موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ العَزمِ والهِمَّةِ وبَعضِ الصِّفاتِ


الفَرْقُ بَيْنَ العَزمِ والحَزمِ:
في العَزمِ والحَزمِ وجهانِ:
أحَدُهما: أنَّ معناهما واحِدٌ وإن اختلف لفظُهما.
أنشد بعضُهم:
وأستَرفِدُ عزمي إنَّـــ
ـــه والحَزمَ سِيَّانِ [6535] ((البصائر والذخائر)) لأبي حيان التوحيدي (3/ 160). .
الثَّاني:معناهما مختَلِفٌ
الحَزمُ والعَزمُ أصلانِ، وما قاله المُبَرِّدُ من أنَّ العينَ قُلِبَت حاءً، ليس بشيءٍ؛ لاطِّرادِ تصاريفِ كُلِّ واحدٍ من اللَّفظَينِ، فليس أحدُهما أصلًا للآخَرِ.
وفي اختِلافِهما وجهانِ:
- الحزمُ: جودةُ النَّظَرِ في الأمرِ، ونتيجتُه الحذَرُ من الخطَأِ فيه. والعَزمُ: قَصدُ الإمضاءِ، وعليه فالحَزمُ: الحَذَرُ، والعَزمُ: القُوَّةُ.
الثَّاني: أنَّ الحزمَ التَّأهُّبُ للأمرِ، والعَزمُ: النَّفاذُ فيه، ومنه قولُهم في بعضِ الأمثالِ: رَوِّ بحزمٍ، فإذا استوضَحْتَ فاعزِمْ، وقيل: أحزَمُ النَّاسِ من إذا وَضَح له الأمرُ صَدَع فيه [6536] يُنظَر: ((غريب الحديث)) للخطابي (1/ 119)، ((النكت والعيون)) للماوردي (2/214)، ((محاضرات الأدباء)) للراغب (1/ 39)، ((المحرر الوجيز)) لابن عطية (1/ 551)، ((التفسير)) للعز بن عبد السلام (2/ 540). .
الفَرْقُ بَيْنَ العَزمِ والنِّيَّةِ:
قال النَّوويُّ: (والعَزمُ والنِّيَّةُ متقاربانِ، فيقامُ أحَدُهما مقامَ الآخَرِ) [6537] ((شرح مسلم)) (1/ 46). .
وقيل: (الصِّلةُ بَيْنَ النِّيَّةِ والعَزمِ: أنَّهما مرحلتانِ من مراحِلِ الإرادةِ، والعَزمُ اسمٌ للمتقَدِّمِ على الفِعلِ، والنِّيَّةُ اسمٌ للمقترِنِ بالفِعلِ، مع دخولِه تحتَ العِلمِ بالمنويِّ) [6538] ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (42/60). .
وحكى بعضُهم اتِّفاقَ اللُّغةِ والعُرفِ على أنَّ العَزمَ قِسمٌ من أقسامِ النِّيَّةِ لا مباينٌ لها؛ فالنِّيَّةُ وإرادةُ الفعلِ مترادفانِ، وفي كتُبِ اللُّغةِ تفسيرُ النِّيَّةِ بالعَزمِ وبالقصدِ، وفَرَّق آخرون بَيْنَ النِّيَّةِ والعَزمِ بجَعلِ النِّيَّةِ الإرادةَ المتعَلِّقةَ بالفِعلِ الحاليِّ، والعَزمِ الإرادةَ المتعَلِّقةَ بالاستِقبالِ [6539] ((نهاية الإحكام)) للحسيني (7، 8). .
الفَرْقُ بَيْنَ العَزمِ والهَمِّ:
قال ابنُ حَجَرٍ: (والهَمُّ العَزمُ، وقيلَ دُونَه) [6540] ((فتح الباري)) (2/ 129). .
قال ابنُ حِبَّانَ: (العَزمُ نهايةُ الهَمِّ، والعَرَبُ في لغتِها تُطلِقُ اسمَ البَداءةِ على النِّهايةِ، واسمَ النِّهايةِ على البَداءةِ، ومنه قولُ اللهِ عزَّ وجَلَّ: (إذا همَّ عبدي بسيِّئةٍ فلا تكتُبوها عليه) [6541] أخرجه البخاري (7501)، ومسلم (128) واللفظ له من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. ، أي: إذا عزَمَ، فسمَّى العَزمَ همًّا، والهمُّ لا يُكتَبُ على المرءِ؛ لأنَّه خاطِرٌ لا حُكمَ له) [6542] ((صحيح ابن حبان)) (2/ 107). .
الفَرْقُ بَيْنَ العَزمِ والِهمَّةِ:
قال الرَّاغِبُ الأصفهانيُّ: (الهِمَّةُ: إجماعٌ من النَّفسِ على الأمرِ، وإزماعٌ عليه، والعَزمُ: هو العَقدُ على إمضائِه) [6543] ((التفسير)) للراغب الأصفهاني (1/ 465). .
قال المُناويُّ: (والهِمَّةُ أوَّلُ العَزمِ، وقد يُطلَقُ على العَزمِ القويِّ، فيُقالُ: له هِمَّةٌ عاليةٌ) [6544] ((فيض القدير)) (2/ 443). ، وقال أيضًا: (ويُطلَقُ الهمُّ والاهتمامُ على العَزمِ القويِّ) [6545] ((فيض القدير)) (2/ 443). .
الفَرقُ بَينَ الهِمَّةِ والهَمِّ:
(الهمَّةُ: اتِّساعُ الهَمِّ وبُعدُ مَوقِعِه؛ ولهذا يُمدَحُ بها الإنسانُ، فيُقالُ: فلانٌ ذو همَّةٍ وذو عَزيمةٍ. وأمَّا قَولُهم: فُلانٌ بَعيدُ الهمَّةِ وكبيرُ العَزيمةِ، فلأنَّ بَعضَ الهمَمِ يكونُ أبعَدَ مِن بَعضٍ وأكبَرَ مِن بَعضٍ، وحَقيقةُ ذلك أنَّه يهتَمُّ بالأُمورِ الكِبارِ.
والهَمُّ: هو الفِكرُ في إزالةِ المَكروهِ، واجتِلابِ المَحبوبِ، ومِنه يُقال: أهُمُّ بحاجَتي) [6546] يُنظر: ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص: 121). .

انظر أيضا: