موسوعة الأخلاق والسلوك

خامسًا: أقسامُ الشَّجاعةِ


ذكَر الرَّاغبُ الأصفهانيُّ في كتابِه (الذَّريعة) خمسةَ أنواعٍ للشَّجاعةِ، وهي:
- شجاعةٌ (سَبُعيَّةٌ: كمن أقدَم لثَوَرانِ غَضَبٍ وتطَلُّبِ غَلَبةٍ.
- وبهيميَّةٌ: كمن حارب توصُّلًا إلى مأكَلٍ أو مَنكَحٍ.
- وتجريبيَّةٌ: كمن حارب مِرارًا فظَفِر، فجعل ذلك أصلًا يبني عليه.
- وجِهاديَّةٌ: كمن يحارِبُ ذَبًّا عن الدِّينِ.
- وحكميَّةٌ: وهي ما تكونُ في كُلِّ ذلك عن فِكرٍ وتمييزٍ وهيئةٍ محمودةٍ بقَدرِ ما يجِبُ وعلى ما يجِبُ، ألا ترى أنَّه يُحمَدُ من أقدَمَ على كافرٍ غضبًا لدينِ اللهِ، أو طمَعًا في ثوابِه، أو خوفًا من عقابِه، أو اعتمادًا على ما رأى من إنجازِ وعدِ اللهِ في نُصرةِ أوليائِه، فإنَّ كُلَّ ذلك محمودٌ، وإن كان محضُ الشَّجاعةِ هو ألَّا يقصِدَ بالإقدامِ حَوزَ ثوابٍ، أو دَفعَ عِقابٍ...) [4989] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص: 328). .
ويمكن تقسيم الشَّجاعةِ أيضًا من حيث طريقةُ التَّعبير عنها إلى قسمين:
شجاعة الأقوال أو الشَّجاعةِ القولية وهي التي يعبر عنها بالقول ومن أمثلتها: الصَّدع بالحق، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكَر.
وشجاعة الأفعال أو الشَّجاعةِ الفعلية وهي التي يعبر عنها بالفعل ومن أمثلتها: الثَّبات في الحروب [4990] يُنظَر: ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) للميداني (2/587)، ((الشجاعة في ضوء السنة النبوية)) لخالد بن فلاح (ص: 25). .
قال الرَّاغِبُ: (ومن الشَّجاعةِ المحمودةِ مجاهدةُ الإنسانِ نفسَه أو غيرَه، وكلُّ واحدٍ منهما ضربان:
- مجاهدةُ النَّفسِ بالقولِ: وذلك بالتَّعلُّمِ، وبالفِعلِ: وذلك بقمعِ الشَّهوةِ، وتهذيبِ الحِميةِ.
- ومجاهدةُ الغيرِ بالقولِ: وذلك تزيينُ الحَقِّ وتعليمُه، وبالفعلِ: وذلك مدافعةُ الباطلِ ومتعاطيه بالحَربِ) [4991] ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص: 328). .
ويمكن تقسيمُ الشَّجاعةِ أيضًا من حيثُ الفِطرةُ والاكتسابُ إلى قسمينِ:
شجاعةٌ فِطريَّةٌ، وشجاعةٌ مُكتَسَبةٌ [4992] يُنظَر: ((الشجاعة في ضوء السنة النبوية)) لخالد بن فلاح (ص: 37). فـ (الأخلاقُ الحميدةُ الفاضلةُ تكونُ طبعًا، وتكونُ تطبُّعًا ولكِنَّ الطَّبعَ بلا شَكٍّ أحسنُ من التَّطبُّعِ؛ لأنَّ الخُلُقَ الحَسنَ إذا كان طبيعيًّا صار سجيَّةً للإنسانِ وطبيعةً له لا يحتاجُ في ممارستِه إلى تكَلُّفٍ ولا يحتاجُ في استدعائِه إلى عناءٍ ومَشقَّةٍ، ولكنْ هذا فَضلُ اللهِ يؤتيه من يشاءُ، ومن حُرِم الخُلُقَ على سبيلِ الطَّبعِ فإنَّه يمكِنُه أن ينالَه عن سبيلِ التَّطبُّعِ، وذلك بالمرونةِ والممارسةِ) [4993] ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (26/ 489) بتصرف يسير. .

انظر أيضا: