موسوعة التفسير

سُورة الأنفالِ
الآيتان (41-42)

ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ

غريب الكلمات:

غَنِمْتُمْ: المَغنَمُ والغنيمةُ: ما أُصيبَ مِن أموالِ المُحاربينَ قهرًا. وأصلُ (غنم) يدلُّ على إفادةِ شَيءٍ لم يُملَك مِن قَبلُ [532] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/185)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 413)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/397)، ((المفردات)) للراغب (ص: 615)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 142). .
بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا: أي: بِجانب الوادي ممَّا يلي المدينةَ. وأصلُ (عدو) يدلُّ على تَجاوُزٍ في الشَّيءِ [533] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/203)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 345)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/249)، ((المفردات)) للراغب (ص: 318)، ((غريب القرآن)) لقاسم الحنفي (ص: 90). .
بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى: أي: بالجانِبِ الأبعدِ مِن المدينةِ. وأصلُ (قصو) يدلُّ على بُعدٍ وإبعادٍ [534] يُنظر: ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 345)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/94)، ((المفردات)) للراغب (ص: 554، 673). ((غريب القرآن)) لقاسم الحنفي (ص: 90). .
وَالرَّكْبُ: أي: راكِبو الإبِلِ، والمقصودُ عِيرُ أبي سفيانَ أي: ركبُ التجارةِ. وَأصلُ (ركب): يدلُّ على عُلوِّ شيءٍ شَيئًا [535] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/203)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/432)، ((المفردات)) للراغب (ص: 363)، ((تفسير القرطبي)) (8/21). .
بَيِّنَةٍ: أي: حُجَّةٍ. والبيِّنةُ كذلك: الدَّلالةُ الواضِحةُ؛ يقالُ: بان الشيءُ وأبان، إذا اتَّضَحَ وانكَشَفَ [536] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/208)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/328)، ((المفردات)) للراغب (ص: 157)، ((تفسير القرطبي)) (8/22)، ((تفسير ابن كثير)) (3/454). .

مشكل الإعراب:

قوله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ
أَنَّمَا غَنِمْتُمْ: (ما) في أنَّما اسمُ أنَّ، وهي موصولةٌ بمعنى (الذي)، وغَنِمْتُمْ صِلَتُها، وعائِدُها محذوفٌ، أي: غَنِمتُموه. ومِنْ شَيْءٍ جارٌّ ومجرورٌ مُتعَلِّقٌ بمحذوفٍ، حالٌ مِن عائِدِ الصِّلةِ، والتقديرُ: ما غَنِمتُموه كائنًا من شَيءٍ، أي: قليلًا أو كثيرًا. فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ: الفاءُ داخلةٌ تشبيهًا للموصولِ بالشَّرطِ، و(أنَّ) وما عَمِلَتْ فيه في محلِّ رفعٍ، خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ، تقديرُه: فحُكمُه أنَّ لِلَّه خُمُسَه، والجملةُ مِن هذا المبتدأِ والخَبرِ في محَلِّ رَفعٍ، خَبرُ (أنَّ). وأَنَّما غَنِمْتُمْ وما بعدَها سدَّ مسدَّ مفعولَي اعْلَمُوا [537] يُنظر: ((مشكل إعراب القرآن)) لمكي (1/315). ((التبيان في إعراب القرآن)) للعكبري (1/623-624)، ((الدر المصون)) للسمين الحلبي (5/605-606). .

المعنى الإجمالي:

اعلَموا- أيُّها المؤمنونَ- أنَّ ما تظفرونَه مِن الكُفَّارِ غنيمةً بعدَ انتِصارِكم عليهم؛ فحُكمُه أنَّ لله خُمُسَه، وللرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولِقرابَتِه مِن بني هاشمٍ وحُلفائِهم من بني المطَّلبِ، ولليتامى والمساكينِ، وللمُسافِرِ الذي يحتاجُ المالَ في سَفَرِه، وأمَّا بقيةُ الأخماسِ الأربعةِ فهي للمقاتلينَ، إن كُنتم آمَنتُم باللهِ تعالى، وما أنزَلَ على عبدِه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن آياتِ القرآنِ، يومَ فَرَقَ اللهُ بين الحقِّ والباطِلِ، وذلك يوم التقى جمعُ المسلمينَ وجمعُ الكفَّار ببدرٍ، واللهُ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ حيثُ نصَركم أيُّها المسلمونَ على قلةِ عددِكم، وخذَل الكفارَ على كثرتِهم.
فاذكروا - أيُّها المُؤمنونَ- حين كنتم على جانِبِ وادي بدرٍ الأقرَبِ للمدينةِ، وهم على الجانِبِ الأبعَدِ، وأصحابُ الإبِلِ الذين معهم تجارةُ المُشركينَ أسفَلَ منكم ممَّا يلي ساحِلَ البَحرِ، ولو تواعَدْتُم- أنتم والمشركونَ- على مكانٍ وزمانٍ تتقاتلونَ فيه، لَما اجتمَعتُم في ذلك المَوعِد، ولكنَّ الله دبَّر لهذا التلاقي لِيَقضيَ أمرًا مُقَدَّرًا لا بدَّ مِن وقوعِه، لِيَهلِكَ مَن هلكَ باستمرارِه على الكُفرِ بعد قيامِ الحجَّةِ عليه، ويؤمِنَ مَن آمنَ بعد ظهورِ الحُجَّة له، وإنَّ اللهَ لَسميعٌ عليمٌ.

تفسير الآيتين:

وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
أنَّ اللهَ تعالى لَمَّا أمَرَ بالمُقاتلةِ في قَولِه: وَقَاتِلُوهُمْ وكان مِن المَعلومِ أنَّ عند المُقاتلةِ قد تحصُلُ الغنيمةُ؛ لا جرَمَ ذَكَرَ تعالى حُكمَ الغنيمةِ [538] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (15/484). .
وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ.
أي: واعلَمُوا [539] قال الشنقيطي: (وَاعْلَمُوا معناه: تيقَّنُوا؛ لأنَّ العِلمَ إذا أُطلِقَ في القرآنِ: معناه اليَقينُ في جميعِ القرآنِ، وقد جاء في حَرفٍ في سورة الممتحنة إطلاقُ العِلمِ مُرادًا به الظنُّ الغالِبُ، وهو قولُه تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ [الممتحنة: 10] أي: غلَبَ على ظَنِّكم ظَنًّا قويًّا مُزاحِمًا لليَقينِ، ولا يكادُ العِلمُ في غيرِ هذا الموضِعِ يُطلَقُ في القرآنِ إلا مُرادًا به اليقينُ الجازِمُ، الذي لا يُخالِجُه ظَنٌّ ولا وَهْمٌ ولا شَكٌّ). ((العذب النمير)) (5/12) بتصرف يسير. - أيُّها المؤمنونَ الغانِمونَ- أنَّ أيَّ مالٍ تأخذونَه مِن الكفَّارِ قَهرًا، إذا انتصَرتُم عليهم [540] قال الكِيا الهراسيُّ: (واعلَمْ أنَّ الاتِّفاقَ حاصِلٌ على أنَّ المُرادَ بِقَولِه: غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ: مالُ الكُفَّارِ، إذا ظهرَ به المسلمونَ على وَجهِ الغَلَبةِ، ولا تقتضي اللُّغةُ هذا التَّخصيصَ، ولكِنَّ عُرفَ الشَّرعِ قيَّدَ اللَّفظَ بهذا النَّوعِ). ((أحكام القرآن)) (3/156). وقال القُرطبي: (لم يختلِفِ العُلَماءُ أنَّ قَولَه: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ليس على عُمومِه، وأنَّه يدخُلُه الخصوصُ، فمِمَّا خَصَّصوه بإجماعٍ أنْ قالوا: سَلَبُ المقتولِ لِقاتِلِه إذا نادى به الإمامُ. وكذلك الرِّقابُ- أعني الأُسارى- الخِيَرةُ فيها إلى الإمامِ بلا خلافٍ). ((تفسير القرطبي)) (8/4). ، فحقُّه أنَّ للَّهِ خُمُسَه، يُصرَفُ فيما أمَرَ اللهُ به [541] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/184، 187)، ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (4/211)، ((تفسير ابن كثير)) (4/59)، ((تفسير السعدي)) (ص: 321)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/6، 7)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/13، 16). قال الشِّنقيطي: (التَّحقيقُ أنَّ نَصيبَ اللهِ جلَّ وعلا، ونصيبَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ واحدٌ، وذِكْرُ اسمِه جلَّ وعلا استفتاحُ كلامٍ للتَّعظيمِ). ((أضواء البيان)) (2/59). ويُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/191). وعزاه البغويُّ إلى أكثرِ المفسِّرين والفقهاءِ، وقال: (وهو قولُ الحسنِ وقتادةَ وعطاء وإبراهيمَ والشعبيِّ، قالوا: سهمُ الله وسهمُ الرسولِ واحدٌ، والغنيمةُ تُقسمُ خمسةَ أخماسٍ، أربعةُ أخماسٍ لمَن قاتَل عليها، وخُمسٌ لخمسةِ أصنافٍ، كما ذكَر الله عزَّ وجلَّ: وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ). ((تفسير البغوي)) (2/292). وقال ابنُ عاشورٍ: (الابتداءُ باسمِ اللهِ تعالى للإشارةِ إلى أنَّ ذلك الخُمُسَ حَقُّ اللهِ يَصرِفُه حيث يشاءُ، وقد شاء فوكَّلَ صَرْفَه إلى رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولِمَن يَخْلُف رسولَه من أئمَّةِ المُسلمينَ، وبهذا التَّأويلِ يكونُ الخُمُسُ مَقسومًا على خمسةِ أَسهُمٍ، وهذا قولُ عامَّةِ عُلَماءِ الإسلامِ). ((تفسير ابن عاشور)) (10/8). .
عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما، قال: ((قَدِمَ وَفدُ عبدِ القَيسِ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، إنَّا- هذا الحيَّ- مِن ربيعةَ، وقد حالتْ بينَنا وبَينَك كُفَّارُ مُضَرَ، فلا نَخلُصُ إليك إلَّا في شَهرِ الحرامِ، فمُرْنا بأمرٍ نَعمَلُ به، وندعو إليه مَن وَراءَنا، قال: آمُرُكم بأربَعٍ، وأنهاكم عن أربَعٍ: الإيمانُ باللهِ، ثمَّ فَسَّرَها لهم فقال: شهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، وإقامُ الصَّلاةِ، وإيتاءُ الَّزكاةِ، وأنْ تُؤَدُّوا خُمُسَ ما غَنِمْتُم )) [542] رواه البخاري (87) ومسلم (17)، واللفظ له. .
وعن عبدِ اللهِ بنِ شَقيقٍ، عن رجُلٍ مِن بُلقينَ، قال: ((أتيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو بوادي القُرى، وهو يَعرِضُ فَرسًا، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما تقولُ في الغنيمةِ؟ فقال: لِلَّه خُمُسُها، وأربعةُ أخماسٍ للجَيشِ. قلتُ: فما أحدٌ أَوْلَى به مِن أحَدٍ؟ قال: لا، ولا السَّهمُ تَستخرِجُه مِن جَنبِك، ليس أنت أحَقَّ به مِن أخيك المُسلِم)) [543] أخرجه أبو يعلى في ((المسند)) (7179 )، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (5198)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (18012). قوَّى إسنادَه النوويُّ في ((المهذب)) (7/3584)، وصحَّح إسنادَه ابنُ كثيرٍ في ((إرشاد الفقيه)) (2/328)، والهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) (1/53)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (5/60)، وقال البوصيريُّ في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (1/97): إسنادُه رجالُه ثقاتٌ. .
وَلِلرَّسُولِ.
أي: ولِمُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ يتصَرَّفُ فيما جعَلَه اللهُ له من الخُمُسِ بما شاء في مصالِحِه ومصالِحِ المُسلمين [544] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/61)، ((تفسير السعدي)) (ص: 321)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/12)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/44). قال ابنُ تيميةَ: (الرسولُ مبلغٌ عن الله أمرَه ونهيَه، فالمالُ المضافُ إلى الله ورسولِه هو المالُ الذي يصرفُ فيما أمَر الله به ورسولُه مِن واجبٍ ومستحبٍّ، بخلافِ الأموالِ التي ملَّكها الله لعبادِه، فإنَّ لهم صرفَها في المباحاتِ... فالأنفالُ لله والرسولِ؛ لأنَّ قسمتَها إلى الله والرسولِ ليست كالمواريثِ التي قسَمها الله بينَ المستحقِّين)) (4/211). ويُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/62). قال الشِّنقيطي: (والتَّحقيقُ: أنَّ نَصيبَ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الخُمُسِ، كان يرُدُّه على مصالِحِ المُسلمينَ لا يأخُذُ منه شيئًا؛ لأنَّه كان يأخُذُ خَلَّتَه الضَّروريَّةَ مِن فَيءِ بني النَّضيرِ، وربَّما أخذ منه بعضًا مِن فيءِ قُريظةَ، وأنَّ نَصيبَه إنَّما يجعَلُه في مصالحِ المُسلمينَ). ((العذب النمير)) (5/44). وقال ابنُ عاشور: (عند الجمهورِ أنَّ سَهمَ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخلُفُه فيه الإمامُ؛ يبدأُ بنَفَقتِه ونَفَقةِ عيالِه بلا تقديرٍ، ويَصرِفُ الباقيَ في مصالِحِ المُسلمينَ). ((تفسير ابن عاشور)) (10/12). ويُنظر: ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/60، 61). وقال ابنُ جرير: (والصَّوابُ مِنَ القول في ذلك عندنا: أنَّ سَهمَ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَردودٌ في الخُمُسِ، والخُمُسُ مقسومٌ على أربعةِ أسهُمٍ على ما رُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ: للقرابةِ سَهمٌ، ولليتامى سَهمٌ، وللمَساكينِ سَهمٌ، ولابنِ السَّبيلِ سَهمٌ؛ لأنَّ اللهَ أوجَبَ الخُمسَ لأقوامٍ مَوصوفينَ بِصفاتٍ، كما أوجَبَ الأربعةَ الأخماسِ الآخَرينَ). ((تفسير ابن جرير)) (11/199). .
عن عمرِو بنِ عَبَسةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى بَعيرٍ مِن المَغنمِ، فلمَّا سلَّم أخَذَ وَبرةً مِن جَنبِ البَعيرِ، ثمَّ قال: ((ولا يحِلُّ لي مِن غَنائِمِكم مِثلُ هذا إلَّا الخُمُسُ، والخُمُسُ مَردودٌ فيكم )) [545] أخرجه أبو داود (2755 )، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (805)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (12943). صحَّحه ابنُ دقيق العيدِ في ((الاقتراح)) (100)، ووثَّق رجالَه الشوكانيُّ في ((نيل الأوطار)) (8/88)، وصحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح أبي داود)) (2755). .
وَلِذِي الْقُرْبَى.
أي: ولقرابةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن بني هاشمٍ وبني المطَّلِبِ [546] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/195)، ((تفسير ابن كثير)) (4/63)، ((تفسير السعدي)) (ص: 321)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/45). ونَسبَ ابنُ كثيرٍ القَولَ بأنَّ قَرابَته هم بنو هاشمٍ وبنو المطَّلِبِ، إلى جمهورِ العُلماء. يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/64). وقال ابنُ كثيرٍ: (وأمَّا سَهمُ ذوي القُربى فإنَّه يُصرَفُ إلى بني هاشمٍ وبني المُطَّلِب؛ لأنَّ بني المطَّلِب وازَرُوا بني هاشمٍ في الجاهليَّةِ وفي أوَّلِ الإسلامِ، ودخلوا معهم في الشِّعبِ غضبًا لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وحمايةً له: مُسلِمُهم طاعةً لله ولِرَسولِه، وكافِرُهم حَميَّةً للعشيرةِ، وأنَفةً وطاعةً لأبي طالبٍ عمِّ رَسولِ اللهِ). ((تفسير ابن كثير)) (4/63). وقال القاسمي: ((أجمَعوا على أنَّ المُرادَ بـ (ذوي القُربى) قرابتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم). ((تفسير القاسمي)) (5/297). .
عن جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ رَضِيَ الله عنه، قال: ((مَشَيتُ أنا وعثمانُ بنُ عُفَّانَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقُلنا: يا رسولَ اللهِ، أعطيتَ بني المُطَّلِب وتركتَنا، ونحنُ وهم منكَ بِمَنزلةٍ واحدةٍ! فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّما بنو المُطَّلِبِ وبنو هاشمٍ شَيءٌ واحِدٌ )). ولم يقسِمِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لبني عبدِ شَمسٍ، ولا لبني نَوفَل، قال ابنُ إسحاقَ: عبدُ شمسٍ وهاشمٌ والمُطَّلِبُ: إخوةٌ لأُمٍّ، وأمُّهُم عاتكةُ بنتُ مُرَّةَ، وكان نَوفَل أخاهم لأبيهم [547] رواه البخاري (3140). .
وَالْيَتَامَى.
أي: ولِيَتامى المُسلمينَ، الذين مات آباؤُهم وهم أطفالٌ [548] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/200)، ((البسيط)) للواحدي (10/163)، ((تفسير ابن كثير)) (4/65)، ((تفسير السعدي)) (ص: 321). قال الواحديُّ: (قال أهلُ المعاني: كلُّ من مات أبوه وهو صَغيرٌ، فهو يتيمٌ، ولا يُتْمَ بعد البُلوغِ، وكلُّ ولدٍ يتيمٌ مِن قِبَلِ أُمِّه إلَّا الإنسانَ فإنَّه يتيمٌ مِن قِبَلِ أبيه). ((البسيط)) (10/163). .
وَالْمَسَاكِينِ.
أي: وللمُحتاجينَ مِن المُسلِمينَ [549] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/200)، ((تفسير ابن كثير)) (4/65)، ((تفسير السعدي)) (ص: 321). .
وَابْنِ السَّبِيلِ.
أي: وللمُسافِرِ المُحتاجِ للمالِ في سَفَرِه [550] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/200)، ((تفسير ابن كثير)) (4/65)، ((تفسير السعدي)) (ص: 321). .
إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ.
أي: امتَثِلوا- أيُّها المؤمنونَ- ما شَرَعْناه لكم في قِسمةِ الغَنائِمِ، إن كُنتُم آمَنتُم باللهِ تعالى، وآمَنتُم بما أنزَلْنا على عَبدِنا محمَّدٍ، مِن آياتِ كِتابِنا [551] قال الشنقيطيُّ: (إن كُنْتُم آمَنْتُم باللهِ، وآمَنْتُم بالذي أنْزَلْنا على عَبْدِنا مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من هذه الآياتِ القُرآنيَّةِ؛ لأنَّ اللهَ أنزَلَها عليكم، ونَصَرَكم عندَ نُزولِها، وأمَرَكم فيها بأداءِ الخُمُسِ). ((العذب النمير)) (5/54). قال ابنُ عاشورٍ: (والإنزالُ: هو إيصالُ شَيءٍ مِن عُلوٍ إلى سُفلٍ... فيجوز أن يكونَ هذا المُنَزَّل من قَبيلِ الوَحيِ، أي: والوحي الذي أنزَلْناه على عَبدِنا يومَ بَدرٍ... ويجوزُ أن يكونَ مِن قَبيلِ خَوارِقِ العاداتِ، والألطافِ العَجيبةِ، مثل إنزال الملائكةِ للنَّصرِ، وإنزالِ المطَرِ عند حاجةِ المُسلمين إليه، لتعبيدِ الطَّريقِ، وتثبيتِ الأقدامِ، والاستِقاءِ... ولا مانِعَ من إرادةِ الجَميعِ). ((تفسير ابن عاشور)) (10/14). ويُنظر: ((البسيط)) للواحدي (10/165). ، يومَ فرَقَ اللهُ بين الحَقِّ والباطِلِ، يومَ الْتَقى جمعُ المُسلمينَ وجَمعُ الكُفَّارِ بِبَدرٍ [552] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/200)، ((زاد المسير)) لابن الجوزي (2/213)، ((تفسير ابن كثير)) (4/65)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/54). قال ابن عطية: (ويومُ الفُرقانِ: معناه يومُ الفَرْقِ بين الحقِّ والباطِلِ، بإعزازِ الإسلامِ وإذلالِ الشِّركِ، والفُرقانُ مصدَرٌ: مِن فَرَقَ يَفرُقُ، والجَمْعانِ: يريدُ جَمعَ المُسلِمينَ، وجمعَ الكُفَّارِ، وهو يومُ الوقعةِ التي قُتِلَ فيها صناديدُ قُريشٍ ببَدرٍ، ولا خلافَ في ذلك، وعليه نصَّ ابنُ عبَّاسٍ ومجاهدٌ ومِقْسَمٌ، والحسنُ بن علي وقتادةُ وغيرهم). ((تفسير ابن عطية)) (2/532). وقال ابنُ عاشور: (كان يومُ بَدرٍ فارقًا بين الحَقِّ والباطِلِ؛ لأنَّه أوَّلُ يومٍ ظَهرَ فيه نصرُ المُسلمين الضُّعفاءِ على المُشركينَ الأقوياءِ، وهو نَصرُ المُحِقِّينَ الأذلَّةِ على الأعزَّةِ المُبطِلينَ، وكفى بذلك فُرقانًا وتَمييزًا بين مَن هم على الحَقِّ، ومَن هم على الباطِلِ). ((تفسير ابن عاشور)) (10/15). .
وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
أي: واللهُ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ، لا يُعجِزُه شَيءٌ، ومِن ذلك قُدرَتُه على نَصرِ المُؤمنينَ على الكافرينَ، وإن كانوا قِلَّةً أذلَّةً، كما وقع يومَ بَدرٍ [553] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/200)، ((البسيط)) للواحدي (10/166)، ((تفسير السعدي)) (ص: 322)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/61). .
إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
لَمَّا ذكَرَ اللهُ لهم يومَ مُلتَقاهم، صوَّرَ لهم حالَتَهم الموضِّحةَ للأمرِ، المُبَيِّنةَ لِمَا كانوا فيه مِن اعترافِهم بالعَجزِ؛ تذكيرًا لهم بذلك، رَدعًا عن المُنازَعةِ، وردًّا إلى المُطاوَعةِ، فقال [554] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (8/285). :
إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ.
أي: فرَقَ اللهُ بينَ الحَقِّ والباطِلِ حينَ [555] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/203)، ((تفسير ابن كثير)) (4/66). وقيل: إنَّ إِذْ بدَلٌ مِن يَوْمَ الْفُرْقَانِ وممَّن قال بهذا: الزَّمخشريُّ والشِّنقيطيُّ. وقيل: إنَّه منصوبٌ بـ (اذكروا) مُقَدَّرًا، وهو قَولُ الزَّجَّاجِ. يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (2/223)، ((الدر المصون)) للسَّمين الحلبي (5/609)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/61). كُنتم نازلينَ بِضَفَّةِ وادي بَدرٍ، التي هي أقرَبُ إلى المدينةِ، ومُشرِكو قُريشٍ نازِلونَ بِضَفَّةِ وادي بَدرٍ، التي هي أبعَدُ من المدينةِ، وأصحابُ الإبِلِ الذين معهم تجارةُ المُشركينَ؛ في موضعٍ أسفَلَ منكم ممَّا يلي ساحِلَ البَحرِ [556] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/203)، ((البسيط)) للواحدي (10/166، 168)، ((تفسير أبي حيان)) (5/327)، ((تفسير ابن كثير)) (4/66)، ((تفسير السعدي)) (ص: 322)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/62). قال ابنُ عطيَّةَ: (وادي بدرٍ آخِذٌ بين الشَّرقِ والقبلةِ، مُنحَرِفٌ إلى البَحرِ الذي هو قريبٌ مِن ذلك الصُّقعِ، والمدينةُ مِن الوادي مِن مَوضِعِ الوقعةِ منه في الشَّرقِ، وبينهما مرحلتانِ... والركبُ بإجماعٍ مِن المفسِّرينَ عِيرُ أبي سُفيانَ، ولا يقال: ركْبٌ إلا لرُكَّابِ الإبِلِ). ((تفسير ابن عطية)) (2/532). وقال الشِّنقيطي: (ومعنى كَونِه أسفَلَ: أنَّ وادي بدرٍ ذاهِبٌ إلى جِهةِ البَحرِ؛ فكُلُّ ما قرُبَ من البَحرِ منه فهو أسفَلُ، وما بَعُدَ منه فهو أعلى). ((العذب النمير)) (5/64). .
وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ.
أي: ولو اتَّفَقتُم- أيُّها المؤمنونَ- مع المُشركينَ على القتالِ في مكانٍ وزمانٍ مُحَدَّدينِ؛ لَمَا اجتمَعْتُم في ذلك المَوعِد [557] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/206)، ((تفسير ابن كثير)) (4/66)، ((تفسير السعدي)) (ص: 322)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/18، 19)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/65). قال السعديُّ: (لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ أي: لا بدَّ مِن تقدُّم أو تأخُّر أو اختيارِ منزلٍ، أو غيرِ ذلك، مما يعرضُ لكم أو لهم، يصدفُكم عن ميعادِكم). ((تفسير السعدي)) (ص: 322). وقال ابنُ عاشورٍ: (والمعنَى: لو تواعدتُم لاختلفتُم في الميعادِ، أي: في وقتِ ما تواعَدْتُم عليه؛ لأنَّ غالبَ أحوالِ المتواعِدَينِ ألَّا يستويَ وفاؤُهما بما تواعَدَا عليه في وَقتِ الوفاءِ به، أيْ: في وقتٍ واحدٍ؛ لأنَّ التَّوقيتَ كان في تلك الأزمانِ تَقريبًا يُقَدِّرونَه بأجزاءِ النَّهارِ، كالضُّحى والعَصرِ والغروب؛ لا ينضَبِطُ بالدَّرَج والدَّقائق الفلكيَّة، والمعنى: فبِالأحرَى وأنتم لم تتواعَدُوا). ((تفسير ابن عاشور)) (10/19). وقال الشِّنقيطي: (لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ أي: لخافَ بعضُكم مِن بَعضٍ، وجبُنَ بعضُكم عن بعضٍ، ولَمَا اتَّفَقْتم ليحصُلَ ما حصل). ((العذب النمير)) (5/66). .
وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً.
أي: ولكِن جَمَعَكم اللهُ ببدرٍ على غيرِ ميعادٍ بينكم وبينهم؛ لِينصُرَ اللهُ المؤمنينَ ويُعِزَّهم، ويُهلِكَ الكافرينَ ويُذِلَّهم، وكان ذلك قضاءً مُقدَّرًا لا بدَّ مِن وُقوعِه [558] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/206)، ((البسيط)) للواحدي (10/169)، ((تفسير ابن كثير)) (4/67)، ((تفسير السعدي)) (ص: 322)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/20)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/66). .
عن كعبِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (إنَّما خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والمُسلمونَ، يريدونَ عيرَ قُريشٍ، حتى جمَعَ اللهُ بينهم وبين عَدُوِّهم على غيرِ مِيعادٍ) [559] رواه البخاري (3951) ومسلم (2769)، واللفظ له. .
لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ.
أي: جمعَ اللهُ بين المؤمنينَ والكافرينَ بِبَدرٍ، ونصَرَ المؤمنينَ عليهم؛ وفرَق بين الحقِّ والباطِلِ؛ من أجلِ أن يستمِرَّ في الكُفرِ مَن استمَرَّ فيه بعد قيامِ الحُجَّةِ عليه، ووضوحِ الأمرِ ببطلانِ الكُفْرِ، فلا يبقَى له عذرٌ عندَ الله، ويؤمِنَ مَن آمنَ بعد ظُهورِ الحجَّةِ له، ووضوحِ الأمرِ بما لا شكَّ فيه أنَّ الإسلامَ حقٌّ [560] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/68، 69)، ((تفسير السعدي)) (ص: 322)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/21)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/67). قال الواحدي: (أكثَرُ أهلِ العِلمِ على أنَّ المُرادَ بالهلاكِ هاهنا: الكُفرُ والضَّلالُ، وبالحياةِ: الاهتداءُ والدِّينُ، والمعنى: لِيَكفُرَ مَن كَفَرَ بعد حُجَّةٍ قامت عليه، فقَطَعَت عُذرَه، ويؤمِنَ مَن آمَنَ على مِثلِ ذلك). ((التفسير الوسيط)) (2/463). .
كما قال تعالى: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: 122] .
وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ.
أي: وإنَّ اللهَ لَسَميعٌ لِجَميعِ الأصواتِ، ومِن ذلك أنه سميعٌ لدُعائِكم، وتَضَرُّعِكم، واسْتِغاثَتِكم به، عليمٌ بكُلِّ شَيءٍ؛ فيعلمُ الظواهرَ والضمائرَ والسرائرَ، والغيبَ والشهادةَ، وكلِّ ما يفعلُه خلقُه، لا تخفَى عليه خافِيةٌ، ومِن ذلك علمُه أنَّكم تستحِقُّون النَّصْرَ على أعدائِكم الكفرةِ المعانِدينَ، فاتَّقوا ربَّكم في منطِقِكم أنْ تنطِقوا بغيرِ حَقٍّ، وفي قُلوبِكم أنْ تعتقِدوا فيها غيرَ الرَّشَدِ [561] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/208)، ((تفسير ابن كثير)) (4/69)، ((تفسير السعدي)) (ص: 322)، ((تفسير ابن عاشور)) (10/21)، ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/67). .

الفوائد التربوية:

- قال الله تعالى: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ الغَرَضُ مِن التَّقييدِ بهذا الوَقتِ وبتلك الحالةِ: إحضارُها في ذِكرِهم؛ لأجلِ ما يلزَمُ ذلك من شُكرِ نِعمةِ الله، ومِن حُسنِ الظَّنِّ بوَعدِه، والاعتمادِ عليه في أمورِهم؛ فإنَّهم كانوا حينئذٍ في أشَدِّ ما يكونُ فيه جيشٌ تِجاهَ عَدُوِّه؛ لأنَّهم يعلمونَ أنَّ تلك الحالةَ كان ظاهِرُها مُلائمًا للعَدُوِّ؛ إذ كان العدوُّ في شَوكةٍ، واكتمالِ عُدَّةٍ، وقد تمهَّدَت له أسبابُ الغَلَبةِ بحُسنِ مَوقِعِ جيشِه؛ إذ كان بالعُدوةِ التي فيها الماءُ لِسُقياهم، والتي أرْضُها مُتوسِّطةُ الصَّلابةِ، فأمَّا جَيشُ المسلمينَ فقد وَجَدوا أنفُسَهم أمامَ العَدُوِّ في عُدوةٍ تَسوخُ في أرضِها الأرجُلُ؛ مِن لِينِ رَملِها، مع قِلَّةِ مائِها، وكانت العِيرُ قد فاتت المسلمينَ، وحلَّتْ وراءَ ظُهورِ جَيشِ المُشركينَ، فكانت في مأمَنٍ مِن أن ينالَها المُسلمونَ، وكان المُشركونَ واثِقينَ بتَمَكُّنِهم مِنَ الذَّبِّ عن عِيرِهم، فكانت ظاهرةُ هذه الحالةِ ظاهرةَ خَيبةٍ وخَوفٍ للمُسلمينَ، وظاهرةَ فَوزٍ وقُوَّةٍ للمُشركينَ، فكان مِن عجيبِ عِنايةِ اللهِ بالمُسلمينَ أنْ قَلَب تلك الحالةَ رأسًا على عَقِبٍ، فأنزل مِن السَّماءِ مَطَرًا تعبَّدَت به الأرضُ لِجَيشِ المُسلمينَ، فساروا فيها غيرَ مَشقوقٍ عليهم، وتطَهَّروا وسَقَوا، وصارت به الأرضُ لِجَيشِ المُشركينَ وَحلًا يثقُلُ فيها السَّيرُ، وفاضت المياهُ عليهم [563] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/17، 18)، ويُنظر: أيضًا: ((تفسير الزمخشري)) (2/223). .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قَولُ اللهِ تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فيه أنَّ تخليةَ الخُمُس للأصنافِ الخمسةِ مِنَ الإيمانِ [564] يُنظر: ((شعب الإيمان)) للبيهقي (6/169)، ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 135). .
2- قَولُ اللهِ تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ استدَلَّ بِعُمومِه مَن قال باستحقاقِ الأغنياءِ مِن الأربعةِ المَذكورينَ أو بَعضِهم، كالفُقَراءِ، ومَن قال باستواءِ ذَكَرِهم وأُنثاهم [565] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 136). .
3- قَولُ اللهِ تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ استُدِلَّ بإضافةِ الغَنيمةِ لهم، على أنَّ الغانِمينَ مَلَكوها بمجَرَّدِ الغَنيمةِ [566] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 135). .
4- قَولُ اللهِ تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ دلَّ على جوازِ قسمةِ الغنائمِ في دارِ الحربِ، كما هو قولُ الشافعيِّ رحمه الله؛ لأنَّ قوله: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى... يقتضي ثبوتَ الملكِ لهؤلاء في الغنيمةِ، وإذا حصَل الملكُ لهم فيه، وجَب جوازُ القسمةِ؛ لأنَّه لا معنَى للقسمةِ على هذا التقديرِ إلا صرفُ الملكِ إلى المالكِ، وذلك جائزٌ بالاتفاقِ [567] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (15/485). .
5- قَولُ اللهِ تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ افتتاحُه بِقَولِه: وَاعْلَمُوا للاهتمامِ بِشَأنِه، والتَّنبيهِ على رعايةِ العَمَلِ به؛ فإنَّ المقصودَ بالعِلمِ تَقَرُّرُ الجَزمِ بأنَّ ذلك حُكمُ اللهِ، والعَمَلُ بذلك المَعلومِ [568] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/5). .
6- قال الله تعالى: وَلِذِي الْقُرْبَى وهم قَرابةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مِن بَني هاشِمٍ وبني المُطَّلِب، وأضافَه اللهُ إلى القرابةِ دليلًا على أنَّ العِلَّةَ فيه مُجرَّدُ القَرابةِ، فيستوي فيه غَنِيُّهم وفَقيرُهم، ذَكَرُهم وأُنثاهم [569] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 321). .
7- قَولُ اللهِ تعالى: وَالْيَتَامَى جعَلَ اللهُ لهم خُمُسَ الخُمُسِ رحمةً بهم؛ حيث كانوا عاجزينَ عن القِيامِ بمَصالِحِهم، وقد فُقِدَ مَن يقومُ بمَصالِحِهم [570] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 321). .
8- قولُه تعالى: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ أضاف اللهُ الغنيمةَ إلى الغانمينَ، وأخرَج منها خُمسَها، فدلَّ على أنَّ الباقيَ لهم، يُقسَمُ على ما قَسَمه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: للراجلِ سهمٌ، وللفارسِ سهمانِ لفرسِه، وسهمٌ له، وأمَّا هذا الخُمسُ، فيُقسَمُ خمسةَ أسهمٍ؛ سهمٌ للهِ ولرسولِه، يُصرفُ في مصالحِ المسلمينَ العامةِ، مِن غيرِ تعيينٍ لمصلحةٍ؛ لأنَّ الله جعَله له ولرسولِه، واللهُ ورسولُه غنيَّانِ عنه، فعُلِم أنَّه لعبادِ الله. فإذا لم يُعيِّنِ الله له مصرفًا، دلَّ على أنَّ مصرفَه للمصالحِ العامةِ، والخمسُ الثاني: لذي القربَى، والخمسُ الثالثُ لليتامَى، والخمسُ الرابعُ للمساكينِ، والخمسُ الخامسُ لابنِ السبيلِ [571] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 321). .
9- قَولُه تعالى: وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ جَرَت العادةُ بِذِكرِه قُدرَتَه عند نَصْرِه الضِّعافَ مِن عبادِه المتمَسِّكينَ بِدينِه، كما قال في الأحزابِ: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا [الأحزاب: 27] . وقال في الحُدَيبيةِ: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا [الفتح:21] كلُّ هذه الآياتِ على وتيرةٍ واحدةٍ، معناها: إنْ كُنتُم ضعافًا عاجزينَ، فهو- جلَّ وعَلا- قادِرٌ قَوِيٌّ، لا يَعجِزُ عن شَيءٍ؛ فإنَّه ينصُرُ أولياءَه ويُقَوِّيهم ويُقْدِرُهم على مَن هو أقوى مِنهم [572] يُنظر: ((العذب النمير)) للشنقيطي (5/60، 61). .

بلاغة الآيتين:

1- قوله: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فيه الانتقالُ لبيانِ ما أُجمل مِن حُكمِ الأنفال، الذي افتُتحتْ به السُّورةُ؛ ناسَبَ الانتقالَ إليه ما جَرَى مِنَ الأمْر بقِتالِ المشرِكينَ إنْ عادوا إلى قِتالِ المُسلِمينَ. والافتتاحُ بـواعْلَمُوا؛ للاهتِمامِ بشأنِه، والتَّنبيهِ على رِعايةِ العَملِ به؛ فإنَّ المقصودَ بالعِلمِ تَقرُّرُ الجزمِ بأنَّ ذلك حُكمُ اللهِ، والعملُ بذلك المعلومِ؛ فيكونُ واعْلَمُوا كنايةً مُرادًا به صريحُه ولازمُه [573] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/5). .
- وقولُه: مِنْ شَيْءٍ بيانٌ لعُمومِ (ما)؛ لئلَّا يُتوهَّمَ أنَّ المقصودَ غنيمةٌ مُعيَّنةٌ خاصَّةٌ [574] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/7). .
- وفيه أيضًا: حُسنُ تَركيبٍ؛ حيثُ أفْرَد كَينونةَ الخُمْسِ لله، وفَصَل بين اسمِه تعالى وبين المعاطيفِ بقولِهِ: خُمُسَهُ؛ ليَظْهَرَ انفرادُه تعالى بكينونةِ الخُمُسِ له، ثمَّ أَشْرَكَ المعاطيفَ معه على سَبيلِ التَّبعيَّةِ له، ولم يأتِ التركيبُ (فأنَّ للهِ خُمُسه وللرِّسولِ ولذي القُربى واليتامى والمساكين وابن السبيل خُمُسه) [575] يُنظر:((تفسير أبي حيان)) (5/326). .
- وإعادةُ اللامِ في وَلِذِي الْقُرْبَى دون غيرِهم مِن الأصنافِ الثَّلاثةِ؛ لدَفْعِ تَوهُّمِ اشتراكِهم في سَهمِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لمزيدِ اتِّصالِهم به عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ [576] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (4/22). .
- وفي قولِه: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ جِيءَ في الشَّرطِ بحرفِ (إنْ) التي شأنُ شَرطِها أن يكونَ مشكوكًا في وقوعِه؛ زيادةً في حثِّهم على الطاعةِ، حيثُ يَفرِضُ حالَهم في صُورةِ المشكوكِ في حُصولِ شَرْطِه؛ إلهابًا لهم؛ ليَبْعثَهم على إظهارِ تحقُّقِ الشَّرطِ فيهم [577] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/13). ؛ فهو من بابِ خِطابِ التَّهييجِ [578] يُنظر: ((البرهان)) للزركشي (2/247). .
- إضافةُ (يومٍ) إلى (الفُرْقانِ) في قولِه: يَوْمَ الْفُرْقَانِ إضافةُ تنويهٍ به، وتشريفٍ [579] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/15). .
- قولُه: وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اعتراضٌ بتذييل الآياتِ السَّابقةِ، وهو مُتعلِّقٌ ببعضِ جُمْلةِ الشَّرْطِ في قولِهِ: وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ؛ فإن ذلك دليلٌ على أنَّه لا يَتعاصَى على قُدرتِه شيءٌ [580] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/15). .
- وفيه مُناسَبةٌ حَسَنةٌ؛ حيثُ خَتَم بصِفةِ القُدرةِ قَدِيرٌ؛ لأنَّه تعالى نصَرَ المؤمنينَ على قِلَّتهم على الكافرينَ على كَثْرتِهم ذلك اليومَ [581] يُنظر:((تفسير أبي حيان)) (5/327). .
2- قوله: إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَـكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولًا لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ
- كَانَ تدلُّ على تحقُّق ثُبوتِ معنى خَبرِها لاسمِها من الماضي؛ فمعنى كَانَ مَفْعُولًا أنَّه ثَبَتَ له في عِلْمِ اللهِ أنَّه يُفعَل [582] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/20). ، وعبَّر بقولِه: مَفْعُولًا لتَحقُّق كَوْنه [583] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (5/329). .
- وتَنكيرُ أَمْرًا هنا؛ للتَّعظيمِ [584] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/20). .
- وقولُه: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ فيه دخولُ لامِ التَّعليلِ على فِعْل ليَهْلِكَ وهو تأكيدٌ لِلَّامِ الدَّاخِلةِ على ليَقْضِيَ في الجُملةِ المُبدَل منها [585] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/20). .
- ودلَّ معنى المجاوزةِ الذي في عَنْ على أنَّ المعنى أنْ يكونَ الهلاكُ والحياةُ صادرَينِ عن بيِّنةٍ، وبارزَينِ منها [586] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/21). .
- قولُه: وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ تذييلٌ يشيرُ إلى أنَّ الله سميعُ دُعاءِ المسلمين طلبَ النَّصْرِ، وسميعُ ما جرَى بينهم مِن الحوارِ في شأنِ الخروجِ إلى بَدْرٍ، ومِن مودَّتهم أن تكونَ غيرُ ذاتِ الشَّوكةِ هي إحْدى الطائفتَينِ التي يُلاقونها، وغير ذلك، وعليمٌ بما يجولُ في خواطِرهم من غير الأمورِ المسموعةِ، وبما يَصْلُح بهم، ويُبْنى عليه مَجْدُ مُستقبلِهم [587] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (10/21). .