موسوعة الأخلاق والسلوك

رابعًا: فوائدُ العَزمِ والعَزيمةِ وعُلُوِّ الهِمَّةِ


1- قوَّةُ العَزمِ والعَزيمةِ من وسائِلِ تهذيبِ النَّفسِ، وتحصيلِ الأخلاقِ الفاضلةِ:
قال ابنُ قُدامةَ: (وأشَدُّ حاجةِ الرَّائِضِ لنَفسِه قوَّةُ العَزمِ؛ فمتى كان متردِّدًا بَعُدَ فلاحُه، ومتى أحسَّ من نفسِه ضَعفَ العَزمِ تصبَّرَ، فإذا نقَصَت عزيمتُها عاقَبَها لئلَّا تعودَ) [6597] ((مختصر منهاج القاصدين)) لابن قدامة المقدسي (ص: 201). .ومن صفاتِ المُؤمِنِ القويِّ قُوَّةُ العَزمِ على الأمرِ.
2- قوَّةُ العَزمِ والعَزيمةِ تُعينُ على تحقيقِ التَّقوى:
وذلك بحَملِ النَّفسِ على فِعلِ المأموراتِ وتَركِ المنهيَّاتِ، وهذه هي حقيقةُ التَّقوى؛ قال تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [آل عمران: 186] .
3- العَزمُ والعَزيمةُ من وسائِلِ التَّخلُّصِ من تلبيسِ الشَّيطانِ ووَسوستِه:
لأنَّه إذا كانت مُهمَّةُ الشَّيطانِ هي الوَسوسةَ، ومَقصَدُه منها (التَّشكيكُ والذَّبذَبةُ والتَّردُّدُ، فإنَّ عموماتِ التَّكليفِ تُلزِمُ المُسلِمَ بالعَزمِ واليقينِ والمضيِّ دونَ تردُّدٍ، كما في قولِه تعالى: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159] ، وامتَدَح بعضَ الرُّسُلِ بالعَزمِ، وأمرَ بالاقتداءِ بهم فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: 35] ... فمِن هذا كُلِّه كانت دوافِعُ العَزيمةِ مُستقاةً من التَّكاليفِ؛ ممَّا يقضي على نوازعِ الشَّكِّ والتَّردُّدِ، ولم يَبْقَ في قَلبِ المُؤمِنِ مجالٌ لشَكٍّ ولا محَلٌّ لوَسوَسةٍ) [6598] ((تكملة أضواء البيان)) لعطية سالم (9/189). .
4- قوَّةُ العَزمِ والعَزيمةِ من علاماتِ التَّوفيقِ:
قال ابنُ القَيِّمِ: (الدِّينُ مدارُه على أصلينِ: العَزمِ، والثَّباتِ.وأصلُ الشُّكرِ: صِحَّةُ العَزيمةِ، وأصلُ الصَّبرِ قُوَّةُ الثَّباتِ، فمتى أيِّد العبدُ بعزيمةٍ وثباتٍ فقد أُيِّد بالمعونةِ والتَّوفيقِ) [6599] ((عدة الصابرين)) (1/90) بتصرُّفٍ. .
5- قوَّةُ العَزمِ والعَزيمةِ والهِمَّةُ العاليةُ تحَصِّلُ للمرءِ كُلَّ مَقامٍ شَريفٍ ومنزلةٍ رفيعةٍ:
قال ابنُ القَيِّمِ: (فإنَّ كمالَ العبدِ بالعَزيمةِ والثَّباتِ، فمَن لم يكُنْ له عزيمةٌ فهو ناقصٌ، ومَن كانت له عزيمةٌ ولكِنْ لا ثباتَ له عليها فهو ناقِصٌ، فإذا انضمَّ الثَّباتُ إلى العَزيمةِ أثمر كُلَّ مقامٍ شريفٍ وحالٍ كاملٍ، ومعلومٌ أنَّ شجَرةَ الثَّباتِ والعَزيمةِ لا تقومُ إلَّا على ساقِ الصَّبرِ) [6600] ((طريق الهجرتين)) (1/400، 401) بتصرُّفٍ. .
6- صاحِبُ العَزمِ والعَزيمةِ القويَّةِ الصَّادِقةِ والهِمَّةِ العاليةِ أكثَرُ النَّاسِ صَبرًا على البلاءِ.
7- الامتثالُ لأمرِ اللهِ تعالى بالاقتداءِ بالأنبياءِ والرُّسُلِ؛ قال تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام: 90] ، ومن ذلك الاقتداءُ بهم في قوَّةِ العَزمِ.
8- الثَّباتُ والجَلَدُ؛ قال عنترةُ بنُ شَدَّادٍ:
فقُلتُ لها: سَلِي الأبطالَ عني
إذا ما فَرَّ مُرتاعُ القِراعِ
سَلِيهم يُخبِروك بأنَّ عزمي
أقام برَبعٍ أعداك النَّواعي [6601] ((ديوان عنترة بن شداد)) (ص: 54).
9- تحقيقُ المعالي؛ قال الشَّاعرُ:
فلا تحسَبوا أنَّ المعالي رخيصةٌ
ولا أنَّ إدراكَ العُلا هَيِّنٌ سَهلُ
فما كُلُّ من يسعى إلى المجدِ مُدرِكًا
ولا كُلُّ من يهوى العُلا نفسُه تعلو [6602] ((ديوان ابن أبي حصينة)) (ص: 177).
وقال آخَرُ:
(سأمتَلِكُ المعالي بالعوالي
وأشحَذُ غَربَ عَزمي واجتِهادي) [6603] ((يتيمة الدهر)) للثعالبي (5/ 152). .
10- إنجازُ الأعمالِ الضَّخمةِ الجليلةِ، ذكَرَ عُبَيدُ اللهِ بنُ أحمدَ السمسارُ، وغيرُه: (أنَّ أبا جعفَرِ بنَ جريرٍ الطَّبَريَّ قال لأصحابِه: هل تَنْشَطون لتاريخِ العالَمِ من آدَمَ إلى وقتِنا، قالوا: كم قَدْرُه؟ فذكَر نحوَ ثلاثينَ ألفَ وَرَقةٍ، قالوا: هذا ممَّا تفنى الأعمارُ قَبلَ تمامِه، فقال: إنَّا للهِ! ماتت الهِمَمُ! فأملاه في نحوِ ثلاثةِ آلافِ وَرَقةٍ!) [6604] ((طبقات الشافعيين)) لابن كثير (ص: 225). .
11- حصولُ خَيرَيِ الدُّنيا والآخِرةِ.

انظر أيضا: