موسوعة الأخلاق والسلوك

عاشِرًا: مَسائِلُ مُتَفَرِّقةٌ


- قال ابنُ المُقَفَّعِ: (وعلى العاقِلِ -ما لم يكُنْ مَغلوبًا على نفسِه- ألَّا يشغَلَه شغلٌ عن أربَعِ ساعاتٍ: ساعةٌ يرفَعُ فيها حاجَتَه إلى رَبِّه، وساعةٌ يُحاسِبُ فيها نفسَه، وساعةٌ يُفضي فيها إلى إخوانِه وثِقاتِه الذين يَصدُقونَه عن عُيوبِه وينصَحونَه في أمرِه، وساعةٌ يُخَلِّي فيها بَينَ نفسِه وبَينَ لذَّتِها مِمَّا يحِلُّ ويَجمُلُ؛ فإنَّ هذه السَّاعةَ عَونٌ على السَّاعاتِ الأُخَرِ، وإنَّ استِجمامَ القُلوبِ وتَوديعَها زيادةُ قوَّةٍ لها وفَضلُ بُلغةٍ) [9018] ((الأدب الصغير)) (ص: 31). ويُنظر: ((محاسبة النفس)) لابن أبي الدنيا (12). .
- وقال الغَزاليُّ وهو يُبَيِّنُ أوجُهَ الحِكمةِ مِن النَّهيِ عن الصَّلاةِ في أوقاتِ الكَراهةِ: (الثَّالِثُ: أنَّ سالِكي طَريقِ الآخِرةِ لا يزالونَ يواظِبونَ على الصَّلَواتِ في جَميعِ الأوقاتِ، والمواظَبةُ على نمَطٍ واحِدٍ مِن العِباداتِ يورِثُ المَلَلَ، ومَهما مُنِعَ منها ساعةً زادَ النَّشاطُ وانبَعَثَت الدَّواعي، والإنسانُ حَريصٌ على ما مُنِعَ منه؛ ففي تعطيلِ هذه الأوقاتِ زيادةُ تحريضٍ وبَعثٍ على انتِظارِ انقِضاءِ الوَقتِ؛ فخُصِّصت هذه الأوقاتُ بالتَّسبيحِ والاستِغفارِ حَذَرًا مِن المِلَلِ بالمُداوَمةِ، وتُفرُّجًا بالانتِقالِ مِن نوعِ عِبادةٍ إلى نوعٍ آخَرَ؛ ففي الاستِطرافِ والاستِجدادِ لذَّةٌ ونَشاطٌ، وفي الاستِمرارِ على شَيءٍ واحِدٍ استِثقالٌ ومَلالٌ؛ ولذلك لم تكُنْ الصَّلاةُ سُجودًا مُجَرَّدًا ولا رُكوعًا مُجَرَّدًا ولا قيامًا مُجَرَّدًا، بل رُتِّبَت العِباداتُ مِن أعمالٍ مُختَلِفةٍ وأذكارٍ مُتَبايِنةٍ؛ فإنَّ القَلبَ يُدرِكُ مِن كُلِّ عَمَلٍ منهما لذَّةً جَديدةً عندَ الانتِقال إليها، ولو واظَبَ على الشَّيءِ الواحِدِ لتَسارعَ إليه المَلَلُ) [9019] ((إحياء علوم الدين)) (1/ 208). .
- وقال أحمَدُ بنُ الطَّيِّبِ: (قال رَجُلٌ مِن وُجوهِ مُدَبِّري الفُرسِ لرَجُلٍ قد رآه فرَغَ مِن عَمَلِه، فتَكلَّفَ عَمَلًا آخَرَ: أنت أعلمُ بما يُصلِحُك ويصلُحُ لنا بك منَّا، ونحن بسياستِك والقِوامُ عليك، وإنَّما ترَكْنا هذا الفَضلَ فيك، وبَقينا هذا الزَّمانَ عليك لنا لا لك؛ ليكونَ لك فُرجةٌ بَينَ العَمَلينِ وراحةٌ تبعَثُنا لنَشاطٍ منك في وقتِ حاجَتِنا إلى عَمَلِك؛ فلا تستَفرِغْ وُسعَك فيما لم تُكَلَّفْه فيُخِلَّ بنا فيما كَلَّفْناك...) [9020] ((البصائر والذخائر)) لأبي حيان (4/ 118). .

انظر أيضا: