موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- نماذِجُ من الرَّحمةِ عِندَ الأنبياءِ والمُرسَلين


- رحمةُ نوحٍ عليه السَّلامُ بابنِه:
قال تعالى: وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ [هود: 44 - 45] .
قال الطَّاهِرُ بنُ عاشورٍ: (نوحٌ عليه السَّلامُ لا يجهَلُ أنَّ ابنَه كافِرٌ؛ ولذلك فسُؤالُ المغفرةِ له عن عِلمٍ بأنَّه كافِرٌ، ولكِنَّه يطمَعُ لعَلَّ اللهَ أن يعفوَ عنه لأجْلِ قرابتِه به، فسؤالُه له المغفرةَ بمنزلةِ الشَّفاعةِ له عِندَ اللهِ تعالى، وذلك أخذٌ بأقصى دواعي الشَّفَقةِ والرَّحمةِ بابنِه) [4102] ((التحرير والتنوير)) (11/270). .
- رحمةُ يحيى عليه السَّلامُ وتحنُّنُه على العبادِ:
قال تعالى: يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا [مريم: 12 - 13] .
قال الواحِديُّ: (وآتيناه رحمةً مِن عندِنا وتحنُّنًا على العبادِ؛ ليدعوَهم إلى طاعةِ ربِّهم، وعمَلًا صالحًا في إخلاصٍ) [4103] ((التفسير البسيط)) (14/208). .
- رحمةُ نبيٍّ من الأنبياءِ بقَومِه مع ضربِهم له:
عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: كأنِّي أنظُرُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يحكي نبيًّا من الأنبياءِ ضَرَبه قومُه فأدْمَوه، فهو يمسَحُ الدَّمَ عن وَجهِه، ويقولُ: ((رَبِّ اغفِرْ لقَومي؛ فإنَّهم لا يَعلَمونَ )) [4104] أخرجه البخاري (6929) واللفظ له، ومسلم (1792). .
قال النَّوويُّ: (فيه ما كانوا عليه -صَلَواتُ اللهِ وسَلامُه عليهم- من الحِلمِ والتَّصبُّرِ، والعَفوِ والشَّفَقةِ على قَومِهم، ودُعائِهم لهم بالهِدايةِ والغُفرانِ، وعُذرِهم في جنايتِهم على أنفُسِهم بأنَّهم لا يَعلَمون، وهذا النَّبيُّ المشارُ إليه من المتقَدِّمين، وقد جرى لنبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِثلُ هذا يومَ أُحُدٍ) [4105] ((شرح النووي على مسلم)) (12/150). .
وقال القَسْطَلَّانيُّ: («ويقولُ: رَبِّ اغفِرْ لقومي» أضافهم إليه شفَقةً ورحمةً بهم، ثمَّ اعتذر عنهم بجَهلِهم فقال: «فإنَّهم لا يعلمونَ») [4106] ((إرشاد الساري)) (10/83). .

انظر أيضا: