موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- نماذِجُ من المُروءةِ عِندَ الصَّحابةِ


مُروءةُ أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه:
عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أمَرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومًا أن نتصَدَّقَ، فوافَق ذلك مالًا عِندَي، فقُلتُ: اليومَ أسبِقُ أبا بكرٍ إن سبَقْتُه يومًا! فجِئتُ بنِصفِ مالي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما أبقَيْتَ لأهلِك؟ قُلتُ: مِثْلَه، قال: وأتى أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه بكُلِّ ما عِندَه، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما أبقَيْتَ لأهلِك؟ قال: أبقَيتُ لهم اللهَ ورَسولَه! قُلتُ: لا أسابِقُك إلى شيءٍ أبدًا)) [8476] أخرجه أبو داود (1678) واللفظ له، والترمذي (3675). صحَّحه الترمذي، والحاكم على شرط مسلم في ((المستدرك)) (1510)، والنووي في ((المجموع)) (6/236)، وحسَّنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3675)، والوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (996). .
- وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واستُخلِف أبو بكرٍ، وكَفَر من كَفَر من العَرَبِ، قال عُمَرُ: يا أبا بكرٍ، كيف تقاتِلُ النَّاسَ، وقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أُمِرْتُ أن أقاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلهَ إلَّا اللهُ، فمَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، فقد عَصَم منِّي مالَه ونَفْسَه إلَّا بحَقِّه، وحِسابُه على اللهِ. قال أبو بكرٍ: واللهِ لأقاتِلَنَّ من فَرَّق بين الصَّلاةِ والزَّكاةِ؛ فإنَّ الزَّكاةَ حَقُّ المالِ، واللهِ لو منَعوني عَناقًا كانوا يُؤَدُّونها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لقاتَلْتُهم على مَنْعِها، قال عُمَرُ: فواللهِ ما هو إلَّا أن رأيتُ أنْ قد شرَحَ اللهُ صَدْرَ أبي بكرٍ للقِتالِ، فعَرَفْتُ أنَّه الحَقُّ)) [8477] أخرجه البخاري (1399، 1400) واللفظ له، ومسلم (20). .
مُروءةُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنه:
عن أسلَمَ مولى عُمَرَ قال: (خرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه إلى السُّوقِ، فلَحِقَت عمَرَ امرأةٌ شابَّةٌ، فقالت: يا أميرَ المؤمنين، هلك زوجي وترَك صِبيةً صِغارًا، واللهِ ما يُنضِجون كُراعًا، ولا لهم زَرعٌ ولا ضرعٌ، وخَشِيتُ أن تأكُلَهم الضَّبُعُ، وأنا بنتُ خُفافِ بنِ إيماءَ الغِفاريِّ، وقد شَهِد أبي الحُدَيبيةَ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فوقف معها عُمَرُ ولم يَمضِ، ثمَّ قال: مرحبًا بنَسَبٍ قريبٍ، ثمَّ انصرف إلى بعيرٍ ظهيرٍ كان مربوطًا في الدَّارِ، فحمل عليه غِرارتينِ ملأهما طعامًا، وحمل بينهما نفقةً وثيابًا، ثَّم ناولها بخِطامِه، ثمَّ قال: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيَكم اللهُ بخيرٍ، فقال رجلٌ: يا أميرَ المؤمنين، أكثَرْتَ لها! قال عُمَرُ: ثَكِلَتْك أمُّك! واللهِ إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حِصنًا زمانًا فافتَتَحاه، ثمَّ أصبَحْنا نستفيءُ سُهْمانَهما فيه) [8478] أخرجه البخاري (4160، 4161). .
- وعن زيدِ بنِ ثابتٍ (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ جاءه يستأذِنُ عليه يومًا، فأذِنَ له ورأسُه في يَدِ جاريةٍ له تُرَجِّلُه، فنَزَع رأسَه، فقال له عُمَرُ: دَعْها تُرَجِّلْك، فقال: يا أميرَ المُؤمِنين، لو أرسَلْتَ إليَّ جِئتُك! فقال عُمَرُ: إنما الحاجةُ لي) [8479] أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1302) واللفظ له، والدارقطني (4/93)، والبيهقي (12799). صحَّحه الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (978). .
مُروءةُ عُثمانَ رَضِيَ اللهُ عنه.
عن أبي عبدِ الرَّحمنِ السُّلَميِّ قال: ((لمَّا حُصِر عثمانُ أشرَف عليهم فوقَ دارِه، ثمَّ قال: أُذَكِّرُكم باللهِ هل تعلمون أنَّ حِراءً حين انتَفَض قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اثبُتْ حِراءُ؛ فليس عليك إلَّا نبيٌّ أو صِدِّيقٌ أو شهيدٌ. قالوا: نعم. قال: أذَكِّرُكم باللهِ هل تعلمون أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال في جيشِ العُسرةِ: من يُنفِقُ نَفَقةً مُتقبَّلةً؟، والنَّاسُ مُجهَدون مُعسِرون، فجَهَّزْتُ ذلك الجيشَ؟ قالوا: نعم. ثمَّ قال: أذكِّرُكم باللهِ هل تعلمون أنَّ رُومةَ لم يكُنْ يَشرَبُ منها أحدٌ إلَّا بثَمَنٍ فابتَعْتُها فجعَلْتُها للغَنيِّ والفقيرِ وابنِ السَّبيلِ؟ قالوا: اللَّهُمَّ نَعَم، وأشياءَ عَدَّدَها)) [8480] أخرجه الترمذي (3699) واللفظ له، وابن حبان (6916)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (1170). صحَّحه ابنُ حبان، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (3699)، وقال الترمذي: (حسنٌ صحيحٌ غريبٌ). وقولُه: "اثبُتْ حِراءُ" أصلُه في صحيح مسلم (2417) من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه بلفظ: "اسكُنْ حِراءُ". .
مُروءةُ جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما:
عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ عبدَ اللهِ هَلَك، وتَرَك تِسعَ بَناتٍ -أو قال: سَبْعَ- فتزَوَّجْتُ امرأةً ثَيِّبًا، فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا جابِرُ، تزوَّجْتَ؟ قال: قُلتُ: نعمْ، قال: فبِكرٌ أم ثَيِّبٌ؟ قال: قُلتُ: بل ثَيِّبٌ يا رسولَ اللَّهِ، قال: فهَلَّا جاريةٌ تُلاعِبُها وتُلاعِبُك!، أو قال: تُضاحِكُها وتُضاحِكُك، قال: قُلتُ له: إنَّ عبدَ اللهِ هَلَك، وتَرَك تِسعَ بناتٍ -أو سَبعَ- وإنِّي كَرِهْتُ أن آتيَهنَّ أو أجيئَهنَّ بمِثْلِهنَّ، فأحبَبْتُ أن أجيءَ بامرأةٍ تقومُ عليهنَّ وتُصلِحُهنَّ، قال: فبارَكَ اللهُ لك، أو قال لي خيرًا)) [8481] أخرجه البخاري (5367)، ومسلم (715) واللفظ له. .
مُروءةُ سَلمانَ الفارسيِّ رَضِيَ اللهُ عنه:
عن أبي قِلابةَ (أنَّ رجُلًا أتى سَلْمانَ الفارسيَّ فوجَده يعتَجِنُ، فقال أين الخادِمُ؟ فقال: أرسَلْتُه في حاجةٍ، قال: لم يكُنْ ليجتَمِعَ عليه شيئانِ؛ أن نُرسِلَه ولا نكفيَه عَمَلَه!) [8482] أخرجه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (8921) واللفظ له، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (21/447). .

انظر أيضا: