موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القرآنِ الكريمِ


1- قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا [مريم: 96] .
قولُه: وُدًّا هي المَحَبَّةُ والقَبولُ الذي يجعَلُه اللهُ في القلوبِ لمن شاء من عبادِه [8098] ((التسهيل لعلوم التنزيل)) لابن جزي (1/ 486). . يجعَلُه لهم من دونِ أن يطلُبوه بالأسبابِ التي توجِبُ ذلك كما يَقذِفُ في قلوبِ أعدائِهم الرُّعبَ [8099] ((فتح القدير)) للشوكاني (3/ 417). .
2- وقال جلَّ في علاه: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي [طه: 39] .
قال أبو جعفَرٍ الطَّبريُّ: (والذي هو أَولى بالصَّوابِ من القَولِ في ذلك أن يقالَ: إنَّ اللهَ ألقى محبَّتَه على موسى، كما قال جَلَّ ثناؤه: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي فحبَّبه إلى آسيةَ امرأةِ فِرعَونَ، حتى تبنَّتْه وغذَتْه وربَّتْه، وإلى فِرعَونَ، حتى كفَّ عنه عاديَتَه وشَرَّه. وقد قيل: إنَّما قيل: وألقيتُ عليك مَحَبَّةً منِّي؛ لأنَّه حَبَّبه إلى كُلِّ مَن رآه) [8100] ((جامع البيان)) (16/ 58). .
وقال الشَّوكانيُّ: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي أي: ألقى اللهُ على موسى مَحَبَّةً كائنةً منه تعالى في قلوبِ عبادِه لا يراه أحدٌ إلَّا أحَبَّه، وقيل: جَعَل عليه مَسحةً من جمالٍ لا يراه أحَدٌ من النَّاسِ إلَّا أحَبَّه...، وقيل: كَلِمةُ مِنِّي متعلِّقةٌ بألقيتُ، فيكونُ المعنى: ألقيتُ مني عليك مَحَبَّةً، أي: أحبَبْتُك، ومَن أحبَّه اللهُ أحبَّه النَّاسُ) [8101] ((فتح القدير)) (3/431). .
3- وقال تعالى في بيانِ صِفةِ المحبِّين له سُبحانَه وأنَّ من لوازِمِها مَحَبَّةَ المُؤمِنين والرَّأفةَ بهم: فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة: 54] .
قال ابنُ رجَبٍ: (فوصف اللهُ سُبحانَه المحبِّين له بأوصافٍ: أحدُها: الذِّلَّةُ على المُؤمِنين، والمرادُ لِينُ الجانِبِ وخَفضُ الجَناحِ والرَّأفةُ والرَّحمةُ للمُؤمِنين، وهذا يرجِعُ إلى أنَّ المحبِّين للهِ يحبُّون أحبَّاءَه ويعودون عليهم بالعَطفِ والرَّأفةِ والرَّحمةِ) [8102] يُنظَر: ((روائع التفسير)) (1/435). .
وقال السَّعديُّ: (فهم للمُؤمِنين أذِلَّةٌ؛ من محبَّتِهم لهم، ونُصحِهم لهم، ولِينِهم ورِفقِهم ورأفتِهم، ورحمتِهم بهم وسُهولةِ جانِبِهم، وقُربِ الشَّيءِ الذي يُطلَبُ منهم) [8103] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 235). .
4- وقال تعالى في ذِكرِ مَحَبَّةِ الأنصارِ للمُهاجِرين وما نتَجَ عنها من التَّضحيةِ والإيثارِ: وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر: 9] .
(يعني: أنَّ اللهَ تعالى ألقى إليهم مَحَبَّةً؛ حتى أنزلوا المهاجِرين ديارَهم، وأنفَقوا عليهم أموالَهم) [8104] ((تأويلات أهل السنة)) (9/590). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (أي: من كَرَمِهم وشَرَفِ أنفُسِهم، يحبُّون المهاجِرين ويواسونهم بأموالِهم) [8105] ((تفسير القرآن العظيم)) (8/69). . وهذا لمحبَّتِهم للهِ ولرسولِه، أحبُّوا أحبابَه، وأحبُّوا من نَصَر دينَه [8106] ((تيسير الكريم الرحمن)) للسعدي (ص: 851). .
5- وقال تعالى ذاكِرًا صُوَرًا من المَحَبَّةِ المباحةِ، كمَحَبَّةِ الزَّوجةِ والأولادِ ما كانت باستقامةٍ واعتدالٍ: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران: 14]
قال الخازِنُ: (جَعَل اللهُ تعالى في قلبِ الإنسانِ حُبَّ الزَّوجةِ والوَلَدِ لحِكمةٍ بالغةٍ، وهي بقاءُ التَّوالُدِ، ولو زالت تلك المَحَبَّةُ لما حصَل ذلك) [8107] ((لباب التأويل)) (1/ 326). .

انظر أيضا: