موسوعة الأخلاق والسلوك

د- نماذِجُ مِن وَقارِ العُلَماءِ المُعاصِرين ورزانتِهم


محمَّد الخضر حسين ورزانتُه في الخِلافِ مع أصحابِه في الرَّأيِ:
يقولُ محمَّد الخضر حسين: (وقَع بَيني وبَينَ العُلَماءِ نِزاعٌ في مسألةٍ، فلم يقتَصِرْ على ما يراه صِحَّةً لرأيِه، بل زاد على ذلك كلامًا لا يتعَلَّقُ بالبحثِ، فأجَبْتُه بذِكرِ الحقيقةِ والتَّاريخِ، وقُلتُ له: ما زاد على ذلك فغَيرُ أهلِ العِلمِ أقدَرُ عليه من أهلِ العِلمِ!) [9836] ((موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين)) (2/2/128). .
ابنُ بازٍ:
السَّكينةُ والوَقارُ من أبرَزِ صِفاتِ ابنِ بازٍ، وهما أوَّلُ ما يواجِهُ به النَّاسَ، سواءٌ القريبُ أو البعيدُ، من يجالِسُه، أو يزورُه زيارةً عابرةً؛ يقولُ أحَدُ الشُّعَراءِ في ممدوحٍ له:
يا مَن له ألفُ خِلٍّ
مِن عاشِقٍ وصَديقِ
أراك خَلَّيتَ للنَّاسِ
مَنزِلًا في الطَّريقِ
فإنَّ النَّاسَ ليُحيطون به ويَلتَفُّون حولَه أينما وُجِد؛ في المسجِدِ، في المنزِلِ، في المكتَبِ، وإنَّه لَيُصغي لكُلٍّ منهم في إقبالٍ، يخَيَّلُ إليه أنَّه المختَصُّ برعايتِه، فلا ينصَرِفُ عنه حتَّى ينصَرِفَ هو، ومراجِعوه من مختَلِفِ الطَّبَقاتِ، ومن مختَلِفِ الأرجاءِ، ولكُلٍّ حاجتُه وقَصدُه، فيقومُ الشَّيخُ بتسهيلِ أمرِه، وتيسيرِ مَطلَبِه، ولرُبَّما ضاق بعضُهم ذَرعًا عليه بكَلِماتٍ يرى نفسَه فيها مظلومًا، فما من الشَّيخِ إلَّا أن يوجِّهَه للوقارِ، والدُّعاءُ له بالهدايةِ والصَّلاحِ، إنَّها واللهِ صُوَرٌ صادقةٌ، بالحَقِّ ناطقةٌ، تدُلُّ على تواضُعٍ جَمٍّ، وحُسنِ سَكينةٍ، وعظيمِ أناةٍ وحِلمٍ، وكبيرِ وقارٍ [9837] انظر: ((جوانب من سيرة ابن باز)) (ص: 352)، وموقع الشيخ ابن باز الرسمي على الشبكة العنكبوتية. .
ابنُ عُثَيمين ورزانتُه في تعامُلِه مع مَن جَهِلَ عليه:
يقولُ وليدُ بنُ أحمَدَ الحُسَين: (ويطالِعُنا بأروعِ الصِّفاتِ النَّبيلةِ في مسجِدِه بحِلمِه وصَبرِه على السُّفَهاءِ والجاهِلين، فيقابِلُ الإساءةَ بالإحسانِ، ويُذَكِّرُني أروعَ الشَّواهِدِ على ذلك ما رأيتُه بنفسي بعدَ صلاةِ العَصرِ عندما فرَغ من الصَّلاةِ، وكان ذلك في مسجِدِه الطِّينِ عامَ 1403 هجريًّا، فقام إليه أحدُ المصَلِّين -أظنُّه أعرابيًّا من الباديةِ- فطَلب من الشَّيخِ أن يساعِدَه بشيءٍ من المالِ، وشكا إليه حالَه وعَوَزَه، فأخرج له الشَّيخُ مبلغًا يسيرًا من المالِ، فغَضِب الأعرابيُّ ورفَع صوتَه على الشَّيخِ أمامَ المصَلِّين، ورمى بالمالِ في وجهِ الشَّيخِ! فما كان من الشَّيخِ إلَّا أن ابتَسَم في وجهِه، ودعا له: أصلَحَك اللهُ! والأعرابيُّ يزيدُ في حماقتِه أمامَ الشَّيخِ، والشَّيخُ يزيدُ في حِلمِه!) [9838] ((الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين)) (ص: 16). .

انظر أيضا: