موسوعة الأخلاق والسلوك

أ-  من القُرآنِ الكريمِ


- قال اللهُ تبارك وتعالى: الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [الرحمن: 1-4].
قال الزَّمخشريُّ: (ثمَّ ذكَر ما تميَّز به من سائِرِ الحيوانِ من البيانِ، وهو المنطِقُ الفصيحُ المُعرِبُ عمَّا في الضَّميرِ) [7320] ((الكشاف)) (4/443). .
وقال ابنُ عطيَّةَ: (البيانُ: النُّطقُ والفَهمُ والإبانةُ عن ذلك بقَولٍ. قاله ابنُ زيدٍ، والجمهورُ، وذلك هو الذي فضَّل الإنسانَ من سائرِ الحيوانِ) [7321] ((المحرر الوجيز)) (5/223). .
وقال السَّمَرْقَنديُّ: (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ يعني: الكلامَ. ويُقالُ: يعني: الفَصاحةَ. ويُقالُ: الفَهمُ) [7322] ((بحر العلوم)) (3/ 378). .
- وقال اللهُ تعالى على لسانِ نبيِّه موسى عليه السَّلامُ: وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ [القصص: 34-35] .
قَولُه: هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا أي: (أحسَنُ بيانًا عمَّا يريدُ أن يُبَيِّنَه فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا، يقولُ: عَونًا يُصَدِّقُنِي: أي يُبَيِّنُ لهم عنِّي ما أخاطِبُهم به) [7323] ((جامع البيان)) للطبري (18/ 249). .
- وقال أيضًا على لسانِه: وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي [طه: 27 - 28] .
قال الشَّافِعيُّ: (الفَصاحةُ إذا استعمَلْتَها في الطَّاعةِ أشفى وأكفى في البيانِ، وأبلَغُ في الإعذارِ؛ لذلك دعا موسى ربَّه، فقال: وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي، وقال: وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا [القصص: 34] ، لمَّا عَلِم أنَّ الفَصاحةَ أبلغُ في البيانِ) [7324]  ((أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي)) (2/ 179). .
وقال ابنُ المظَفَّرِ الرَّازيُّ: (طَلَب زيادةَ الفَصاحةِ في تبليغِ الرِّسالةِ) [7325] ((مباحث التفسير)) (ص: 213). .
وقال السَّعديُّ: (الفَصاحةُ والبيانُ ممَّا يُعينُ على التَّعليمِ، وعلى إقامةِ الدَّعوةِ؛ لهذا طلَب موسى من ربِّه أن يَحُلَّ عقدةً من لسانِه؛ ليَفقَهوا قولَه، وأنَّ اللُّثغةَ [7326] اللُّثغةُ: أن تَعدِلَ الحَرفَ إلى حَرفٍ غَيرِه. والألثَغُ: الذي لا يستطيعُ أن يتكَلَّمَ بالرَّاءِ. يُنظَر: ((لسان العرب)) لابن منظور (8/448). لا عيبَ فيها إذا حصل الفَهمُ للكلامِ ...) [7327] ((تيسير اللطيف المنان)) (1/ 235). .
-وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم: 4] .
قال ابنُ كثيرٍ: (هذا من لُطفِه تعالى بخَلقِه أنَّه يُرسِلُ إليهم رسُلًا منهم بلُغاتِهم ليَفهَموا عنهم ما يُريدون وما أُرسِلوا به إليهم) [7328] ((تفسير القرآن العظيم)) (4/ 477). .
ذلك (لأنَّ مدارَ الأمرِ على البيانِ والتَّبيينِ والإفهامِ والتَّفهيمِ، وكلَّما كان اللِّسانُ أبينَ، كان أحمدَ رَغبةً منه في غايةِ الإفصاحِ بالحُجَّةِ، والمبالغةِ في وُضوحِ الدَّلالةِ؛ لتَكونَ العقولُ عنه أفهَمَ، والنُّفوسُ إليه أسرَعَ) [7329] ((التضمين النحوي في القرآن الكريم)) لمحمد نديم فاضل (2/301). .
-وقال تعالى مخاطِبًا نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا [النساء: 63] .
 قال الرَّاغِبُ الأصفهانيُّ: (البلاغةُ تقالُ على وجهَينِ: أحَدُهما: أن يكونَ بذاتِه بليغًا، وذلك بأن يجمَعَ ثلاثةَ أوصافٍ: صوابًا في موضوعِ لُغتِه، وطِبقًا للمعنى المقصودِ به، وصِدقًا في نفسِه، ومتى اختُرِم وصفٌ من ذلك كان ناقصًا في البلاغةِ، والثَّاني: أن يكونَ بليغًا باعتبارِ القائِلِ والمقولِ له، وهو أن يقصِدَ القائِلُ أمرًا فيُورِدَه على وَجهٍ حقيقٍ أن يَقبَلَه المقولُ له، وقَولُه تعالى: وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا يَصِحُّ حملُه على المعنَيَينِ) [7330] ((المفردات في غريب القرآن)) (ص: 145). .

انظر أيضا: