موسوعة الأخلاق والسلوك

حاديَ عَشرَ: مسائِلُ مُتفرِّقةٌ


أ- الانحِرافُ عن خُلقِ الحِلمِ:
كُلُّ خُلقٍ محمودٍ مُكتنَفٌ بخُلقَينِ ذميمَينِ، وهو وسَطٌ بَينَهما، وطرفاه خُلقانِ ذَميمانِ؛ فإنَّ النَّفسَ متى انحرَفَت عن التَّوسُّطِ انحرَفَت إلى أحدِ الخُلقَينِ الذَّميمَينِ ولا بُدَّ، فإذا انحرَفَت عن خُلقِ الحِلمِ انحرَفَت إمَّا إلى الطَّيشِ والحِدَّةِ والخِفَّةِ، وإمَّا إلى الذُّلِّ والمهانةِ والحَقارةِ، ففَرقٌ بَينَ مَن حِلمُه حِلمُ ذُلٍّ ومهانةٍ وحقارةٍ وعَجزٍ، وبَينَ مَن حِلمُه حِلمُ اقتِدارٍ وعزَّةٍ وشَرفٍ، كما قيل:
كُلُّ حِلمٍ أتى بغَيرِ اقتِدارٍ
حُجَّةٌ لاجِئٌ إليها اللِّئامُ) [3821] يُنظر: ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/ 295، 296). .
وقد قيل: (بَينَ الحِلمِ والخَوَرِ جِسرٌ أدَقُّ مِن الصِّراطِ) [3822] ((أسواق الذهب)) لأحمد شوقي (ص: 141). .
ب- متى يُعرَفُ الحليمُ؟
عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ قال: (لا يُعجِبْك حِلمُ امرِئٍ حتَّى يغضَبَ، ولا أمانتُه حتَّى يطمَعَ؛ فإنَّك لا تدري على أيِّ شِقَّيه يقَعُ) [3823] ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (3/ 69). .
و(قال لُقمانُ لابنِه: ثلاثةٌ لا يُعرَفونَ إلَّا في ثلاثةِ مواطِنَ: لا يُعرَفُ الحليمُ إلَّا عندَ الغَضبِ، ولا الشُّجاعُ إلَّا في الحَربِ، ولا تعرِفُ أخاك إلَّا عندَ الحاجةِ إليه) [3824] ((البيان والتبين)) للجاحظ (2/ 50). .
قال ابنُ المَغرِبيِّ:
وليس حليمًا مَن تُقَبَّلُ كفُّهُ
فيرضى ولكن مَن تُعَضُّ فيحلُمُ [3825] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (17/ 396). .
ويُروى عن عُمرَ بنِ عبدِ العزيزِ أنَّه أُتيَ برجُلٍ كان واجِدًا عليه، فأمَر بضَربِه، ثُمَّ قال: لولا أنِّي غضبانُ لضرَبْتُك، وخلَّى سبيلَه [3826] ((فصل المقال في شرح كتاب الأمثال)) للبكري (ص: 229). .

انظر أيضا: