موسوعة الأخلاق والسلوك

هـ- قِصَصٌ ونماذِجُ من الوَرَعِ عِندَ العُلَماءِ المُعاصِرينَ


وَرَعُ ابنِ بازٍ:
كان ابنُ بازٍ وَرِعًا، وكان مِن وَرَعِه (أنَّه لا يقبَلُ هَدِيَّةً من أحدٍ؛ لأنَّه في عَمَلٍ حُكوميٍّ، وإذا قَبِلها كافأ عليها، وكان يقولُ: إذا تساوي مائةً فأعطوه مائتينِ، وإذا كانت تساوي مائتينِ فأعطوه أربعَمائةٍ، وأخبِروه بألَّا يُقَدِّمَ لنا شيئًا مرَّةً أُخرى.
وإذا أُعطيَ شيئًا على سبيلِ الهَدِيَّةِ مِن طيبٍ أو سِواكٍ أو بِشتٍ، أو نحوِ ذلك، وكان بجانبِه أحدٌ، أعطاه إيَّاه، وقال: هديَّةٌ مني إليك) [9551] ((جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز)) لمحمد إبراهيم الحمد (ص: 157). .
وفي يومٍ من الأيَّامِ جاء المَلِكُ فَيصَل إلى المدينةِ النَّبَويَّةِ، فأراد الشَّيخُ ابنُ بازٍ أن يزورَه، ولم تكُنْ لديه سيارةٌ؛ إذ كانت سيارتُه تحتاجُ إلى بعضِ الإصلاحِ، فأخبروا سماحتَه بذلك، فقال: خُذوا سيَّارةً أُجرة، فاستأجَروا له، وذهَبوا إلى المَلِكِ.
ولمَّا عاد سماحةُ الشَّيخِ إلى منزِلِه أُخبِرَ المَلِكُ فيصَل بأنَّ الشَّيخَ جاء بسيَّارةٍ أُجرة، فتكدَّر الملِكُ كثيرًا وأرسل إلى سماحةِ الشَّيخِ سيَّارةً، وأخبره بتكَدُّرِه، ولمَّا أُخبِرَ سماحةُ الشَّيخ بذلك قال: ردُّوها، لا حاجةَ لنا بها، سيَّارتُنا تكفينا.
فقيل له: يا سماحةَ الشَّيخِ، هذه من المَلِكِ، وأنت تستَحِقُّها! فأنت تقومُ بعَمَلٍ عظيمٍ، ومصلحةٍ عامَّةٍ، والذي أرسلَها وليُّ الأمرِ، وإذا ردَدْتَها ستكونُ في نفسِه، والذي أراه أن تَقبَلَها!
فقال سماحةُ الشَّيخِ: دَعْني أُصَلِّي الاستخارةَ، فصَلَّى، وبعدَ الصَّلاةِ قال: لا بأسَ نأخُذُها، وكتَبَ للمَلِكِ، ودعا له [9552] يُنظَر: ((جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز)) لمحمد إبراهيم الحمد (ص: 158). .
وَرَعُ ابنِ عُثَيمينَ:
كان محمَّدُ بنُ عُثَيمين وَرِعًا زاهِدًا عن الدُّنيا، مدبِرًا عنها، وإليك نماذِجَ مِن وَرَعِه؛ منها:
- أنَّه في شوَّالٍ من العامِ الهِجريِّ 1417، استضافته جامعةُ الإمامِ في دورةِ المبتَعَثين إلى الخارجِ، وقد تزامن ذلك مع اجتماعِ هيئةِ كِبارِ العُلَماءِ، فاعتذر الشَّيخُ عن المحاضرةِ إلَّا أن يأذَنَ له سماحةُ العلَّامةِ رئيسُ هيئةِ كبارِ العُلَماءِ عبدُ العزيزِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بازٍ؛ فأذِنَ له فحضَر، وفي نهايةِ المحاضرةِ طُلِب منه أن يوقِّعَ على ورقةٍ يَستَلِمُ بموجِبِها مكافأةً ماليَّةً مقابِلَ إلقاءِ المحاضرةِ، فأخذ الشَّيخُ الوَرَقةَ ومَزَّقها، وقال: نحن محسوبون الآنَ على هيئةِ كِبارِ العُلَماءِ [9553] يُنظَر: ((الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين)) لوليد بن أحمد الحسين (ص: 23). .
- وممَّا يدُلُّ على وَرَعِه أيضًا (أنَّه كان رحِمَه اللهُ إذا احتاج أن يملأَ قَلَمَه بالحبرِ من الدَّواةِ من مكتبةِ الجامعةِ؛ ليقومَ باستعمالِه فيما يخُصُّ عَمَلَ الجامعةِ، فإنَّه قَبلَ أن ينصَرِفَ يُفرِغُ ما تبقَّى في قَلَمِه من الحبرِ في الدَّواةِ؛ لأنَّه يخصُّ الجامعةَ!) [9554] ((الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين)) لوليد بن أحمد الحسين (ص: 25). .

انظر أيضا: