعترافِ بالعِلمِ لأهلِه على رؤوسِ الملإِ من رجلٍ ظهَرَت رياستُه، واشتَهَرت نفاستُه، لغريبٍ مجهولِ العَينِ لا يُعرَفُ مَن ولا مِن أين؛ فاقتدوا به ترشُدوا) [517] ((أحكام القرآن)) (1/ 248، 249). .
-وفي القَرنِ السَّادِسِ الهجريِّ: اختلَّت أحوالُ الأندلُسِ وتخاذل المرابِطون، وآثَروا الرَّاحةَ، وانفرد كلُّ قائدٍ بمدينةٍ، وهاجت عليهم الفِرنجُ وطَمِعوا، وذلك زمَنَ سُلطانِ المغرِبِ عبدِ المؤمِنِ بنِ عليِّ بنِ عَلَويٍّ، المتوفَّى 558هــ، قال الحافِظُ الذّهبيُّ: (وكان رزينًا وقورًا كاملَ السُّؤددِ سَرِيًّا، عاليَ الهمَّةِ، خليقًا للإمارةِ، فجهَّز عبدُ المؤمِنِ عُمَرَ إينتي، فدخل إلى الأندلُسِ، فأخذ الجزيرةَ الخضراءَ، ثمَّ رُندةَ، ثمَّ إشبيليَّةَ وقُرطُبةَ وغرناطةَ، ثمَّ سار عبدُ المؤمِنِ بجيوشِه، وعدَّى البحرَ من زقاقِ سَبتةَ، فنزل جبَلَ طارقٍ، وسمَّاه جبلَ الفتحِ، فأقام أشهُرًا، وبنى هناك قصورًا ومدينةً، ووفد إليه كُبراءُ الأندلُسِ، وقام بعضُ الشُّعَراءِ مُنشِدًا:
ما للعِدى جُنَّةٌ أوقى من الهَرَبِ
أين المفَرُّ وخيلُ اللهِ في الطَّلَبِ؟
وأين يذهَبُ مَن في رأسِ شاهقةٍ؟
وقد رمَتْه سهامُ اللهِ بالشُّهُبِ
حَدِّثْ عن الرُّومِ في أقطارِ أندلُسٍ
والبحرُ قد ملأَ البرَّينِ بالعَرَبِ
فأُعجِب بها عبدُ المؤمنِ، وقال: بمِثلِ هذا يُمدَحُ الخُلفاءُ) [518] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (20/ 372). .
ج- عِندَ العُلَماءِ المُعاصِرينَ:
- ثَناءُ مُحَمَّدِ عَبد الرَّزَّاقِ حَمزة على المُعَلِّمي اليمانيِّ وعلى كِتابِه. قال في تَذييلِه على كِتابِ (القائِدُ إلى تَصحيحِ العَقائِدِ): (قَرَأتُ الكِتابَ فأُعجِبتُ به أيَّما إعجابٍ؛ لصَبرِ العَلَّامةِ على مُعاناةِ مُطالَعةِ نَظَريَّاتِ المُتَكلِّمينَ، خُصوصًا من جاءَ مِنهم بَعدَ مَن ناقَشَهم شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ وتِلميذُه الإمامُ ابنُ القَيِّمِ، كالعَضُدِ والسَّعدِ، ثُمَّ رَدِّه عليهم بالأُسلوبِ الفِطريِّ والنُّقولِ الشَّرعيَّةِ التي يُؤمِنُ بها كُلُّ مَن لم تَفسُدْ عَقليَّتُه بخَيالاتِ الفلاسِفةِ والمُتَكلِّمينَ، فسَدَّ بذلك فراغًا كان على كُلِّ سُنِّيٍّ سَلَفيٍّ سَدُّه بَعدَ شَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيميَّةَ وابنِ القَيِّمِ رَحِمَهما اللهُ تعالى، وأدَّى عنَّا دَينًا كُنَّا مُطالَبينَ بقَضائِه؛ فجَزاه اللهُ عن الإسلامِ والمُسلمينَ خَيرَ الجَزاءِ، وحَشَرَنا وإيَّاه في زُمرةِ الذين أنعَمَ اللهُ عليهم مِن النَّبيِّينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهَداءِ والصَّالحينَ، وحَسُنَ أولئك رَفيقًا) [519] ((القائد إلى تصحيح العقائد)) للمعلمي اليماني (ص: 250) .
- ثَناءُ ابنِ بازٍ على الألبانيِّ:
قال ابنُ بازٍ رَدًّا على سُؤالٍ عن رَجُلٍ يسُبُّ الألبانيَّ، ويرى أنَّه مُجَرَّدُ تاجِرِ كُتُبٍ: (الشَّيخُ ناصِرُ الدِّينِ الألبانيُّ مِن خَواصِّ إخوانِنا الثِّقاتِ المَعروفينَ بالعِلمِ والفَضلِ والعِنايةِ بالحَديثِ الشَّريفِ تَصحيحًا وتَضعيفًا، وليس مَعصومًا، بل قد يُخطِئُ في بَعضِ التَّصحيحِ والتَّضعيفِ، ولكنْ لا يجوزُ سَبُّه ولا ذَمُّه ولا غِيبتُه، بل المَشروعُ الدُّعاءُ له بالمَزيدِ مِن التَّوفيقِ وصَلاحِ النِّيَّةِ والعَمَلِ) [520] ((مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز)) (25/71). .
- ثَناءُ أحمَد شاكِر على المَلكِ عَبدِ العَزيزِ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ الفَيصَل لنَشرِ مُسنَدِ أحمَدَ:
قال أحمَد شاكِر في مُقدِّمَتِه لمُسنَدِ أحمَدَ: (وصادَف ذلك أن كانت الزِّيارةُ الرَّسميَّةُ التي شَرَّف فيها مِصرَ بزيارَتِه أسَدُ الجَزيرةِ، حامي حِمى السُّنَّةِ، رَجُلُ العِلمِ والعَمَلِ، والسَّيفِ والقَلَمِ؛ الإمامُ العادِلُ، المَلِكُ عَبدُ العَزيزِ بنُ عَبدِ الرَّحمَنِ الفيصَل آل سُعودٍ، أطالَ اللهُ بَقاءَه، وكانت هذه الزِّيارةُ المُبارَكةُ مِن يومِ الخَميسِ 6صَفَر الخَيرِ مِن هذا العامِ 1365ه إلى يومِ الثُّلاثاءِ 18مِنه "10 - 22ينايِر سَنةَ 1946م"، فما إن رُفِعَ إلى جَلالَتِه شَأنُ هذا الكِتابِ حتَّى أصدَرَ أمرَه الكريمَ إلى حُكومَتِه السنيَّةِ بالاشتِراكِ في عَدَدٍ كبيرٍ مِن نُسَخِه، مِن أوَّلِه إلى آخِرِه؛ إجلالًا لشَأنِ الإمامِ الكبيرِ، وعَطفًا على شَخصي الضَّعيفِ) [521] ((مسند الإمام أحمد بن حنبل)) (1/19) .

انظر أيضا: