موسوعة الأخلاق والسلوك

و- نَماذِجُ العُلَماءِ المُعاصِرينَ الأقوياءِ في الحَقِّ


1- الشَّيخُ عبدُ العزيزِ بنُ بازٍ وقوَّتُه في الحَقِّ، ومن الأمثلةِ على ذلك: أنَّه لمَّا نشرت صحيفةُ الجيشِ السُّوريَّةِ كلامًا كُفريًّا يتضمَّنُ إنكارَ وجودِ اللهِ سُبحانَه وتعالى، كتب سماحةُ الشَّيخِ للرَّئيسِ السُّوريِّ آنذاك، وهو نورُ الدِّينِ الأتاسيُّ، وبيَّن له الحُكمَ في ذلك، وأنَّ الواجِبَ التَّوبةُ، وإعلانُها في الصُّحُفِ.
ومن ذلك أنَّه لمَّا نشرت بعضُ الصُّحُفِ الخارجيَّةِ أنَّ بعضَ الرُّؤساءِ طعن في القرآنِ، وذكر أنَّه متناقِضٌ، وتكلَّم في شخصِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كتب إليه سماحةُ الشَّيخِ، وبيَّن له فداحَة ما قال، وأوضَح له أنَّ ذلك كُفرٌ ورِدَّةٌ، وأنَّ الواجِبَ عليه إعلانُ التَّوبةِ في الصُّحُفِ التي نشرت كلامَه.
ولمَّا لم ينشُرْ ذلك الشَّخصُ ما أشار به سماحةُ الشَّيخِ، ولم يعلِنْ توبتَه ورجوعَه، كتب سماحتُه مقالًا مطوَّلًا بَيَّنَ فيه كُفرَ ذلك الشَّخصِ ورِدَّتَه، ونَشَرت ذلك بعضُ الصُّحُفِ [7856] يُنظَر: ((جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز)) لمحمد إبراهيم الحمد (ص: 207). .
2- قُوَّةُ الشَّيخِ محمَّد شاكر في الحَقِّ: ذكر الشَّيخُ أحمد شاكِر عن والِدِه محمَّد شاكِر، الذي كان وكيلَ الأزهرِ في مِصرَ سابِقًا (أنَّه كان من خُطَباءِ المساجِدِ التَّابِعين لوزارةِ الأوقافِ خطيبٌ فَصيحٌ مُتكَلِّمٌ مُقتَدِرٌ، هو الشَّيخُ محَّمد المهدي خطيبُ مسجِدِ عزبان، وكان السُّلطانُ حُسَين رحمه اللَّهُ مواظِبًا على صلاةِ الجُمُعةِ في حفلٍ فخمٍ جليلٍ يحضُرُه العُلَماءُ والوُزَراءُ والكُبَراءُ، فصَلَّى الجُمُعةَ يومًا ما بمسجِدِ المبدولي القريبِ مِن قَصرِ عابدين العامِرِ، وندَبَت وزارةُ الأوقافِ ذاك الخطيبَ لذلك اليومِ، وأراد الخطيبُ أن يمدَحَ عَظَمةَ السُّلطانِ، ولكِنْ خانَتْه فصاحتُه، وغلَبَه حُبُّ التَّغالي في المَدحِ، فزَلَّ زَلَّةً لم تَقُمْ له قائمةٌ من بعدِها؛ إذ قال أثناءَ خُطبتِه: (جاءه الأعمى فما عَبَس في وَجهِه وما تولَّى!) وكان من شُهودِ هذه الصَّلاةِ والدي الشَّيخُ محمَّد شاكِر وكيلُ الأزهَرِ سابقًا رحمه اللَّهُ. فقام بعدَ الصَّلاةِ يُعلِنُ النَّاسَ في المسجِدِ أنَّ صلاتَهم باطلةٌ، وأمَرَهم أن يعيدوا صلاةَ الظُّهرِ، فأعادوها، ذلك بأنَّ الخطيبَ كَفَر بما شَتَم رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تعريضًا لا تصريحًا [7857] ((كلمة الحق)) لأحمد شاكر (ص: 149) . ؛ فالشَّيخُ مُحَمَّد شاكِر صَدَعَ بالحَقِّ في وَجهِ الخَطيبِ وفي حُضورِ السُّلطانِ، ولم تَأخُذْه في اللَّهِ لَومةُ لائِمٍ، وذلك بَعدَ أن صَلَّى الخَطيبُ ولم يُبَيِّنْ للنَّاسِ خَطَأَ نَفسِه ولم يتَراجَعْ عن قَولِه.

انظر أيضا: