موسوعة الأخلاق والسلوك

د- نماذِجُ من النَّزاهةِ عِندَ العُلَماءِ المتقَدِّمين والمُتأخِّرين


- محمَّدُ بنُ جَريرٍ الطَّبَريُّ:
عن أبي عليٍّ هارونَ بنِ عبدِ العزيزِ (أنَّ أبا جعفَرٍ لَمَّا دخل بغدادَ، وكانت معه بضاعةٌ يتقَوَّتُ منها، فسُرِقَت فأفضى به الحالُ إلى بيعِ ثيابِه وكُمَّي قَميصِه! فقال له بعضُ أصدقائِه: تنشَطُ لتأديبِ بعضِ وَلَدِ الوزيرِ أبي الحسَنِ عُبَيدِ اللهِ بنِ يحيى بنِ خاقانَ؟ قال: نعم. فمضى الرَّجُلُ، فأحكَمَ له أمرَه، وعاد فأوصَله إلى الوزيرِ بعد أن أعارَه ما يَلبَسُه، فقرَّبه الوزيرُ ورفع مجلِسَه، وأجرى عليه عَشرةَ دنانيرَ في الشَّهرِ، فاشتَرَط عليه أوقاتَ طَلَبِه للعِلمِ والصَّلواتِ والرَّاحةِ، وسأل إسلافَه رِزقَ شَهرٍ، ففَعَل، وأُدخِل في حجرةِ التَّأديبِ، وخرج إليه الصَّبيُّ -وهو أبو يحيى- فلمَّا كتَبَه أخذ الخادِمُ اللَّوحَ، ودخَلوا مُستبشِرين، فلم تَبْقَ جاريةٌ إلَّا أهدَت إليه صينيَّةً فيها دراهِمُ ودنانيرُ، فردَّ الجميعَ وقال: قد شُورِطتُ على شيءٍ، فلا آخُذُ سِواه!) [8932] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (14/271، 272). .
- الضِّياءُ المَقدِسيُّ:
قال ابنُ النَّجَّارِ في ترجمتِه: (وهو حافِظٌ مُتقِنٌ ثَبتٌ صَدوقٌ نبيلٌ حُجَّةٌ، عالمٌ بالحديثِ وأحوالِ الرِّجالِ، له مجموعاتٌ وتخريجاتٌ، وهو وَرِعٌ تَقيٌّ زاهِدٌ عابدٌ محتاطٌ في أكلِ الحلالِ، مجاهِدٌ في سبيلِ اللهِ، ولعَمْرِي ما رأت عيناي مِثلَه في نزاهتِه وعِفَّتِه وحُسنِ طريقتِه في طلَبِ العِلمِ) [8933] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (23/129، 130). .
- ابنُ تَيميَّةَ:
قال أبو حَفصٍ البزَّارُ يذكُرُ صُوَرًا من نزاهةِ ابنِ تَيميَّةَ: (ما خالَط النَّاسَ في بيعٍ ولا شراءٍ، ولا معاملةٍ ولا تجارةٍ، ولا مشاركةٍ ولا زراعةٍ ولا عمارةٍ، ولا كان ناظِرًا مباشِرًا لمالِ وَقفٍ، ولم يكُنْ يقبَلُ جِرايةً ولا صلةً لنفِسه من سُلطانٍ ولا أميرٍ ولا تاجرٍ، ولا كان مدَّخِرًا دينارًا ولا درهمًا ولا متاعًا ولا طعامًا، وإنَّما كانت بضاعتُه مدَّةَ حياتِه وميراثَه بعدَ وفاتِه رَضِيَ اللهُ عنه العِلمَ!) [8934] ((الأعلام العلية)) (ص: 42). .

انظر أيضا: