موسوعة الأخلاق والسلوك

ثاني عَشَرَ: أخطاءٌ شائعةٌ


- من الخَطَأِ أن يُظَنَّ أنَّ الشَّجاعةَ هي مُطلَقُ الإقدامِ؛ فالإقدامُ بغيِر عقلٍ جنونٌ أو شبيهٌ به، والإقدامُ في غيرِ مخاطرةٍ لا يعتَبَرُ من الشَّجاعةِ، بل هو نشاطٌ وهمَّةٌ، والإقدامُ لا لتحصيلِ خيرٍ أو دفعِ شَرٍّ لا يُعَدُّ شجاعةً بل هو تهوُّرٌ، فالمنتحِرُ يُقدِمُ على ما فيه هلاكُه، ولكِنَّ عَمَلَه ليس شجاعةً، إنما هو جنونٌ أو جُنوحٌ في العقلِ، أو جبنٌ، أو فرارٌ من مواجهةِ صَدمةٍ عنيفةٍ مؤلمةٍ من صدَماتِ الحياةِ؛ لأنَّه إقدامٌ لشَرٍّ لا خيرَ فيه، بخلافِ التَّضحيةِ بالنَّفسِ عن عقلٍ لإعلاءِ كَلِمةِ اللهِ، ومقارعةِ أعداءِ اللهِ؛ فهو من أعلى مراتبِ الشَّجاعةِ؛ لأنَّه جودٌ بالنَّفسِ، والجودُ بالنَّفسِ أقصى غايةِ الجودِ، وهو جودٌ في خيرٍ عظيمٍ [5107] ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) للميداني (2/586).
- ومن الخطَأِ أن يُظَنَّ أنَّ الشَّجاعةَ هي الإقدامُ وإن لم يكُنْ مصحوبًا بفِكرٍ سليمٍ وعَقلٍ راجحٍ؛ فقد توجَدُ الشَّجاعةُ في الإقدامِ إلى مخاطِرَ لا تقضي الحِكمةُ الفِكريَّةُ السَّليمةُ بجوازِ الإقدامِ إليها؛ لأنَّ الخيرَ الذي يُرجى أن يتحقَّقَ بهذا الإقدامِ، أو الشَّرَّ الذي يُرجى أن يُدفَعَ بها الإقدامُ، لا يكافئُ تحمُّلَ المخاطرِ المرتقَبةِ، ولكِنَّ ذلك يرجعُ إلى سوءِ تقديرِ صاحِبِ هذا الإقدامِ لِما هو فيه من أمرٍ، فلا يكونُ إقدامُه من قبيلِ التَّهوُّرِ أو الجنونِ، بل هو شجاعةٌ حقيقيَّةٌ، إلَّا أنَّ الفِكرَ عنده كان مخطئًا في تقديرِه، فأشبَه العَمَلُ عَمَلَ المتهَوِّرين [5108] ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) للميداني (2/587). .

انظر أيضا: