موسوعة الأخلاق والسلوك

ه- نماذِجُ مِن الزُّهدِ فيما في أيدي النَّاسِ عندَ العُلَماءِ المُتأخِّرينَ


1- كان مجدُ الدِّينِ أبو مُحمَّدٍ؛ عبدُ الغافِرِ بنُ إسماعيلَ الفارِسيُّ مِن العُلَماءِ، وله قَناعةٌ تمنَعُه عن التَّطلُّعِ عمَّا في أيدي النَّاسِ، وكان دائِمَ الخَلوةِ، وأنشَد:
لا يأسَفِ المرءُ للأرزاقِ إن قصُرَت
ولا يُطيلَنَّ طولُ الدَّهرِ مِن أملِهْ
إنَّ المنايا لذي الآمالِ راصِدةٌ
والرِّزقُ أسرَعُ نَحوَ العَبدِ مِن أجَلِهْ [4507] ((مجمع الآداب)) لابن الفوطي (4/ 452).
2-كان الحافِظُ أبو موسى؛ مُحمَّدُ بنُ عُمرَ المَدينيُّ وَرِعًا، زاهِدًا، مُتواضِعًا، معَ الفَراغِ المُطلَقِ عمَّا في أيدي النَّاسِ، لا يقبَلُ لأحدٍ شيئًا قطُّ، معَ الهربِ مِن النَّاسِ [4508] ((طبقات الشافعية)) للإسنوي (2/ 241)، ((طبقات الشافعيين)) لابن كثير (ص: 726). .
3- وكان مُحمَّدُ بنُ عبدو الخاتونيُّ زاهِدًا مُتعفِّفًا عمَّا في أيدي النَّاسِ، وعن أموالٍ عظيمةٍ كان يدفَعُها إليه الحُكَّامُ [4509] ((الكواكب السائرة)) لنجم الدِّين الغَزِّي (2/ 44). .
4- كان الفَقيهُ أبو الفَتحِ المَقدِسيُّ سالِكًا مِنهاجَ السَّلفِ، مُتقشِّفًا، مُتجنِّبًا وُلاةَ الأمورِ وما يأتي مِن الرِّزقِ على أيديهم، قانِعًا باليَسيرِ مِن غلَّةِ أرضٍ كانت له بنابُلسَ، يأتيه منها ما يَقتاتُه، ولا يقبَلُ مِن أحدٍ شيئًا [4510] ((طبقات الشافعية الكبرى)) للسبكي (5/ 352). .
5- وكان الإمامُ النَّوَويُّ مِن الزُّهَّادِ القانِعينَ باليَسيرِ، وكان أبوه وأمُّه يُرسِلانِ إليه بعضَ القوتِ، فيأكُلُه، وتُرسِلُ أمُّه له القميصَ ونَحوَه ليلبَسَه، ولا يقبَلُ مِن أحدٍ شيئًا غَيرِ أقارِبِه وبعضِ أهلِ الصَّلاحِ، ولا يقبَلُ إلَّا ممَّن تحقَّق دينَه ومعرفتَه ممَّن ليست له به عُلقةٌ مِن إقراءٍ أو انتِفاعٍ به [4511] ((تحفة الطالبين)) لابن العطار (ص: 95)، ((المنهل العذب الرَّوي)) للسخاوي (ص: 44، 46). .
6- وكان أبو بكرٍ؛ أحمَدُ بنُ عليٍّ يُقرِئُ القرآنَ، ويؤُمُّ النَّاسَ، ويعمَلُ بيدِه، ولا يقبَلُ مِن أحدٍ شيئًا، ويذهَبُ بنَفسِه في كُلِّ ليلةٍ إلى دِجلةَ، فيأخُذُ في كوزٍ له ماءً يُفطِرُ عليه، ويمشي في حوائِجِ نَفسِه، ولا يستعينُ بأحَدٍ [4512] ((صفة الصفوة)) لابن الجوزي (1/ 561). .
7- وكان الحَسنُ بنُ حيٍّ لا يقبَلُ مِن أحدٍ شيئًا، فيجيءُ إليه صبيُّه وهو في المسجِدِ، فيقولُ: أنا جائِعٌ، فيُعلِّلُه بشيءٍ حتَّى تذهَبَ الخادِمُ إلى السُّوقِ فتبيعَ ما غزلَت هي ومَولاتُها مِن اللَّيلِ، ثُمَّ تشتريَ قُطنًا، وتشتريَ شيئًا مِن الشَّعيرِ، فتجيءَ به، فتطحَنَه ثُمَّ تعجِنَه، فتخبِزَ ما يأكُلُ الصِّبيانُ والخادِمُ، وترفَعَ له ولأهلِه لإفطارِهما، فلم يزَلْ على ذلك حتَّى مات رحِمه اللهُ [4513] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (7/ 328)، ((صفة الصفوة)) لابن الجوزي (2/ 88، 89). .
8-كان أبو بكرٍ المالَقيُّ أحدَ الزُّهَّادِ الوَرِعينَ وعِبادِ اللهِ المُتَّقينَ، مُشتغِلًا بنَفسِه، مُتخلِّيًا عمَّا في أيدي النَّاسِ، يأكُلُ مِن كَسبِ يدِه، ولا يقبَلُ لأحدٍ شيئًا معَ جِدٍّ وعَملٍ وفَضلٍ وأدبٍ، ولم يكنْ في زَمنِه مَن اجتمَع فيه ما اجتمَع له [4514] ((المقفى الكبير)) للمقريزي (5/ 90). .

انظر أيضا: