موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- من أقوالِ السَّلَفِ والعُلَماءِ


- يُروى عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: (خَيرُ النَّاسِ هذا النَّمَطُ الأوسَطُ، يلحَقُ بهم التَّالي، ويرجِعُ إليهم الغالي) [439] يُنظَر: ((الأمثال)) لابن سلام (ص: 220)، ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (2/ 211) و (3/ 49). .
- وقال سَلمانُ الفارِسيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنه: (القَصدَ والدَّوامَ، وأنت الجوادُ السَّابِقُ) [440] ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (2/ 211). .
- وعن طارِقِ بنِ شِهابٍ أنَّه بات عِندَ سَلمانَ يَنظُرُ اجتهادَه، قال: فقام فصَلَّى من آخِرِ اللَّيلِ، فكأنَّه لم يَرَ الذي كان يظُنُّ، فذَكَر ذلك له، فقال سَلْمانُ: حافِظوا على هذه الصَّلواتِ الخَمسِ؛ فإنَّهنَّ كَفَّاراتٌ لهذه الجِراحاتِ ما لم تُصِبِ المَقْتلةَ، فإذا أمسى النَّاسُ كانوا على ثلاثِ منازِلَ؛ فمنهم من له ولا عليه، ومنهم من عليه ولا له، ومنهم لا له ولا عليه، فرجُلٌ اغتنم ظُلمةَ اللَّيلِ، وغَفلةَ النَّاسِ، فقام يصَلِّي حتَّى أصبح، فذلك له ولا عليه، ورجُلٌ اغتنم غَفلةَ النَّاسِ، وظُلمةَ اللَّيلِ، فرَكِبَ رأسَه في المعاصي، فذلك عليه ولا له، ورجُلٌ صَلَّى العِشاءَ ثمَّ نام، فذلك لا له ولا عليه، فإيَّاك والحَقْحَقةَ [441] الحَقْحَقةُ: هو المُتعِبُ من السَّيرِ. وقيل: هو أن تحمِلَ الدَّابَّةَ على ما لا تطيقُه. يُنظَر: ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (1/ 412). ، وعليك بالقَصدِ والدَّوامِ) [442] ((المصنف)) لعبد الرزاق الصنعاني (1/ 48، 49) و (3/ 47، 48)، ((الزهد)) لأبي داود (256). .
- وعن الحَسَنِ، قال: (إنَّ هذا الدِّينَ دينٌ واصِبٌ، وإنَّه من لا يَصبِرْ عليه يَدَعْه، وإنَّ الحَقَّ ثقيلٌ، وإنَّ الإنسانَ ضعيفٌ، وكان يقالُ: لِيأخُذْ أحَدُكم من العَمَلِ ما يطيقُ؛ فإنَّه لا يدري ما قَدْرُ أجَلِه، وإنَّ العبدَ إذا رَكِبَ بنَفسِه العُنفَ، وكَلَّف نفسَه ما لا يُطيقُ؛ أوشَك أن يُسَيِّبَ ذلك كُلَّه، حتَّى لعَلَّه لا يقيمُ الفريضةَ، وإذا رَكِبَ بنفسِه التَّيسيرَ والتَّخفيفَ، وكَلَّف نفسَه ما تطيقُ، كان أكيَسَ -أو قال: كان أكثَرَ- العامِلين، وأمنَعَها من هذا العَدُوِّ) [443] ((الزهد والرقائق)) لابن المبارك (1330). .
- وقال مُطَرِّفُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ الشِّخِّيرِ لابنِه: (الحَسَنةُ بَيْنَ السَّيِّئتَينِ، وخيرُ الأمورِ أوساطُها، وشَرُّ السَّيرِ الحَقْحَقةُ) [444] يُنظَر: ((الأمثال)) لابن سلام (ص: 220)، ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (1/ 222، 223)، ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (2/ 211). .
قال ابنُ قُتيبةَ في قَولِ مُطَرِّفٍ: (الحَسَنةُ بَيْنَ السَّيِّئتَينِ): (يعني: بَيْنَ الإفراطِ والتَّقصيرِ) [445] ((عيون الأخبار)) لابن قتيبة (1/448). .
وقال أبو العبَّاسِ المُبَرِّدُ: (قَولُه: "الحَسَنةُ بَيْنَ السَّيِّئتَينِ"، يقولُ: الحَقُّ بَيْنَ فِعلِ المُقَصِّرِ والغالي. ومِن كلامِهم: خيرُ الأمورِ أوسَطُها.
قولُه: «وشَرُّ السَّيرِ الحَقْحَقةُ»، وهو أن يستفرِغَ المُسافِرُ جَهْدَ ظَهرِه فيَقطَعَه، فيُهلِكَ ظَهْرَه، ولا يَبلُغَ حاجتَه. يقال: حَقْحَقَ السَّيرَ: إذا فَعَل ذلك) [446] ((الكامل في اللغة والأدب)) (1/ 195). .
- وقال وَهبُ بنُ مُنَبِّهٍ: (إذا أخَذْتَ بواحِدٍ مِن طرفَيِ العُودِ مال، فإذا أخَذْتَ بوَسَطِه اعتَدَل) [447] ((التفسير)) لأبي المظفر السمعاني (4/ 31). .
- وقال مُطَرِّفُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ الشِّخِّيرِ: (خيرُ الأمورِ أوساطُها) [448] ((المصنف)) لابن أبي شيبة (7/ 179) رقم (35128). .
- وعن الأوزاعيِّ، قال: (ما مِن أمرٍ أمَرَ اللَّهُ به إلَّا عارَض الشَّيطانُ فيه بخَصلَتيِن لا يبالي أيَّهما أصاب: الغُلُوُّ أو التَّقصيرُ) [449] ((كشف الخفاء)) للعجلوني (1/ 470). .
- وقال ابنُ قُتَيبةَ: (خيرُ الأشياءِ أوساطُها، والغُلُوُّ والتَّقصيرُ مذمومانِ) [450] ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 65). .
- وقال ابنُ بطَّالٍ: (الأخذُ بالتَّوسُّطِ والقَصدِ في العبادةِ أَولى؛ حتى لا يَعجِزَ عن شيءٍ منها) [451] ((شرح البخاري)) لابن بطال (7/ 160). .
- وقال الزَّمخشَريُّ: (الأطرافُ يتسارَعُ إليها الخَلَلُ، والأوساطُ محميَّةٌ مَحوطةٌ، ومنه قولُ الطَّائيِّ:
كانت هي الوسَطَ المحمِيَّ فاكتنَفَت
بها الحوادِثُ حتَّى أصبَحَت طَرَفَا) [452] ((الكشاف)) للزمخشري (1/ 198). .
- وقال البيضاويُّ: (الاقتصادُ في جميعِ الأمورِ محبوبٌ) [453] ((أنوار التنزيل)) للبيضاوي (3/ 270). .
- وقال الرَّازيُّ: (لا شَكَّ أنَّ طرَفَيِ الإفراطِ والتَّفريطِ رديئانِ؛ فالمتوسِّطُ في الأخلاقِ يكونُ بعيدًا عن الطَّرفَينِ، فكان معتَدِلًا فاضِلًا) [454] ((مفاتيح الغيب)) للرازي (4/ 84). .
- وقال الذَّهَبيُّ: (ينبغي لِمَن كان ضحوكًا بسَّامًا أن يَقصُرَ من ذلك، ويلومَ نفسَه حتَّى لا تمُجَّه الأنفُسُ، وينبغي لمن كان عَبوسًا منقَبِضًا أن يتبَسَّمَ، ويُحسِّنَ خُلُقَه، ويمقُتَ نفسَه على رداءةِ خُلُقِه، وكلُّ انحرافٍ عن الاعتِدالِ فمذمومٌ، ولا بُدَّ للنَّفسِ من مجاهَدةٍ وتأديبٍ) [455] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (10/ 141). .
- وقال ابنُ القَيِّمِ: (والدِّينُ كُلُّه بَيْنَ طَرَفَيِ الإفراطِ والتَّفريطِ، بل الإسلامُ قَصدٌ بَيْنَ المِلَلِ، والسُّنَّةُ قَصدٌ بَيْنَ البِدَعِ، ودينُ اللَّهِ بَيْنَ الغالي فيه والجافي عنه) [456] ((الروح)) لابن القيم (ص: 257). .
- وقال ابنُ رَجَبٍ: (الاقتصادُ في كُلِّ الأمورِ حَسَنٌ حتَّى في العبادةِ) [457] ((التفسير)) لابن رجب الحنبلي (1/ 628). .
- وقال الشَّاطبيُّ: (الشَّريعةُ جاريةٌ في التَّكليفِ بمُقتضاها على الطَّريقِ الوَسَطِ الأعدَلِ، الآخِذِ من الطَّرَفينِ بقِسطٍ لا مَيلَ فيه) [458] ((الموافقات)) للشاطبي (2/ 279).
- وقال البِقاعيُّ: (... رأسُ الأعمالِ الصَّالحةِ الاستقامةُ على حَدِّ الاعتِدالِ) [459] ((نظم الدرر)) للبقاعي (17/ 182). .
- وقال الثَّعالبيُّ: (لا تكُنْ رَطبًا فتُعصَرَ، ولا يابِسًا فتُكسَرَ، ولا تكُنْ حُلوًا فتُستَرَطَ [460] فتُستَرَطَ: تُبلَعَ. يُنظَر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/ 152). ، ولا مُرًّا فتُلفَظَ) [461] ((التمثيل والمحاضرة)) للثعالبي (ص: 429). .

انظر أيضا: