موسوعة الأخلاق والسلوك

ب- نماذِجُ مِن حِفظِ الصَّحابةِ لألسِنَتِهم


كان أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحرَصَ النَّاسِ على طَلَبِ النَّجاةِ، وتحصيلِ الخيرِ، وقد عَلِموا أنَّ من أسبابِ نجاتِهم حِفظَ ألسنتِهم، ورُوِيَ في ذلك بعضُ الآثارِ؛ منها:
- (أنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عنه كان يَضَعُ حَصاةً في فيه، يمنَعُ بها نفسَه عن الكلامِ، وكان يشيرُ إلى لسانِه ويقولُ: هذا الذي أوردني الموارِدَ) [3486] أخرجه مالك (2/988)، والبزار (84)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (4947). صحَّحه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2873). .
- رُئيَ ابنُ عبَّاسٍ آخِذًا بلسانِه، وهو يقولُ: (وَيْحَك! قُلْ خيرًا تغنَمْ، أو اسكُتْ عن سوءٍ تَسلَمْ، وإلَّا فاعلَمْ أنَّك ستندَمُ، قال: فقيلَ له: يا ابنَ عبَّاسٍ، لمَ تقولُ هذا؟ قال: إنَّه بلغني أنَّ الإنسانَ -أُراه قال- ليس على شيءٍ من جَسَدِه أشَدَّ حَنَقًا أو غيظًا يومَ القيامةِ منه على لسانِه إلَّا ما قال به خيرًا، أو أملى به خيرًا) [3487] رواه من طرقٍ: أحمد في ((فضائل الصحابة)) (1846)، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (439)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/ 328). .
- وعن أسلَمَ: (أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ دخَل على أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ وهو يَجبِذُ [3488] أي: يجذِبُه ويَمُدُّه ويَجُرُّه. يُنظَر: ((مرقاة المفاتيح)) للقاري (7/ 3054). لسانَه، فقال له عُمَرُ: مَهْ [3489] أي: اكْفُفْ. يُنظَر: ((مختار الصحاح)) لزين الدين الرازي (ص: 300). غَفَر اللَّهُ لك! فقال أبو بكرٍ: إنَّ هذا أوردني الموارِدَ) [3490] أخرجه مالك (2/988) واللفظ له، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (1/33)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (4990). صحَّحه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2873). وأخرجه من طريقٍ آخَرَ: أبو يعلى (5)، وابن السُّني في ((عمل اليوم والليلة)) (7)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (4947). صحَّح إسنادَه على شرط البخاري: الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (2/71)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/305): رجالُه رجالُ الصَّحيحِ غيرَ موسى بنِ محمَّدِ بنِ حَيَّانَ، وقد وثَّقه ابنُ حَبَّانَ‏‏. .
- وعن زيدِ بنِ أسلَمَ: (أنَّه دخل على أبي دُجانةَ وهو مريضٌ، وكان وجهُه يتهَلَّلُ، فقال له: ما لك يتهَلَّلُ وجهُك؟ قال: ما من عَمَلِ شَيءٍ أوثَقُ عندي من اثنينِ: أمَّا أحَدُهما فكنتُ لا أتكَلَّمُ بما لا يَعنيني، وأمَّا الأُخرى فكان قلبي للمُسلِمين سليمًا) [3491] أخرجه ابن وهب في ((الجامع)) (319) واللفظ له، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (4577)، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (113). .
- و(كان شَدَّادُ بنُ أوسٍ في سَفَرٍ، فنَزَل مَنزِلًا، فقال لغلامِه: ائتِنا بالسُّفرةِ نعبَثْ بها، فأنكَرْتُ عليه، فقال: ما تكَلَّمْتُ بكَلِمةٍ منذُ أسلَمْتُ إلَّا وأنا أخطِمُها وأزُمُّها غيرَ كَلِمتي هذه؛ فلا تحفظوها عَلَيَّ) [3492] أخرجه من طرقٍ: أحمد (17114) واللفظ له، وابن حبان (935)، والحاكم (1872). .

انظر أيضا: