موسوعة الأخلاق والسلوك

سادسًا: دَرَجاتُ الحَياءِ


للحَياءِ ثلاثُ دَرَجاتٍ:
الأُولى: حَياءٌ يتولَّدُ مِن عِلمِ العبدِ بنَظَرِ الحَقِّ إليه، فيَجذِبُه إلى تحمُّلِ هذه المجاهَدةِ، ويحمِلُه على استِقباحِ الجِنايةِ، ويُسكِتُه عن الشَّكوى.
الثَّانيةُ: حَياءٌ يتولَّدُ من النَّظَرِ في عِلمِ القُربِ، فيدعوه إلى رُكوبِ المحبَّةِ، ويَربِطُه برُوحِ الأُنسِ، ويُكَرِّهُ إليه مُلابسةَ الخَلقِ.
فالنَّظَرُ في عِلمِ القُربِ: تحقُّقُ القَلبِ بالمعيَّةِ الخاصَّةِ مع اللهِ؛ فإنَّ المعيَّةَ نوعانِ: عامَّةٌ: وهي معيَّةُ العِلمِ والإحاطةِ، كقَولِه تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ [الحديد: 4] ، وخاصَّةٌ: وهي معيَّةُ القُربِ، كقَولِه تعالى: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل: 128] ، فهذه معيَّةُ قُربٍ. تتضَمَّنُ المُوالاةَ والنَّصرَ والحِفظَ. وكِلا المعنيَينِ مُصاحَبةٌ منه للعَبدِ. لكِنَّ هذه مصاحَبةُ اطِّلاعٍ وإحاطةٍ، وهذه مُصاحبةُ مُوالاةٍ ونَصرٍ وإعانةٍ.
الثَّالِثةُ: حَياءٌ يتولَّدُ من شُهودِ الحَضرةِ...
شُهودُ الحَضرةِ: انجِذابُ الرُّوحِ والقَلبِ من الكائناتِ، وعُكوفُه على رَبِّ البَرِيَّاتِ، فهو في حَضرةِ قُربِه مُشاهِدٌ لها... فلا يخطُرُ ببالِه في تلك الحالِ سوى اللهِ وَحْدَه [3915] يُنظَر: ((منازل السائرين)) لأبي إسماعيل الهروي (ص: 54-55)، ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/253-256). .

انظر أيضا: