موسوعة الأخلاق والسلوك

ج- نماذِجُ مِن حِفظِ اللِّسانِ عِندَ السَّلَفِ


اقتفى السَّلَفُ الصَّالحُ أثَرَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللَّهُ عنهم، ومِن قَبلِهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سلوكِه ومَنهَجِه في حِرصِه على حِفظِ اللِّسانِ، وأمرِه بذلك، وقد رُوِيَ الكثيرُ من الآثارِ عن السَّلَفِ تدُلُّ على كَفِّهم ألسِنَتَهم ولزومِهم السُّكوتَ، منها على سبيلِ المثالِ:
- (قيل لبعضِ العُلَماءِ: إنَّك تطيلُ الصَّمتَ، فقال: إنِّي رأيتُ لساني سَبُعًا عقورًا، أخافُ أن أخلِّيَ عنه فيَعقِرَني) [3493] ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (ص: 299). .
- وقال عاصِمُ بنُ أبي النَّجودِ: (ما سَمِعتُ أبا وائِلٍ سَبَّ إنسانًا قَطُّ، ولا بهيمةً) [3494] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (4/ 163). .
- وقال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ: (كان بعضُ أصحابِنا يحفَظُ كلامَه من الجُمُعةِ إلى الجُمُعةِ) [3495] ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (ص: 223). .
- وقال عبدُ اللَّهِ بنُ طاوسٍ: (كان طاوسٌ يتعَذَّرُ من طولِ السُّكوتِ، ويقولُ: إنِّي جرَّبتُ لساني فوجَدْتُه لئيمًا) [3496] ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (ص: 86). .
- وقيل لرَجُلٍ: بم سادكم الأحنَفُ، فواللَّهِ ما كان بأكبَرِكم سِنًّا، ولا بأكثَرِكم مالًا؟ فقال: بقُوَّةِ سلطانِه على لِسانِه [3497] ((المستطرف في كل فن مستطرف)) للأبشيهي (ص: 94). .
- وقال بِشرٌ الحافي: (كان المُعافى صاحِبَ دُنيا واسِعةٍ، وضِياعٍ كثيرةٍ، قال مرَّةً رجُلٌ: ما أشَدَّ البَرْدَ اليومَ! فالتَفَت إليه المُعافى، وقال: أستَدْفَأْتَ الآنَ؟! لو سكَتَّ لكان خيرًا لك) [3498] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (9/84). .
- وعن حمَّادِ بنِ زَيدٍ، قال: (بلغَني أنَّ محمَّدَ بنَ واسِعٍ كان في مجلِسٍ، فتكَلَّم رجُلٌ فأكثَرَ الكلامَ، فقال محمَّدٌ: ما على أحَدِكم لو سكَتَ فتنَقَّى وتوَقَّى!) [3499] ((الصمت)) لابن أبي الدنيا (ص: 61). .
- (وقيل: ما تكلَّم الرَّبيعُ بنُ خُثيمٍ بكلامِ الدُّنيا عشرين سنةً! وكان إذا أصبح وضَع دواةً وقِرطاسًا وقَلَمًا، فكلُّ ما تكلَّم به كتَبه، ثمَّ يحاسِبُ نفسَه عِندَ المساءِ!) [3500] ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/111). .
- (وقيل: إنَّ رجُلًا خاصم الأحنَفَ بنَ قَيسٍ، وقال: لئِنْ قُلتَ واحِدةً لتَسمَعَنَّ عَشرًا، فقال: لكِنَّك إن قُلتَ عَشرًا لم تسمَعْ واحِدةً!) [3501] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (4/93). .
- (وقال زيادُ بنُ يُونُسَ: كان واللَّهِ مالِكٌ أعظَمَ الخَلقِ مروءةً، وأكثَرَهم صَمتًا، وكان إذا جَلَس جلسةً لا ينحَلُّ منها حتَّى يقومَ، ورأيتُه كثيرَ الصَّمتِ، قليلَ الكلامِ، متحَفِّظًا للسانِه. وقال ابنُ المبارَكِ: كان مالِكٌ أشَدَّ النَّاسِ مُدارةً للنَّاسِ، وتَرْكًا لِما لا يَعْنيه) [3502] ((ترتيب المدارك وتقريب المسالك)) (1/ 127، 128). .

انظر أيضا: