موسوعة الأخلاق والسلوك

و- نماذِجُ من الإحسانِ عِندَ العُلَماءِ المتقَدِّمين والمتأخِّرين


- إحسانُ ابنِ أبي زيدٍ القَيروانيِّ:
كان مع عظَمتِه في العِلمِ والعَمَلِ ذا بِرٍّ وإيثارٍ وإنفاقٍ على الطَّلَبةِ وإحسانٍ؛ وصل الفقيهَ يحيى بنَ عَبدِ العزيزِ العمريَّ حين قَدِم القيروانَ بمائةٍ وخمسينَ دينارًا، وجُهِّزت بنتُ الشَّيخِ أبي الحسَنِ القابسيِّ بأربعِمائةِ دينارٍ من مالِ ابنِ أبي زيدٍ [294] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (17/12). .
- إحسانُ عبدِ الغنيِّ المَقدِسيِّ في إيثارِه غيرَه بطعامِه:
قال منصورٌ الغضاريُّ: (شاهَدْتُ الحافِظَ في الغلاءِ بمِصرَ، وهو ثلاثَ ليالٍ يُؤثِرُ بعَشائِه ويَطْوي!) [295] ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (21/457). .
- إحسانُ الوزيرِ جمالِ الدِّينِ محمَّدِ بنِ عليِّ بنِ أبي منصورٍ إلى الفُقَراءِ:
قال ابنُ خَلِّكان: (كان يحمِلُ في كُلِّ سَنةٍ إلى مكَّةَ شَرَّفها اللهُ تعالى، والمدينةِ -على ساكِنِها أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ- من الأموالِ والكِسواتِ للفُقَراءِ والمُنقَطِعين ما يقومُ بهم مدَّةَ سَنةٍ كاملةٍ) [296] ((وفيات الأعيان)) (5/144). .
- إحسانُ القاضي الخيَّاطِ محمَّدِ بنِ عَليٍّ المَرْوزيِّ:
عُرِف بالخيَّاطِ؛ لأنَّه كان يَخيطُ على الأيتامِ والمساكينِ حِسبةً!
قال الحاكِمُ: سَمِعتُ أبي يقولُ: كان القاضي محمَّدُ بنُ عليٍّ المَرْوزيُّ طولَ أيَّامِه يَسكُنُ دارَ ابنِ حمدونَ بحذاءِ دارِنا، وكنتُ أعرِفُه يَخيطُ باللَّيلِ وإذا تفرَّغ بالنَّهارِ- للأيتامِ والضُّعَفاءِ، ويَعُدُّها صدَقةً [297] يُنظَر: ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (14/564، 565). .
- إحسانُ ابنِ تَيميَّةَ في كَرَمِه وعطائِه لِمن يسألُه شيئًا:
قال أبو حَفصٍ البزَّارُ: (حَدَّثني من أثِقُ به أنَّ الشَّيخَ رَضِيَ اللهُ عنه كان مارًّا يومًا في بعضِ الأزِقَّةِ، فدعا له بعضُ الفُقَراءِ، وعَرَف الشَّيخُ حاجتَه، ولم يكُنْ مع الشَّيخِ ما يُعطيه، فنزع ثوبًا على جِلدِه ودفعه إليه، وقال: بِعْه بما تيسَّرَ وأنفِقْه، واعتذَر إليه من كونِه لم يحضُرْ عندَه شيءٌ من النَّفقةِ! وهذا أيضًا من المبالغةِ في عدَمِ اكتراثِه في غيرِ ما يُقَرِّبُ إلى اللهِ تعالى، وجُودِه بالميسورِ كائنًا ما كان، وهذا من أبلَغِ إخلاصِ العَمَلِ للهِ عزَّ وجَلَّ، فسُبحانَ الموفِّقِ من شاء لِما شاء! وحدَّثني من أثِقُ به أنَّ الشَّيخَ رَضِيَ اللهُ عنه كان لا يَرُدُّ أحدًا يسألُه شيئًا من كُتُبِه، بل يأمُرُه أن يأخُذَ هو بنفسِه ما يشاءُ منها، وأخبرني أنَّه جاءه يومًا إنسانٌ يسألُه كتابًا ينتَفشعُ به، فأمره أن يأخُذَ كتابًا يختارُه، فرأى ذلك الرَّجُلُ بَيْنَ كتُبِ الشَّيخِ مُصحَفًا قد اشتُرِيَ بدراهِمَ كثيرةٍ، فأخذه ومضى) [298] ((الأعلام العلية)) (ص: 65-66). .

انظر أيضا: