موسوعة الأخلاق والسلوك

ثانيًا: الفَرْقُ بَيْنَ الشَّجاعةِ وبعضِ الصِّفاتِ


الفَرْقُ بَيْنَ الشَّجاعةِ والقُوَّةِ:
(كثيرٌ من النَّاسِ تشتَبِهُ عليه الشَّجاعةُ بالقُوَّةِ، وهما متغايرانِ؛ فإنَّ الشَّجاعةَ هي ثباتُ القَلبِ عِندَ النَّوازِلِ، وإن كان ضعيفَ البَطشِ.
وكان الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عنه أشجَعَ الأمَّةِ بعدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان عُمَرُ وغَيرُه أقوى منه، ولكِنْ برز على الصَّحابةِ كُلِّهم بثباتِ قَلبِه في كُلِّ موطِنٍ من المواطِنِ التي تُزلزِلُ الجبالَ، وهو في ذلك ثابتُ القَلبِ، ربيطُ الجأشِ، يلوذُ به شُجْعانُ الصَّحابةِ وأبطالُهم، فيُثَبِّتُهم ويُشَجِّعُهم) [4957] ((الفروسية)) لابن القيم (ص 500). .
الفَرْقُ بَيْنَ البسالةِ والشَّجاعةِ:
أصلُ البَسلِ: الحَرامُ، فكأنَّ الباسِلَ يتعذَّرُ على أحَدٍ أو يَحرُمُ عليه أن يصيبَه في الحَربِ بمكروهٍ؛ لشِدَّتِه فيها وقوَّتِه.
والشَّجاعةُ: الجُرأةُ، والشُّجاعُ: الجَريءُ المِقدامُ في الحربِ ضَعيفًا كان أو قويًّا، والجرأةُ قُوَّةُ القَلبِ الدَّاعيةُ إلى الإقدامِ على المكارِهِ؛ فالشَّجاعةُ تُنبئُ عن الجُرأةِ، والبسالةُ تُنبئُ عن الشِّدَّةِ [4958] ((الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص 99). .
الفَرْقُ بَيْنَ الشَّجاعةِ والجُرأةِ:
أنَّ الشَّجاعةَ من القَلبِ: وهي ثباتُه واستقرارُه عِندَ المخاوِفِ، وهو خُلُقٌ يتولَّدُ من الصَّبرِ وحُسنِ الظَّنِّ؛ فإنَّه متى ظنَّ الظَّفَرَ وساعده الصَّبرُ ثبت، كما أنَّ الجُبنَ يتولَّدُ من سوءِ الظَّنِّ وعَدَمِ الصَّبرِ، فلا يَظُنُّ الظَّفَرَ ولا يساعِدُه الصَّبرُ.
وأمَّا الجُرأةُ فهي إقدامٌ سَبَبُه قِلَّةُ المبالاةِ، وعَدَمُ النَّظرِ في العاقبةِ، بل تُقدِمُ النَّفسُ في غيرِ مَوضِعِ الإقدامِ مُعرِضةً عن ملاحظةِ العارِضِ، فإمَّا عليها وإمَّا لها [4959] يُنظَر: ((الروح)) لابن القيم (ص 237). .

انظر أيضا: